جدول الأعمال الجديد في لقاء نتياهو- مبارك المرتقب
الجمل: برزت في أوساط الخبراء الإسرائيليين المزيد من المخاوف إزاء احتمالات أن تتصاعد وتائر التعاون السوري-المصري، وفي تطور موازي لهذه المخاوف تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مطالباً بضرورة تعزيز التعاون الإسرائيلي-المصري وعلى وجه الخصوص في مجالات مكافحة الإرهاب: فما هي حقيقة المخاوف الإسرائيلية؟ وما مدى مصداقية خلفيات تصريحات نتنياهو؟
* دبلوماسية خط القاهرة-تل أبيب: توصيف المستجدات الجارية
تقول المعلومات، بأن عوزي عراد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي قد قام بزيارة مؤخراً للعاصمة المصرية القاهرة، حيث التقى يوم الثلاثاء الماضي بوزير المخابرات المصرية عمر سليمان وذلك لجهة الآتي:
• التفاهم حول ترتيبات زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمصر ولقاءه مع الرئيس المصري حسني مبارك المحدد له يوم الخميس القادم.
• التفاهم حول ملف عملية سلام الشرق الأوسط، وكيفية حل نقطة الانغلاق التي انتهت إليها المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية.
لم تظهر أي تسريبات واضحة حول تفاهمات وزير المخابرات المصرية عمر سليمان -مستشار الأمن القومي الإسرائيلي عوزي عراد، ولكن، وبعد مرور ثلاثة أيام –أي 72 ساعة- على اللقاء دوى انفجار كنيسة القديسين في الإسكندرية وتطايرت أشلاء المصريين الذين كانوا يحتفلون بنهاية العام الميلادي 2010م داخل الكنيسة، ولاحقاً، وتحديداً بالأمس تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي مطالباً الرئيس المصري حسني مبارك بضرورة التعاون مع إسرائيل من أجل القضاء على خطر الإرهاب، وفي هذا الخصوص قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بالحرف الواحد "كل الأمم التي تدعم الحرية تقف صفاً متحداً في الحرب على الإرهاب".
* لقاء نتنياهو-مبارك : هل من جدول أعمال جديد؟
تشير المعطيات إلى أن لقاء مبارك-نتنياهو المرتقب كان من المفترض أن يتم على خلفية توازنات تتضمن الآتي:
- الموقف المصري المطالب بضرورة وقف الاستيطان كشرط ضروري لاستمرار فعاليات عملية سلام الشرق الأوسط إضافة إلى عدم تدخل إسرائيل في دول منابع النيل دون التفاهم المسبق مع مصر.
- الموقف الإسرائيلي المطالب بضرورة استمرار فعاليات عملية سلام الشرق الأوسط دون التقيد بشرط وقف الاستيطان إضافة إلى نفي أي توجهات إسرائيلية معادية للمصالح المصرية في دول حوض النيل.
ولكن، على خلفية قيام أجهزة الأمن المصرية مؤخراًَ باعتقال الجاسوس الإسرائيلي إضافة إلى انفجار الإسكندرية، يضاف إليها تصريحات نتنياهو المتعلقة بمحاربة الإرهاب، فمن المتوقع أن يتغير جدول أعمال لقاء نتنياهو-مبارك بما يشمل البنود الآتية:
• التعاون المصري-الإسرائيلي لجهة محاربة الإرهاب.
• تفادي التصعيدات السلبية في ملف العلاقات المصرية-الإسرائيلية.
هذا، وتشير المعطيات الجارية إلى تزايد شكوك المصريين إزاء حقيقة النوايا الإسرائيلية ليس إزاء ملف عملية سلام الشرق الأوسط وحسب، وإنما إزاء ملف أمن واستقرار مصر، ومن أبرز المعطيات الدالة على تلك الشكوك المصرية:
- مؤشر تزايد شبكات التجسس الإسرائيلية في مصر، بما يشير إلى أن إسرائيل برغم إعلانها أن الحرب مع مصر قد انتهت بموجب اتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية، فإن تل أبيب قد استمرت في هذه الحرب باستخدام الوسائل الأخرى، والتي من أبرزها الوسائل المخابراتية والوسائل الاقتصادية إضافة إلى الوسائل الاجتماعية المتمثلة في عمليات تهريب المخدرات إلى مصر.
- مؤشر تورط إسرائيل في تخطيط وتنفيذ المزيد من العمليات السرية الساعية إلى تقويض التعايش المجتمعي المصري، ومن أبرز الشواهد تورط دوائر اللوبي الإسرائيلي في استخدام ملف الأقباط المصريين لجهة الضغط على القاهرة، إضافة إلى الشكوك المتزايدة التي تفيد لجهة تورط إسرائيل في تفجير الإسكندرية الذي هدف إلى تمزيق النسيج الاجتماعي المصري.
وتأسيساً على القاعدة القائلة بأن قواعد الاشتباك على المستويين العسكري أو الدبلوماسي تخضع في نهاية الأمر على شكل السباق الذي تدور مجرياتها ضمنه، وبالتالي فإن القراءة الأكثر دقة تقول الآتي:
• لقد سعت إسرائيل إلى تغيير السياق الذي تدور ضمنه مجريات روابطها وتفاهماتها الدبلوماسية مع مصر.
• إن التورط الإسرائيلي في مصر لم يعد يخفى على أحد بما في ذلك الرئيس المصري حسني مبارك ووزير مخابراته عمر سليمان، واللذان أصبحا يدركان بشكل واضح سردية الأيادي الخفية المخابراتية ليس في مصر وحسب، وإنما في كامل رقعة المجال الحيوي الخاص بالأمن المصري.
الأكثر أهمية في تداعيات انفجار كنيسة القديسين أن الرئيس المصري حسني مبارك قد تحدث بوضوح مشيراً إلى الأيادي الخارجية ودورها في العملية التفجيرية، مؤكداً بأن مصر سوف تسعى لقطع هذه الأيادي، وإضافة لذلك، فقد جاء حديث بطريرك الأقباط المسيحيين البابا شنودة مؤكداً بأنه لا أطراف مصرية وراء حادثة الانفجار، وإنما الأطراف الخارجية هي التي خططت ونفذت حادثة الاعتداء.
* لقاء نتنياهو-حسني مبارك: الحرب الباردة المحتملة
ترتبط مفاعيل علاقات التعاون أو الصراع بمدى مصداقية مفردات معادلة حسابات الفرص والمخاطر، وعلى هذا الأساس فإن لقاء مبارك-نتنياهو المرتقب سوف يستند على الآتي:
• مدى إدراك كل طرف لنفسه وللطرف الآخر.
• معالم خارطة الطريق التي يسعى كل طرف لإقناع الطرف الآخر بها.
وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
- سوف يسعى بنيامين نتنياهو لجهة تصنيف الفرص المتاحة أمام الرئيس المصري حسني مبارك لجهة التأكيد على ضرورة أن تسعى القاهرة للتعاون مع إسرائيل في ملف محاربة الإرهاب الذي لم يعد يهدد إسرائيل وحسب وإنما مصر أيضاً.
- سوف يسعى نتنياهو لدفع الرئيس المصري مبارك لجهة اعتماد مفهوم للإرهاب يتضمن حركة حماس وحزب الله اللبناني وفصائل المقاومة الفلسطينية كحركات إرهابية.
- سوف يسعى نتنياهو لدفع الرئيس مبارك لجهة اعتماد مبدأ وضع قائمة إرهاب مشتركة إسرائيلية-مصرية تكون على غرار قائمة الإرهاب الأمريكية، بحيث تتضمن التوافق المشترك على إدراج أسماء الحركات والأفراد والمنظمات وربما الدول التي تنظر إليها إسرائيل باعتبارها حركات وقوى إرهابية.
من المتوقع أن يسعى موقف الرئيس المصري حسني مبارك إلى تفادي التورط في تفاهمات محددة بهذا الخصوص مع نتنياهو، ولكن ما هو أكثر خطورة سوف يتمثل في دخول واشنطن على الخط، وذلك لجهة الضغط على القاهرة لكي تقبل التعاون مع تل أبيب في مكافحة الإرهاب، وقد سبق أن رأينا كيف أن واشنطن قد تدخلت لجهة الضغط على القاهرة من أجل بناء الجدار المصري العازل مع قطاع غزة، وقد تم بناء الجدار قبل أن يكتمل الجدار الإسرائيلي العازل مع الضفة الغربية.
الآن، بحسب تحليل المعطيات الجارية، فإن الرئيس المصري حسني مبارك أمام خيار القبول بالتعاون الأمني المفتوح مع الإسرائيليين بحيث تصبح السلطة المصرية مثل السلطة الفلسطينية، ويصبح رئيس جمهورية مصر حسني مبارك مثل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، أو أن يختار الرئيس المصري مبارك مسار القرار المستقل وردع نتنياهو من مغبة التمادي في ابتزاز أمن وسيادة مصر.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد