الكاتدرائية المريمية أقدم كنائس المنطقة
تعد الكاتدرائية المريمية من أقدم الكنائس في سورية والمنطقة وهي تقع في الشارع المؤدي إلى الباب الشرقي في شارع الكنيسة بين طالع الفضة وشارع المنكنة وتشكل معلما عمرانيا هاما جدا ضمن مجمع كبير يضم الدار البطريركية وملحقاتها.
ويرجح أنها انشئت في عهد الامبراطور البيزنطي اركاديوس بين 395 و 408 وكانت عظيمة البناء ذكرتها المصادر التاريخية باسم كنيسة مريم ويعتبرها الباحث الألماني فاتسنكر من اولى الكنائس الاربع التي اقرها الخليفة الاموي الوليد بن عبد الملك تعويضا لكنيسة القديس يوحنا المعمدان التي كانت في موضع الجامع الأموي.
وبعد الفتح العربي 635 أهملت وتخربت وفي عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز 717-719 أعادها إلى أصحابها تعويضا فعمروها عمارة عظيمة ثم احترقت في عهد أحمد بن طولون بين 868 و883 لكنها عمرت من جديد وتهدمت مرة اخرى سنة 926 فأعاد بناءها في السنة عينها الخليفة العباسي المقتدر بالله الذي أرسل وأدب المعتدين عليها وتعرضت للحريق سنة 1009 بامر من الحاكم بأمر الله الفاطمي لكنه عاد وسمح باعمارها بعد نحو سنة.
وزارها الرحالة العربي المسلم ابن جبير نحو سنة 1184 فكتب يقول.. وفي داخل البلد كنيسة لها عند الروم شأن عظيم تعرف بكنيسة مريم وليس بعد بيت المقدس عنهم افضل منها وهي حفيلة البناء تتضمن من التصاوير امرا عجيبا تبهر الافكار ومستوقف الابصار ومراها عجيب وهي بأيدي الروم ولا اعتراض عليهم فيها .
وقال الأب الدكتور متري هاجي اثناسيو إن الكنيسة بدئ بتوسيعها وزخرفتها في عهد المطران ثيوفيلوس الذي استقدم عددا من الفنانين اليونانيين فقاموا برسم ايقوناتها وزيادة زخرفها حتى صارت تفتن الابصار وتخربت من جديد سنة 1260 ميلادي فأعيد بناوءها ثم خربها جنود تيمورلنك سنة 1400 ونهبوا كنوزها وامتعتها واوانيها وذخائرها الثمينة وشوهوا مظهرها وهدموا رواقها الغربي.
وبعد نزوحهم اعاد البطريرك ميخائيل الثالث اعمارها من حجارة كبيرة غاية في الجمال والمتانة ورممت او اعيد بناوءها سنة 1524ولما تشققت جدرانها بزلزال دمشق المدمر سنة 1759 هدمها البطريرك دانيال واعاد إعمارها سنة 1777.
وأضاف.. كانت هذه الكنيسة مؤلفة من كنيستين ..الاولى مريم والثانية كنيسة القديس كبريانوس ويوستينا فأعاد البطريرك اليروثيوس الاول ذياذوخوس بناء كنيسة مريم سنة 1861 وضم إليها ساحة كنيسة كبريانوس ويوتينا والغى كنيسة القديس نيقولاوس لعدم الحاجة اليها ودمج هذه الكنائس في كنيسة واحدة سميت المريمية وأعاد بناء الدار البطريركية وأقام في موضع كنيسة القديس نيقولاوس قاعات كبيرة تحيط بدار فسيحة للذكور وبنى قاعة فسيحة غربي دار المريمية وجعلها للاناث وحفر على عتبة بابها العليا كتابة يونانية تعريبها كما يشتاق الايل الى مجاري المياه كذلك تشتاق نفسي اليك يا الله وبذل المال لإنشاء معهد ثقافة للعذارى الارثوذكسيات البطريرك ايروثيوس القابض على زمام كنيسة انطاكية سنة 1867 ثم قام ببناء قبة الجرس البطريرك اسبيريدونوس وجدد البطريرك الكسندروس طحان هذه الكنيسة سنة 1953 فهدم سقفها المتشعث وقسم من اعالي جدرانها المتصدعة واعاد بناء ما هدم وزخرفته بالنقوش والألوان والرسوم.
وأوضح اثناسيو أن هذه الكاتدرائية هي صرح عمراني فخم يحيطه رواق معقود باقواس نصف دائرية ويعلو الطابق الثاني هذا الرواق وفيه تسع نوافذ الثلاث الوسطى منها فوق باب الكنيسة معقودة بقوس ثلاثي الحنيات وعلى طرفي الواجهة ثلاث نوافذ معقودة بأقواس نصف دائرية أما الطابق الثالث فمتراجع عن ستوى الطابق الثاني وفيه نوافذ مقوسنة تعلوها ثلاث نوافذ مستديرة الوسطى منها هي الاوسع وينتهي السقف بجملون في ذروته الصليب وتشتمل الكنيسة على 6 نوافذ من الغرب و13 نافذة في كل من الجنوب والشمال.
وبجانب البناء برج للناقوس مزخرف اقيم على طراز عمارة ابراج الكنسية البيزنطية وينتهي في رأسه بجوسق معومد تغطيه طاسة فوقها الصليب وعلى الجدار أيضا لوحة رخامية كتب فيها: كما يستاق الايل مجاري المياه هكذا تستاقك نفسي يا رب .
أما الكنيسة من الداخل فغاية في الروعة والبهاء تجملها ايقونات قديمة منها روسية ومنها سورية أورشليمية.
وجهة الكنيسة شطر الشرق تنفتح على ثلاثة ابواب اوسطها أكبرها وهو خشبي بدرفتين فوقه زخرفة مقوسنة يعلوه نقش حجري باللغتين العربية واليونانية فيه إن هذه الكنيسة الشريفة المختصة للروم الارثوذكسيين بالشام قد هدمت بواسطة حادثة دمشق وجدد بناوءها بمدة رياسة كيريوس كيريوس ايروثيوس البطريرك الانطاكي وسائر المشرق سنة 1867 مسيحية.
هذا وقد وضعت فوق البابين الجانبين الغربيين كتابة بالفرنسية والعربية تبرع بترميم هذه الكاتدرائية وتجميلها الارثوذكسي..ميشيل مرهج مرهج ايام البطريرك الانطاكي اناطيوس الرابع عام 1998 م ويفضي الباب الرئيس الى مدخل خشبي مستطيل فوقه ايقونة جناز السيد والى يسار الداخل طاولة وطلاء الكنيسة.
ونمط الكنيسة بازلكي تقسم صحنها الرخامي الكبير إلى ستة أعمدة رشيقة ذات تيجان كورنثية تحمل اقواسا من جهتي الجنوب والشمال وإلى ثلاث اسواق اوسطها في كل منها مقاعد خشبية وهناك بعض الكراسي الخشبية عند الجدران وتستند الى اسفل العمودين الأول والثاني المتناظرين هياكل رخامية من الجهتين تحوي ايقونات لصعود الرب يسوع ودخول السيد.. ويلف كلا من العمودين المتناظرين العمود الثالث قنبيل امبون رخامي يصعد اليه بدرج لولبي درابزينه خشبي رخامي تزين جوانب شرفة كل منهما خمسة اضلاع اضافة الى النسر.. في مقدمتها خمس ايقونات قديمة سورية مقدسية .
وقرب صدر السوق الوسطى العرش البطريركي الخشبي المزخرف من اليمين تعلوه مظلة وفي صدره ايقونة السيد المسيح مباركا وتاريخ 1867 يقابله من اليسار عرش الاسقف الخشبي تعلوه مظلة وفيه ايقونة القديسين الرسولين بطرس وبولس .
ويصعد الى منطقة قدس الاقداس بثلاث درجات رخامية ويفصل الصحن عن قدس الاقداس ايقونسطاس رخامي مهيب جميل جدا تزينه زخارف نباتية يدخل اليه بسبعة فتحات كبيرة وصغيرة تغلق بإيقونات خشبية كبيرة وصغيرة قديمة تتألف ثلاثة منها بدرفتين خشبتين الباب المقدس والبابان المقابلان السوقين الجانبين وفي اعلى فتحة الباب المقدس ايقونة نحاسية نافرة لنياح السيدة شفيعة هذه الكنيسة في الصف السفلي من الايقونسطاس عشر ايقونات كبيرة تتخللها اعمدة رخامية صغيرة رشيقة وفي الصف العلوي 35 أيقونة مستطلية تتخللها اعمدة صغيرة رشيقة للاعياد السيدية تتوسطها أيقونة القيامة وفي الاعلى صف من الايقونات البيضوية للرسل القديسين الاثني عشر يتوسطها ايقونة السيد وفوق الكل ثلاثة صلبونات خشبية اوسطها اكبرها مقابلة لوسط صدر من الاسواق الثلاثة.
وتقوم الشعاري في جهات الكنيسة الثلاث تحملها سبعة اقواس من الجنوب والشمال وستة من الغرب وهناك ثلاثة صفوف من الشبابيك الحديدية مزججة مقوسنة في جدران الكنيسة كافة تفصل كل شباك في أعلى الجدارين الجنوبي والشمالي لوحات زيتية تمثل مشاهد من حياة السيد والسيدة ومن تحت الشعاري في أسفل الجدران الثلاثة هياكل رخامية 2 في الشمالي يناظرها 12 في الجنوب و 8 في الغرب وفي أعلى الوسط الغربي نافذة مزججة ملونة كبيرة بشكل وردة سقف وسط الكنيسة خشبي قبوي الشكل ذهبي اللون أما سقف الجانبين فخشبي مسطح.
ويحوي قدس الاقداس في وسطه المائدة المقدسة النحاسية المضغوطة المستطيلة محاطة بقفص زجاجي فوقها لوحة كبيرة للعشاء السري بيد نقولا تادرس القدسي حزيران 1867 والى جانبي المائدة الكبرى مائدتان رخاميتان أصغر حجما تحمل كلا منهما خمسة أعمدة وهناك باب صغير من الجنوب والشمال.
ويتشكل جدار الحنية الكبرى نصف الدائرية من صفوف من الحجر الأبلق اللونان الأبيض والترابي المائل إلى الأحمر وفي أعلى وسطها طاسة شعاعية واسفل وسطها مفروش ببلاط قاشاني أزرق مؤرخ عام 1870 من بقايا الكنيسة الاقدم يتقدمه الأنوكاتدار أي العرش البطريركي الخشبي في وسط الحنية تعلوه مظلة والى جانبيه كراسي الكهنة ويصعد إليه بأربع درجات وفي اعلى الحنية الوسطى نافذة مزججة ملونة بشكل وردة وتحتها ثلاث طاقات مستديرة وفي قدس الاقداس ستة شبابيك من الشرق وشباك في الطرفين الجنوبي والشمالي والى كتف الحنية الكبرى مذبحان وفي الطرف الجنوبي والشمالي.
والى كتف الحنية الكبرى مذبحان وفي الطرف الجنوبي حنية ضحلة في طاستها رسم جداري يمثل في الاعلى حمامة فأشعة شمس وتحتها غيوم ورسم آخر متناظر في الطرف الشمالي.
عماد الدغلي
المصدر: سانا
التعليقات
شكرا لك يا اخ عماد على هذا
طرطوس مدينة منسية على مدى العصور
إضافة تعليق جديد