حقوقيون يطالبون بتشديد عقوبة الاغتصاب
لم يخطر في بال نور حين قررت زيارة بيت جدها، أنها ستواجه هناك ذئاباً بشرية خلت قلوبها من المشاعر الإنسانية، وتنصلت من كل العواطف الإنسانية سالكة دروب الانحراف لإشباع غرائزها الحيوانية.
نور هذه الطفلة البريئة التي تجاوزت السادسة بقليل، ظنت أن طفولتها ستشفع لها أمام هذه الذئاب المتوحشة والتي لم تعرف الرحمة ولعل القصة تبدأ بعدما أنهت نور زيارتها لبيت جدها أهل أمها وفي منتصف الطريق اعترضها ابن خالتها والذي تجاوز الثامنة عشرة من العمر وقادها لبيت أهله بعدما غادر أهله البيت لخارج البلد وكان هناك صديقه ينتظره في البيت والفتاة نور بحكم براءتها ذهبت معه دون أن تعلم مصيرها المجهول وابن خالتها قد تجهز مع شريكه لفعل هذه الجريمة التي تعجز الكلمات عن وصفها وحسب تقرير الطبيب الشرعي مارس ابن خالتها وشريكه الجنس على نور حتى تسببا بتمزق واضح لأعضائها التناسلية وقد ذكر التقرير أنهم أسقوها مادة الكحول وبعدما شعرا أنهما سيكشف أمرهما قرر ابن خالتها قتلها فطعنها بسكين في منطقة الصدر ولأن نور طفلة لم تتحمل هذه الطعنة فأغشي عليها ظن ابن خالتها أنها ماتت وأثناء دفنها حركت نور قدمها فما كان منه إلا أن ضربها بحجر كبير على رأسها.
وذكر تقرير الطبيب الشرعي أن نور ظلت أكثر من ساعتين وهي في حالة عذاب نتيجة نزيف داخلي بسبب ممارسة الجنس القاسي عليها، إضافة إلى شربها مادة الكحول التي أدت إلى إعياء ودوران شديدين.
وفي محاضر التحقيق، قال ابن خالة نور إنه قرر مع صديقه ممارسة الجنس بأي طريقة، مشيراً إلى أنه لم يخطط لاغتصاب ابنة خالته، بل جرى الأمر بعدما شاهدها في الطريق عن طريق المصادفة.
رجح مشاعره على مهنته
مات ابن الخالة المغتصب والقاتل تحت التعذيب، أما صديقه فقد حكم عليه بالسجن حكماً مؤبداً.
بطبيعة الحال، تضع قصة نور كل إنسان في مواجهة إنسانيته ومشاعره، ليقف كالمذهول أمام بشاعة هذا المنظر.
والقاضي الذي أوكلت إليه القضية، عاش تلك المواجهة إلى أقصاها، وحسب قوله رافضاً ذكر اسمه: سمحت للشرطة أن يعذبوا القاتل وصديقه حتى الموت دون عرضهم على المحكمة وذلك انتصاراً لهذه الطفلة البريئة.
وأضاف القاضي: إنه كان على وعي تام بمخالفة القانون، مدركاً أن ذلك سيصل به إلى العزل من منصبه، إلا أنه رجح مشاعره على مهنته، مشيراً إلى أنه كان على أتم الاستعداد لعواقب فعلته.. وبالفعل، اتخذ مجلس القضاء الأعلى قراراً بعزل القاضي من منصبه، وها هو اليوم يمارس مهنة المحاماة.
10 حالات قتل في عام 2010
ليست حالة نور فريدة خلال عام 2010، إذ سجلت الإحصائيات أن حالات قتل القاصرات بعد اغتصابهن قد تجاوزت العشر حالات، حدث معظمها في ريف حلب وإدلب، بينما سجلت ريف دمشق حالة واحدة، وحالتين في الرقة حسب الإحصائيات.
وتشير مصادر إلى أن الإحصائيات تفشل في تسجيل أرقام دقيقة لحالات الاغتصاب، تبعاً لحرص أهل الضحية من الفضيحة.
وكانت إحصائيات عام 2009 قد سجلت 6 حالات اغتصاب وقتل لقاصرات، تراجعاً من 12 حالة في 2008.
تشديد عقوبة الاغتصاب
على الرغم من أن قانون العقوبات السوري تشدد في مسألة اغتصاب القاصرات، إلا أن الكثير من الحقوقيين يطالبون بتشديد العقوبة لتصل إلى حكم الإعدام على غرار قتل القاصر.
فقد نصت كل من المادتين 491 و942 من قانون العقوبات الصادر عام 1949 على أنه من جامع قاصر ولم يتم الخامسة عشرة عوقب بالأشغال الشاقة تسع سنوات وقد يصل الحكم إلى خمس عشرة سنة حسب تقدير القاضي وإلى حكم الإعدام في حال القتل بعد الاغتصاب، كما في حالة نور.
ويعتبر أستاذ القانون الجزائي الدكتور عبود السراج أن القانون الجزائي تشدد في مرحلة اغتصاب القاصرات وذلك حفاظاً على الطفولة من شواذ المجتمع، إلا أنه يعود ليقول في محاضرة له بهذا الخصوص: على الرغم من هذا التشديد، فإن القانون السوري فرّق بين حالتين: مرحلة ما قبل الخامسة عشرة وقد تشدد القانون في هذه المرحلة ليصل الحكم إلى 15 سنة، ومرحلة إتمام الخامسة عشرة وقد يصل الحكم فيها إلى تسع سنوات.
ودعا السراج إلى توحيد العقوبة معتبراً أن القاصر هو كل من لم يتم الثامنة عشرة.
وأضاف السراج: في حالة قتل القاصر بعد اغتصابه، يصل الحكم إلى مرحلة الإعدام وخاصة إذا كان في سن الرابعة أو الخامسة من العمر، إلا أن الحكم في كثير من الأحيان لا يطبق ويخفض إلى حكم المؤبد، والكلام دائماً للأستاذ السراج.
معالجة المجتمع من أسباب الجريمة
واعتبر نائب عميد كلية الشريعة الدكتور محمد توفيق البوطي أن البداية الحقيقية لمعالجة مشكلة الإجرام تتمثل بحماية المجتمع من أسباب الجريمة وذلك بنشر الفضائل ومنع ترويج الرذيلة ومعاقبة من يشجع عليها في جميع المجالات، مشيراً إلى أن الوقاية من عوامل الإغراء هي الشرط الأول لمنع مثل هذه الجرائم.
وقال البوطي: إن المجتمع الذي تنشر فيه مظاهر الإباحية والتحلل هو مجتمع يتجه نحو الانتحار ويسير نحو نهايته ويدفع بالشباب إلى قمة الانحراف ما يدفعهم إلى اغتصاب القاصرات وارتكاب الجرائم التي لا تقبلها العقول، على حد تعبير البوطي.
وأضاف البوطي: على السلطة القضائية أن تقوم بواجبها بتطبيق النصوص الرادعة نحو المنتهكين لحرمات المجتمع والأسرة بالعقوبة، متسائلاً: «هل يحرم القانون السائد في سورية الفاحشة ومقدماتها كبداية لمرحلة خطيرة، وهي الانحراف».
وتابع البوطي: إذا كان القانون أو السلطة القضائية لا يكترثان لبشاعة الفاحشة ولا يحققان ما يمكن أن يردع المعتدي فإنهما بذلك يشجعان على الفوضى وانتشار الجرائم وصولاً إلى تحول المجتمع إلى نظام الغاب وعالم التخلف.
ودعا البوطي أهل التشريع والقانون لوضع الروادع الفعالة للجرائم التي تنتهك الحرمات وتروج للفواحش، مشيراً إلى أن قانون العقوبات الحالي يحتاج إلى إعادة نظر لبناء قانون يتماشى مع المجتمع والأعراف.
محمد منار
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد