كرة الثلج المصرية المتدحرجة: إلى أين؟
الجمل: تصاعدت مساء الأمس وصباح اليوم حدة التوترات السياسية المصرية، بفعل الخلافات الجارية حول قانون الانتخابات الجديد الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الحاكم، وفي هذا الخصوص من المتوقع أن تتصاعد وتائر الصراع بما يمكن أن يؤدي إلى توليد طاقة العنف السياسي من جديد: فما هي طبيعة الخلافات السياسية المصرية حول القانون الانتخابي، وإلى أي مدى سوف تشهد الساحة السياسية المصرية عمليات الاصطفاف والاستقطاب على النحو الذي يمكن أن يؤدي إلى إشعال الشارع المصري والذي أصبح واضحاً أنه لن يستطيع قريباً الوصول إلى نقطة التهدئة؟
* الصراع حول قانون الانتخابات المصري الجديد: توصيف المعلومات الجارية
تقول التقارير بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الحاكم، قد أصدر قبل بضعة أيام قانون الانتخابات العامة المصرية الجديد، ومن أبرز ملامح القانون يمكن الإشارة إلى الآتي:
• تخصيص ثلث المقاعد البرلمانية للنواب الذين يترشحون كمستقلين على أساس فردي.
• تخصيص ثلثي المقاعد البرلمانية للنواب الذين يترشحون ضمن القوائم الحزبية.
• تحديد يوم 29 كانون الثاني (يناير) 2012م لبدء فعاليات انتخابات مجلس الشورى.
هذا، وتأسيساً على هذه النقاط جاءت ردود أفعال القوى السياسية المصرية، والتي طالبت بالآتي:
• معارضة إجراء الانتخابات في ظل سريان حالة الطوارئ، والتي أعلنها المجلس العسكري وحدد استمرار سريانها حتى شهر حزيران (يونيو) 2012م.
• المطالبة بتحديد إجراء الانتخابات الرئاسية لملء منصب رئيس الجمهورية.
• المطالبة بإصدار قائمة حظر رموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك، والحزب الوطني الذي يتزعمه، وذلك لفترة عشرة سنوات على الأقل.
أكدت التقارير بأن تجمعاً ضم 95 حزباً سياسياً، أعلن مساء الأمس موقفاً واضحاً لجهة التهديد بالآتي:
• الإعلان رسمياً عن مقاطعة الانتخابات.
• دعوة الشعب المصري لعدم المشاركة في الانتخابات.
• تسيير المزيد من المواكب والمظاهرات الاحتجاجية.
حتى الآن لا توجد أي مؤشرات تفيد لجهة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الحاكم سوف يتراجع عن قانون الانتخابات الذي أصدره، وفي هذا الخصوص تشير المعلومات إلى أن العاصمة المصرية القاهرة سوف تشهد بدءاً من ظهر اليوم عمليات تعبئة سلبية فاعلة تهدف للضغط على المجلس العسكري من أجل التراجع واعتماد بنود قانون انتخابي جديدة تتوافق مع وجهات نظر ومواقف القوى السياسية المصرية.
* نظرية المؤامرة وكرة الثلج المصرية المتدحرجة: إلى أين؟
التطورات والوقائع الجارية منذ لحظة انهيار نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وحتى لحظة إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الحاكم، قبل بضعة أيام لقانون الانتخابات العامة المصرية، تشير جميعها إلى الآتي:
• التحالف السياسي المعارض الذي تصدى لعملية إسقاط نظام الرئيس حسني مبارك، بدأ يتعرض للمزيد من التفكك والهشاشة الأمر الذي سوف يضعف تماسك قوام هذا التحالف.
• الضغوط الخارجية بواسطة الأطراف الثالثة، المتدخلة في الشأن السياسي المصري، بدت تأثيراتها أكثر وضوحاً، وفي هذا الخصوص نلاحظ الآتي: تسعى واشنطن وحلفاءها الغربيين لجهة الإبقاء على استمرار اتفاقية السلام المصرية ـ الإسرائيلية سارية المفعول مهما كان الثمن ـ تسعى المملكة العربية السعودية وحلفاءها الخليجيين لجهة الإبقاء على رموز نظام حسني مبارك إضافة إلى ضمان استمرار اتفاقية السلام المصرية ـ الإسرائيلية، وبرغم أن الرياض لم تطالب صراحة بذلك، إلا أن دعمها لرموز نظام حسني مبارك يؤكد بوضوح حقيقة النوايا السعودية ـ الخليجية إزاء اتفاقيات السلام المصري مع إسرائيل.
تقول المعلومات الجارية، بأن حركة الإخوان المسلمين المصرية، ظلت خلال الأسابيع الماضية تتخذ المزيد من المواقف التي تتيح لها مزايا إحراز التفوق في الانتخابات المصرية، وذلك من خلال أداء سلوكي سياسي يقوم على الآتي:
• المناورة على الخطوط الخارجية: وذلك عن طريق التفاهمات المستمرة مع الأطراف الإقليمية والدولية لجهة كسب ثقتها ودعمها لصعود حركة الإخوان.
• المناورة على الخطوط الداخلية: وذلك عن طريق الانخراط في التفاعلات السياسية الداخلية ضمن مسارين، الأول الوقوف إلى جانب تحالف المعارضة والثاني الوقوف إلى جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم.
أشارت التحليلات الجارية إلى أن تطبيق قانون الانتخابات المصرية العامة الجديد بشكله وصيغته الحالية، سوف يتيح لحركة الإخوان المسلمين الحصول على 50% على الأقل من المقاعد البرلمانية، وأضافت التحليلات قائلة بأن اللافت للنظر تمثل في الآتي: وقفت حركة الإخوان المسلمين إلى جانب تحالف القوى السياسية المعارضة لقانون الانتخابات، ولكن الحركة طرحت ذرائع معارضة تختلف عن بقية الفصائل الأخرى، وبكلمات أخرى، فقد طالبت الحركة بضرورة حظر رموز نظام حسني مبارك وحزبه الوطني لفترة عشر سنوات على الأقل، وبالتدقيق الفاحص نجد أن رموز نظام حسني مبارك وحزبه الوطني من الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل أن يحصلوا على أصوات الناخبين طالما أن نظام حسني مبارك قد انهار وسقط بفعل الثورة الشعبية، وبالتالي فإن معارضة الجماعة لقانون الانتخابات هي معارضة شكلية الهدف منها هو إيجاد المبرر لجهة إخفاء موافقة الجماعة على القانون الانتخابي والظهور بمظهر المعارض للقانون، وذلك تفادياً للصدام مع القوى السياسية المصرية الأخرى. وإضافة لذلك، فإن ما هو مثير للشكوك والاهتمام أن الجماعة برغم إعلانها معارضة القانون الانتخابي، فإنها أعلنت عن رفضها القاطع المشاركة في أي مواكب أو مظاهرات احتجاجية تطالب المجلس العسكري بالتراجع عن القانون أو إلغاء حالة الطوارئ.
وعلى خلفية هذه الملاحظات تقول التسريبات بأن الجماعة قد اتفقت على صيغة لقسمة السلطة بينها وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم. بحيث: تحصل جماعة الإخوان على الأغلبية في المقاعد البرلمانية بما يتيح لها تشكيل الحكومة الجديدة. وتقوم الجماعة بعد ذلك بدعم ترشيح أحد أعضاء المجلس العسكري في حالة عدم رغبة المشير طنطاوي الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات الرئاسية المصرية القادمة، والتي سوف يتم إجراءها في ظل سريان قانون الطوارئ. وإضافة لذلك تقول آخر التسريبات بأن الرياض قد باركت تحالف الإخوان ـ المجلس العسكري، إضافة إلى سعي الرياض وحلفاءها الخليجيين لجهة تهدئة الرأي العام المصري من خلال الحديث عن وجود "تفاهمات خليجية مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية" بهدف بحث احتمالات ضم مصر إلى دول مجلس التعاون الخليجي على غرار احتمالات ضم الأردن والمغرب وحكومة ثوار الناتو الليبية الجديدة.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد