إسرائيل تبقي قواتها في حال تأهب وواشنطن تلوم سوريا
خيمت أجواء الحزن والغضب، يوم أمس، على الأراضي الفلسطينية المحتلة والجولان وكل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان، حداداً على شهداء مسيرات العودة، في وقت اندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين وجنود الاحتلال في الضفة الغربية، فيما أبقت إسرائيل قواتها في حال تأهب قصوى على الحدود الفلسطينية - اللبنانية - السورية، وفي أراضي الضفة الغربية والمناطق المحاذية لقطاع غزة، في حين حملت الولايات المتحدة دمشق مسؤولية ما حدث، مشيرة إلى أن المسيرات استهدفت «صرف الأنظار» عن الأوضاع الداخلية في سوريا.
وشيع السوريون في القنيطرة أربعة شهداء، من مستشفى الشهيد ممدوح أباظة إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في دمشق وخان الشيخ.
كذلك، شيعت مخيمات عين الحلوة والبص والبرج الشمالي والجليل 11 شهيداً سقطوا برصاص الاحتلال في المواجهات التي شهدتها بلدة مارون الراس، وأعادوا تصويب بوصلة الصراع باتجاه العدو الاسرائيلي، وأعادوا أيضاً الاعتبار للقضية الفلسطينية بعدما كادت تضيع في معارك الزواريب وتجاذبات النفوذ في المخيمات.
كما عم الحداد كل الأراضي الفلسطينية، حيث نظم الفلسطينيون مسيرات تشييع رمزية لشهداء ذكرى النكبة. وساد إضراب لمدة ساعتين في الضفة الغربية، فيما نكست الأعلام الفلسطينية عن الوزارات والمقار الرسمية حدادا على أرواح الشهداء، في حين أعلنت القوى الفلسطينية عقب اجتماع مشترك لها في غزة، الإضراب العام ليوم واحد.
وأصيب عدد من مواطني قرية الطبقة القريبة من بلدة دورا جنوبي الخليل، وآخرون من بلدة الخضر في جنوبي بيت لحم، بجروح وحالات اختناق نتيجة إطلاق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع خلال مسيرة لإحياء ذكرى النكبة.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الجنرال يوعاف مردخاي أن الجيش أبقى «حالة الاستنفار القصوى في المناطق العسكرية في الشمال والجنوب (غزة ومصر) والوسط (الضفة الغربية)».
وانتشر المئات من شرطة الاحتلال في مجدل شمس في الجولان، حيث شنوا حملة تفتيش لاعتقال «مشتبه فيهم تسللوا من سوريا»، حسبما أوضح المتحدث باسم الشرطة ميكي روزنفيلد.
وأعلن الجيش الإسرائيلي تمديد إغلاق الضفة الغربية المحتلة 24 ساعة. وقالت مصادر فلسطينية الجيش الإسرائيلي كثفت إجراءاته القمعية على مداخل مدن الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة، كما عزز قيوده في المعابر لمنع أي تظاهرات سلمية في مناطق التماس.
وذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية أن غانتس أصدر تعليماته إلى قوات الجيش بأن تكون على أهبة الاستعداد للحيلولة دون أي عملية «تسلل» عبر الحدود، مشيرة إلى أنه أمر «فرقة الجولان» في الجيش بإجراء تحقيق في أحداث مجدل شمس و«استخلاص العبر منها»، واصفا ما حدث بأنه «سيئ». وقال رئيس الأركان الإسرائيلي في أول تقييم للأوضاع إنه يجب الفصل بين مرحلة الإعداد لمواجهة محاولات التسلل وعملية اتخاذ القرار ميدانيا، مشيرا إلى أن القرارات كانت «صائبة».
وأبرزت الصحف الإسرائيلية «تطويق» اسرائيل التي تتعرض «لهجوم من كل النواحي»، معتبرة أن نجاح المتظاهرين في اختراق الحدود الفلسطينية «سابقة». وصدرت صحيفة «يديعوت احرونوت» بعنوان «لم تبق حدود»، بينما تحدثت صحيفتا «معاريف» و«اسرائيل اليوم» عن «معركة حول السياج» ، معنونة افتتاحياتها بـ«السوريين عند السياج» و«الثورة العربية تدق أبواب اسرائيل»
وعلى الصعيد الدبلوماسي، تقدمت اسرائيل بشكوى ضد سوريا ولبنان من رئاسة مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إن «السلطات السورية واللبنانية لم تتحمل مسؤولياتها على رغم هذه التحذيرات».
وحمل الوزير الإسرائيلي موشيه يعلون الحكومتين السورية واللبنانية مسؤولية وصول ما وصفهم بـ«المتسللين» إلى السياج الأمني الفاصل مع إسرائيل، قائلا إن ما حدث في بلدة مجدل شمس السورية كان متوقعاً وكان ينبغي الإعداد لمواجهته. ونقل الموقع الإلكتروني للإذاعة الإسرائيلية عن يعلون قوله إنه «لا يمكن السماح بانتهاك السيادة الإسرائيلية»، معتبراً أن على إسرائيل أن «تستفيق من الأوهام وتدرك أنه ليس هناك شريك لحل الدولتين بحدود العام 1967».
كذلك تقدم لبنان بشكوى أمام الأمم المتحدة ضد اسرائيل داعيا مجلس الأمن إلى أن «يتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين والضغط على إسرائيل من أجل حملها على الإقلاع عن سياستها العدوانية والاستفزازية تجاه لبنان».
ووصف مسؤول في وزارة الخارجية السورية الممارسات الإسرائيلية بأنها «إجرامية»، مطالباً المجتمع الدولي بمحاسبتها. وأشار المسؤول السوري إلى أن الحركة الشعبية الفلسطينية هي نتاج انتهاك إسرائيل المتواصل لقرارات الشرعية الدولية واغتصاب الأراضي والحقوق والتملص من متطلبات السلام العادل والشامل.
في هذا الوقت، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني «نحن نأسف لسقوط أرواح بشرية ونتجه بأفكارنا إلى أسر القتلى والجرحى وأقاربهم». وأضاف أن «اسرائيل تملك مثل الدول كافة، الحق في منع محاولات اجتياز حدودها بشكل غير شرعي. وعلى جيرانها تقع مسؤولية منع مثل هذه الانشطة... ونحن ندعو الأطراف كافة إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس».
وأضاف كارني أن واشنطن «تعارض بشدة تدخل الحكومة السورية من خلال الحث على التظاهرات في هضبة الجولان» معتبرا أن «مثل هذا السلوك غير مقبول». وتابع «يبدو لنا بديهياً أن الأمر يتعلق بمحاولة لصرف الأنظار عن القمع الشديد الذي تمارسه الحكومة السورية على شعبها».
وفي باريس، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو إن «فرنسا تدين تلك الأحداث التي أوقعت العديد من القتلى وعددا كبيرا جدا من الجرحى». ورأى انه «لا بد من إلقاء الضوء تماما على هذه الأحداث الخطيرة بالتعاون مع قوات الأمم المتحدة»، مشيراً إلى أن باريس «تدعو كل الأطراف إلى ضبط النفس والامتناع عن الاستفزازات». كما شدد على ضرورة احترام قرارات الأمم المتحدة والخط الأزرق الذي حددته الأمم المتحدة للفصل بين اسرائيل ولبنان، والمناطق العازلة بين اسرائيل وسوريا.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد