سوريا تؤكد تلازم الأمن والإصلاح وأنقرة تعرض خبرتها
واصلت سوريا إجراءاتها لضبط الوضع الأمني في وقت يختبر فيه الاوروبيون والاميركيون المدى الذي يمكن لهم الوصول اليه في محاولات التدخل في الشأن السوري من خلال الملف «الإنساني»، سواء في جنيف او بروكسل، بعد تعثر المحاولة في نيويورك. وفي الوقت ذاته، استقبلت دمشق التي جددت التعهد بإعلان إصلاحات جديدة خلال الايام المقبلة، وعلى تلازم الأمن وعملية الاصلاح، وفدا تركيا رفيع المستوى ضم مدير الاستخبارات التركي حاقان فيدان إلى جانب وكيل معهد التخطيط الحكومي، الذي عرض التجربة التركية في مجال الاصلاح الاقتصادي والسياسي.
والتقى الرئيس بشار الأسد ورئيس الحكومة عادل سفر، الوفد التركي، فيما أكد وزير الاعلام السوري عدنان محمود ان السلطات السورية مصممة على «متابعة عملية الاصلاح الشامل»، مؤكدا على تلازم هذا المسار مع إعادة «استتباب الامن والاستقرار والطمأنينة» للمواطنين. كما نفت دمشق التقارير التي تحدثت عن استقالات في حزب البعث، وكذبت التقارير التي تحدثت عن سقوط مئات القتلى في صفوف المدنيين مؤكدة ان «عدد الشهداء من الجيش وقوى الأمن والشرطة قد بلغ منذ بدء الأحداث حتى الآن 78 شهيدا مقابل 70 مدنيا».
وفيما استمرت الدعوات للتظاهر في المدن السورية اليوم، أهابت وزارة الداخلية بالمواطنين الامتناع عن التظاهر من دون الحصول على موافقة قانونية مسبقة.
في هذه الأثناء، ذهب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو، خلال مؤتمر صحافي مرتبط بالسلامة النووية في اليابان، إلى التأكيد للمرة الأولى على أن «المنشأة التي دمرتها اسرائيل (في دير الزور في العام 2007) كانت مفاعلا نوويا قيد الإنشاء»، لكن الوكالة عادت وأصدرت تصريحا أكدت فيه أنه «لم يقل إن الوكالة توصلت إلى خلاصة بأن الموقع كان على وجه مؤكد، موقعا نوويا».
والتقى فيدان الذي زار دمشق أمس، على رأس وفد من المسؤولين الأتراك البارزين، الرئيس الأسد إضافة إلى رئيس الوزراء عادل سفر و«تشارك مع المسؤولين السوريين التجارب في مجال الإصلاحات السياسية والاقتصادية». وأفادت وكالة «سانا»، بأن سفر بحث «مع الوفد الفني والتقني التركي آلية التعاون المشترك بين حكومتي البلدين للاستفادة من الخبرة التركية في مجال تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية وتطوير البنى والهيكليات الإدارية».
وأعرب سفر عن «تقدير المواقف التركية لجهة دعم عملية الإصلاح الجارية في سوريا والخطوات الكبيرة التي قامت بها الحكومة من خلال قوانين رفع حالة الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة وإحالة القضايا المعروضة أمامها إلى القضاء العادي وتنظيم حق التظاهر السلمي إضافة إلى المشاريع التي تعمل على إنجازها خلال فترة قريبة في ما يخص الأحزاب والإعلام والإدارة المحلية». وعرض رئيس هيئة التخطيط التركية كمال مدن اوغلو «تجربة تركيا خلال السنوات العشر الماضية والآليات والبرامج التي تم اعتمادها لتنفيذها ونتائج تطبيقها على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبناء الثقة بين المواطنين والبرامج والخطط الإصلاحية».
كما تم التأكيد على أهمية التعاون والتنسيق بين هيئة التخطيط والتعاون الدولي في سوريا ونظيرتها في تركيا للتباحث في الآليات الممكن الاستفادة منها في دفع عملية الإصلاح المنشودة في سوريا وفق الأولويات التي يتم تحديدها في جميع القطاعات وتكثيف اللقاءات بين الهيئتين ووضع برنامج زمني لتعاونهما في هذا المجال.
وفيما قال مصدر دبلوماسي تركي إن «هناك مشاكل مؤسساتية حقيقية في سوريا ويجب التغلب عليها»، مشيرا الى ان الرسالة التي سيتم نقلها تدعو على وجه الخصوص الى وضع نهاية لاستخدام العنف من قبل القوات السورية ضد المتظاهرين وتنفيذ اصلاحات اقتصادية وسياسية فورية، عقد مجلس الأمن القومي التركي اجتماعا برئاسة الرئيس عبد الله غول في أنقرة بمشاركة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ورئيس الهيئة العامة لأركان الجيش الجنرال اشيك كوشنير.
وركّز المجلس على «أهمية عملية الإصلاح في سوريا وضرورة استمرارها»، مؤكدا أن «تركيا تدعم الإصلاح في سوريا، كما تدعو أجهزة الأمن السورية إلى ابداء المزيد من الحساسية تجاه المتظاهرين».
وقال وزير الاعلام السوري انه منذ بداية الاحداث في سوريا «هناك اكثر من خمسين شهيدا من الجيش وعشرات الشهداء من الشرطة ومئات الجرحى. لقد قاموا بالتمثيل بجثثهم من دون اي رادع اخلاقي او انساني او ديني». ورأى ان «الشعب السوري مدرك بعمق لهذا المخطط المدعوم بالمال والسلاح ولأدواته في الداخل والخارج والذي يستهدف سوريا ودورها ومواقفها القومية والوطنية». وأكد الوزير السوري ان «الجيش تدخل بناء على مناشدات الاهالي لفرض استتباب الامن وملاحقة هذه المجموعات التي روعت السكان الآمنين». وأضاف ان «هناك حرصا على ان يعيش الاهالي بأمان واطمئنان ويمارسوا حياتهم الطبيعية».
في المقابل، صرح مصدر عسكري سوري مسؤول «أن عدد الشهداء من الجيش وقوى الأمن والشرطة قد بلغ منذ بدء الأحداث حتى الآن 78 شهيدا مقابل 70 مدنيا سقطوا جميعا ضحية العنف المأجور الذي استهدف أمن الوطن وسلامة المواطنين». كما ذكرت «سانا» أنه: «شيعت من مشفى تشرين العسكري والمشفى العسكري في حمص اليوم (أمس) جثامين أربعة شهداء من الجيش وقوى الأمن استهدفتهم مجموعات إرهابية متطرفة أمس (الأول) إلى مدنهم وقراهم».
ونفى مصدر حزبي لـ«سانا» ما تناقلته بعض وسائل الاعلام حول استقالات في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي في درعا وبانياس مؤكدا أن هذه الأنباء تدخل في إطار الحملة الإعلامية التي تتعرض لها سوريا والحزب. وأكد المصدر «تمسك البعثيين بمبادئ الحزب ودوره الوطني والقومي خلف قيادة السيد الرئيس بشار الأسد لدحر المؤامرة وأنهم اليوم أشد صلابة وعزماً من أي يوم مضى».
وتوالت الدعوات إلى التظاهر اليوم الجمعة في مدن سوريا، لا سيما من جماعة «الإخوان المسلمين» السورية. ونقلت وكالة «رويترز» من عمّان عن «الإخوان» توجهها للسوريين في بيان بالقول: «لا تدعوا النظام يحاصر إخوانكم. اهتفوا بصوت واحد للحرية والكرامة. لا تدعوا الطاغية يستعبدكم. الله أكبر».
وأعلنت وزارة الداخلية السورية أنها «تهيب بالإخوة المواطنين في الظروف الراهنة المساهمة الفاعلة في إرساء الاستقرار والأمن ومساعدة السلطات المختصة في مهامها على تحقيق هذا الهدف الوطني وذلك بالامتناع عن القيام بأي مسيرات او تظاهرات أو اعتصامات تحت أي عنوان كان الا بعد اخذ موافقة رسمية على التظاهر، وتنبه الوزارة إلى أن القوانين المرعية في سوريا ستطبق خدمة لأمن المواطنين واستقرار الوطن».
من جهتها، قالت المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية) إن قوات الأمن السورية قتلت 500 مدني على الأقل، منذ بداية الأحداث، فيما قالت وكالة سانا للأنباء أن عدد الذين سقطوا في الأحداث الأخيرة هو 148 شخصا من مدنيين وعسكريين وعناصر أمن.
أما دوليا، فقالت مصادر دبلوماسية ان الاوروبيين سيناقشون تبني سلسلة عقوبات بحق سوريا، من تجميد المساعدات الى تجميد ارصدة مسؤولين وفرض حظر على الاسلحة. وتلحظ وثيقة اعدها الجهاز الدبلوماسي الاوروبي وسيبحثها اليوم الجمعة سفراء الدول الـ27 في بروكسل، وقف مساعدات الاتحاد الاوروبي في اطار سياسة التعاون وصناديق سياسة الجوار وقروض بنك الاستثمار الاوروبي.
المصدر: السفير +وكالات
إضافة تعليق جديد