تكثيف الغارات على ليبيا
أعلن التحالف الدولي الذي يقود العمليات العسكرية في ليبيا، أمس، تكثيف الغارات الجوية على قوات الرئيس معمر القذافي، وذلك بهدف مؤازرة الثوار الليبيين، الذين حققوا تقدماً في الغرب بسيطرتهم على معبر في تونس، فيما أعلنت الولايات المتحدة استئناف مشاركتها في الغارات الجوية على ليبيا من خلال طائرات استطلاع مزودة بصواريخ، على غرار تلك التي تستخدمها في أفغانستان وباكستان، في وقت أعربت روسيا عن معارضتها لإرسال خبراء فرنسيين وبريطانيين وإيطاليين إلى بنغازي، معتبرة أن هذا الإجراء يتعارض مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، ويمهّد لتدخل عسكري مباشر في ليبيا.
وقال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس إن الولايات المتحدة سترسل طائرات من دون طيار، مزودة بصواريخ، للمشاركة في العملية التي يقودها الحلف الأطلسي في ليبيا، معتبرا هذه المشاركة «مساهمة متواضعة» في جهود التحالف الدولي.
وأشار غيتس إلى ان قرار استخدام طائرات من دون طيار مزودة بصواريخ اتخذ بسبب «الوضع الإنساني» في ليبيا، ولأنها توفر قدرة لا توفرها أنواع أخرى من الطائرات العسكرية، لافتاً إلى أن طائرتين من هذا النوع ستكونان دوما في الخدمة في الأجواء الليبية. وحرص الوزير الأميركي على التشديد على ان هذه الخطوة لا تغير شيئا في طبيعة المهمة الأميركية داخل التحالف.
يذكر أن هذا النوع من الطائرات تستخدمه قوات الاحتلال الأميركي في أفغانستان لمطاردة مقاتلي حركة طالبان على امتداد الحدود مع باكستان.
وأعلنت رئاسة الأركان الفرنسية ان الطائرات الفرنسية نفذت بين 14 و21 نيسان 225 طلعة جوية فوق ليبيا في اطار عمليات التحالف، مشيرة إلى أن هذا الرقم «أعلى بقليل» منه في الأسبوع الماضي. وأوضح المتحدث باسم رئاسة الأركان أن هذه الطلعات سمحت بـ«إعطاب العديد من الآليات العسكرية وبينها مدرعات في مناطق القتال في مصراتة وأجدابيا، وتدمير مخازن ذخيرة في سرت».
وشن حلف شمال الأطلسي غارات على مدينة غريان، الواقعة على بعد 90 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس. وقال مصدر عسكري ليبي إن «مدينة غريان تعرضت لقصف العدوان الاستعماري الصليبي ما أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين وإصابة آخرين»، مشيراً إلى أن القصف «أدى أيضا إلى تدمير عدد من منازل سكان مدينة غريان وترويع أسرها من الأطفال والنساء»، مشيراً إلى أن «كل صاروخ أو قنبلة يسقطها الصليبيون على الليبيين يدفع ثمنه الشيوخ العملاء القطريون والإماراتيون».
وكانت «وكالة أنباء الجماهيرية» ذكرت أن الطائرات الأطلسية شنت غارات على مدينة خلة الفرجان جنوب غربي طرابلس، ما أسفر عن «مقتل سبعة مدنيين وإصابة 18 آخرين بجروح، وتدمير عدد من المنازل وترويع الأسر من الأطفال والنساء في المنطقة».
لكن الحلف الأطلسي نفى أن تكون غاراته قد أوقعت ضحايا مدنيين. وقال مصدر في الحلف «حصلت غارات جوية للحلف الأطلسي في منطقة خلة الفرجان والهدف كان تحصينا يضم مركزا للقيادة والسيطرة في وسط قاعدة عسكرية...وليس هناك أي مؤشر على سقوط ضحايا مدنيين».
في هذا الوقت، سيطر الثوار الليبيون على معبر وازن، أحد أبرز المعابر الحدودية بين ليبيا وتونس. وبحسب شهود عيان فإن الثوار تمكنوا من السيطرة على هذا المعبر الواقع على الطريق بين مدينتي نالوت الليبية والذهيبة التونسية بعد معارك قصيرة، فر على أثرها 102 من جنود وضباط كتائب القذافي الى الجانب التونسي من الحدود بعدما ألقوا أسلحتهم.
وفي بنغازي، قال مسؤولون في «شركة الخليج العربي للنفط»، التي تسيطر عليها المعارضة الليبية، إن القوات الموالية لمعمر القذافي هاجمت محطة لضخ النفط في شرق البلاد، مشيرين إلى أن ثمانية أشخاص قتلوا في الهجوم، الذي قد يؤخر جهود استئناف الإنتاج من حقلي السرير ومسلة اللذين تسيطر عليهما المعارضة.
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن بلاده «تعارض تماما» إرسال قوات برية الى ليبيا. وقال جوبيه ردا على سؤال حول إرسال مستشارين عسكريين فرنسيين إلى بنغازي، إن بلاده تتحرك حصرا ضمن تفويض القرار 1973 الصادر عن مجلس الامن الدولي، مشدداً على أن «لا قوات مقاتلة ولا قوات احتلال برية في ليبيا، من جهتنا على الأخص».
ورأى أنه «ينبغي مواصلة الضغط العسكري لصد القذافي، فهو لن يرحل تلقائيا، وينبغي تسهيل عملية الحوار الوطني السياسي بين جميع الفاعلين في ليبيا الجديدة، أي المجلس الوطني الانتقالي وهو هيئة تمثيلية، والأطراف الأخرى في طرابلس التي أدركت انه لا مستقبل مع القذافي... أما المعارك الميدانية فهي من شؤون الليبيين والمجلس الوطني الانتقالي».
وكانت باريس قررت إرسال عشرة خبراء عسكريين إلى بنغازي، كما أعلنت روما عن خطوة مماثلة، في حين قررت لندن إرسال نحو 20 عسكرياً. لكن روسيا رأت في هذه الخطوات الغربية بداية لعملية عسكرية برية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف «نعتبر ان هذه الأفعال تنطوي على مخاطر جمة ولا تعرف نتائجها»، مشددا على ان إرسال مستشارين عسكريين غربيين لمساعدة الثوار الليبيين ينطوي «بوضوح على تدخل بري في النزاع». وأشار إلى أن «التاريخ حافل بالأمثلة المشابهة. نبدأ بإرسال مدربين، ومن ثم يطول الأمر لسنوات عديدة، ما يؤدي الى سقوط آلاف القتلى من كل جانب»، مضيفا «نحن قلقون للغاية مما يجري في ليبيا».
وحذر النظام الليبي المجتمع الدولي من النتائج التي ستترتب على اعتزام إيطاليا وبريطانيا وفرنسا إرسال عدد من المستشارين العسكريين. واعتبرت وزارة الخارجية الليبية هذه الإجراءات «تدخلا في الشؤون الداخلية للدولة الليبية، وخرقا لقرار مجلس الأمن 1973، وانتهاكا لسيادة ووحدة الأراضي الليبية، وعاملا خطيرا يؤجج ويوسع الصراع الحالي داخل ليبيا».
وقال المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى إبراهيم إن نظام القذافي يسلح مدنيين للتصدي لأي هجوم بري محتمل تشنه قوات حلف شمال الأطلسي، محذراً من انه «إذا جاءت قوات الحلف إلى مصراتة أو أي مدينة ليبية أخرى فإن الليبيين سيفتحون عليهم أبواب الجحيم وستكون المواجهة أسوأ عشر مرات عما يحدث في العراق». وأضاف أن الحكومة الليبية تسلح السكان جميعا ليس لمحاربة «المتمردين» وإنما لمحاربة حلف الأطلسي.
من جهته شدد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، خلال اتصالات هاتفية مع كل من الرئيس الأميركي باراك اوباما ورئيسي الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني والقطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، على «أهمية ممارسة ضغط عسكري ودبلوماسي متزايد» على القذافي، فيما أعلن البيت الأبيض ان أوباما «يدعم» قرار الحلفاء إرسال مستشارين عسكريين الى الثوار الليبيين و«يعتقد انه سيساعد المعارضة».
لكن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أعلنت بوضوح ان الولايات المتحدة لن تقدم على مثل هذه الخطوة، مؤكدة أيضا ان بلادها لا تعتزم إرسال قوات برية الى ليبيا. وأعربت كلينتون عن أسفها لمواصلة كتائب القذافي هجماتها «المروعة» ضد المدنيين. ونقل راديو سوا الأميركي عن كلينتون، عقب اجتماعها بنظيرها الألماني غيدو فيسترفيله، «لقد اتفقنا على ضرورة تنحي القذافي»، مشددة على ضرورة بدء «عملية ديموقراطية تعكس إرادة جميع الليبيين وطموحاتهم».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد