هآرتس: تقارب إسرائيلي مع مرسي وتزايد النفوذ المصري على رام الله
اعتبر المعلق السياسي في صحيفة «هآرتس»، ألوف بن، أن «لعملية عمود السحاب هدفين استراتيجيين، وهما استئناف وقف إطلاق النار مع حماس في غزة، الذي اهتز في الأشهر الأخيرة عبر جولات قتال متوالية من تبادل الضربات؛ والحفاظ على اتفاق السلام مع مصر بقيادة الإخوان المسلمين»، مشيراً إلى أن «التفاهمات التي عُرضت تشهد ظاهرياً على إحراز هذين الهدفين إذا احترم الطرفان ما تم الاتفاق عليه».
وفي ما يتعلق بهدف إسرائيل الثاني، وهو فحص العلاقات مع مصر بقيادة «الإخوان المسلمين» في حال مواجهة عسكرية مع الفلسطينيين، يرى المعلق السياسي أن الرئيس المصري محمد مرسي أثبت انه يفضل المصالح على الإيديولوجية. وهو غير مستعد لاتصالات معلنة مع إسرائيل، بل ينوي إجراء الصلات بها في قنوات مخفية عن الناظر. ولفت بن إلى أن المبعوث الإسرائيلي إلى مصر خلال المحادثات كان رئيس الموساد تامير فريدو، وليس وزير الخارجية أو مبعوثاً مدنياً.
لكن مرسي بيّن، حتى من غير لقاءات مغطاة إعلامياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن السلام مع إسرائيل هو مصلحة مصرية، بل إنه يخدم مصر في سعيها إلى العودة إلى مكانة الزعامة في المنطقة. أما نتنياهو فقد أظهر انه يمكن قصف غزة، وقتل رئيس أركان حركة حماس من دون أن يمس بالسلام مع القاهرة. وهذا أيضاً غير قليل في المحيط الاستراتيجي الجديد الذي أنشأه «الربيع العربي».
وتحت عنوان «مصر في دور حرس حدود إسرائيل»، كتب محرر الشؤون العربية في «هآرتس»، تسفي بارئيل أن آخر ما حلم به محمد مرسي هو أن يكون حارس حدود إسرائيل. فالزعيم المصري، الذي رأى قبل بضعة أشهر في المقاومة المسلحة طريقة العمل المرغوب فيها للوقوف ضد إسرائيل، يجد نفسه الآن في دور رجل مهمته كبح المقاومة، وتحقيق وقف النار مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي، بل ومنح ضمانات لتطبيقه.
ويضيف بارئيل، استناداً إلى مصادر مصرية، أنه بالرغم من أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك كان يمقت حماس ويرى فيها تهديداً للأمن المصري، ضمن أمور أخرى، بسبب علاقات الحركة مع إيران، إلا أنه عجز عن العمل ضد تهريب السلاح عندما طلب منه ذلك. بل أكثر من ذلك، ففي زمنه ازدهرت صناعة الأنفاق. وعندما طلبت الولايات المتحدة منه السماح بتركيب مجسات على طول الحدود، رفض. أما الآن، بحسب هذه المصادر، فيبدو أن مرسي أعطى الإذن للأميركيين بتركيب المجسات كجزء من التعاون المطلوب، في إطار شروط وقف إطلاق النار.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن مرسي كفيل بأن يفتح تدريجياً معبر رفح، مقابل موافقة حماس على هدم الأنفاق. هذه التفاصيل لم تُجمل بعد، ولكنها ستكون جزءاً من المبادئ التي تقوم عليها المفاوضات التفصيلية بين الأطراف.
وأشار بارئيل إلى أن مرسي قبل «بابتلاع ضفدع» بأن يكون الضامن لإسرائيل والولايات المتحدة لتنفيذ وقف النار. وكتب أن مصر باتت للمرة الأولى وسيطاً نزيهاً، سواء في نظر حماس أم في نظر إسرائيل. وهكذا تقف القاهرة متساوية المكانة مع واشنطن، التي يفترض بها أن توفر الضمانات على السلوك الإسرائيلي. والنتيجة هي معادلة يعتبر كل خرق للاتفاق فيها ـ إذا ما تحقق ـ ليس فقط خرقاً بين إسرائيل وحماس، بل هو أيضاً مس بمكانة الراعيين.
وكتب بارئيل أنه بفضل الحملة في غزة، تتوثق جداً العلاقة بين مصر «الإخوان المسلمين» والولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس باراك اوباما، التي لم يعد يمكنها أن ترى مصر كدولة تحت رعايتها فقط، بل ترى فيها شريكاً إستراتيجياً، ومساعدة حيوية لتهدئة المنطقة.
وفي هذا السياق، ليس غنياً عن البيان الإشارة إلى غياب السعودية عن الاتفاق المتبلور، والى أنه لم يأتِ أي مندوب سعودي إلى المداولات في القاهرة.
من المهم أن نرى بأن التخوف من المس المصري باتفاقات «كامب ديفيد» أو إلغائها حشر في الزاوية، في ضوء الفهم في مصر بأنه بفضل هذه الاتفاقات يمكن لها أن تواصل إدارة المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وليس فقط في الأزمة في غزة، بل وأيضاً التأثير على إسرائيل كي تفهم وتراعي المصلحة المصرية.
وخلص بارئيل إلى أن الدور الدولي والعربي وضرورة المرور بالقاهرة كفيلان بأن يؤثرا أيضاً على نتائج النقاش في الجمعية العامة للأمم المتحدة في مسألة قبول فلسطين كدولة غير عضو. ومصر تؤيد مثل هذا الاعتراف وتدفع به إلى الأمام، مثلما تعمل على تطبيق اتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح، الذي كان وُقع في عهد مبارك.
إلى ذلك، فإن حزام التأييد الدولي لمصر كفيل الآن بأن يجعل من الصعب على إسرائيل تطبيق تهديداتها على السلطة الفلسطينية في حالة تمسكها، وهي ستتمسك كما تعهدت، بتحقيق الاعتراف بالأمم المتحدة. إن إحدى نتائج الرعاية المصرية للتطورات في غزة هي أن السلطة الفلسطينية أيضاً، شاءت أم أبت، ستكون من الآن فصاعداً جزءاً من دائرة النفوذ المصري.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد