تحضيرات أميركية وروسية لمؤتمر «جنيف 2» وأنقرة تعمل على عرقلة المصالحة
وجه الجيش العربي السوري للمدنيين في بلدة القصير نداء للخروج منها تمهيداً لاقتحامها حيث يعتقد بوجود مئات المسلحين فيها، فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، امس، أن موسكو في آخر مراحل تسليم صواريخها للدفاع الجوي إلى سوريا، في إشارة مبطنة إلى رفضها الضغوط الإسرائيلية والأميركية لوقف تسليم دمشق صواريخ «أس 300» المتطورة.
وفيما لاذت كل من قطر والسعودية بالصمت بشأن الإعلان الروسي - الاميركي عن المؤتمر الدولي لتسوية الأزمة السورية على الرغم من الدور الكبير الذي تمارسانه في دعم قوى المعارضة السياسية والعسكرية، أعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل أن المشاكل التي يواجهها الشرق الأوسط، بما في ذلك النزاع السوري والملف النووي الإيراني، تتطلب حلولا «سياسية لا عسكرية».
وبينما تتواصل التحضيرات الأميركية والروسية لمؤتمر «جنيف 2»، سارعت أنقرة الى وضع العراقيل أمام التسوية، عبر إعلانها رفض مشاركة أي من أعضاء النظام الحالي في المرحلة الانتقالية «لأن أيديهم ملطخة بالدماء». أما لندن وطهران، فانضمتا إلى الدول الداعمة لعقد المؤتمر، وتسريع الحل السياسي. كما تجددت الإثارة التركية والأميركية لقضية استخدام السلاح الكيميائي.
ويبدو أن الحسم العسكري في مدينة القصير، التي أصبحت محاصرة من 3 جهات بحسب معارضين، اقترب، مع إعلان مصدر عسكري سوري لوكالة «فرانس برس» أن «منشورات ألقيت فوق القصير تدعو السكان إلى مغادرة المدينة، وفيها خريطة لطريق آمن يمكنهم من خلاله إخلاءها، لان الهجوم على المدينة بات قريبا إذا لم يستسلم المسلحون».
وذكر مكتب محافظ حمص أحمد منير محمد، في بيان، أن الجيش السوري ألقى منشورات فوق القصير تدعو المسلحين إلى الاستسلام، من دون تحديد موعد نهائي لهم. وقال أحد قادة المسلحين بسام الدادا إن القوات السورية تواصل التدفق إلى المناطق المحيطة بالمدينة القريبة من الحدود اللبنانية. وقال مصدر مسؤول في حمص لوكالة الأنباء السورية (سانا) إن «وحدة من جيشنا قضت على أفراد مجموعة إرهابية حاولت الفرار من بلدة القصير باتجاه الحسينية وأوقعتهم بين قتيل ومصاب».
وبرز أمس إعلان وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة في عمان، أن أنقرة «لن ترضى بأن يكون أي من أعضاء النظام الحالي في سوريا جزءاً من المرحلة المقبلة»، معتبراً أنه «يجب أن يكون هناك تغيير في سوريا يشمل كامل السلطة التنفيذية، وألا يكون هناك أياد ملطخة بالدماء».
وبعد ساعات من اتهام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في مقابلة مع قناة «ان بي سي نيوز»، النظام السوري باستخدام أسلحة كيميائية، أعلن داود أوغلو أن «لدى أنقرة مؤشرات إلى استخدام سلاح كيميائي» مشيرا إلى أن النظام هو من يملك «الكيميائي».
وأكد جودة، من جهته، أهمية إيجاد «حل سياسي يشمل كل مكوّنات الشعب السوري وينهي دوامة العنف وسفك الدماء»، معتبراً أن «الحل السياسي هو الذي سيوقف العنف والدمار ويحافظ على أرواح السوريين». ورأى أن «الحديث عن حكومة انتقالية في سوريا يعني أن يدخل الطرفان في حوار، بما يقود إلى حل سياسي في نهاية المطاف».
وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن واشنطن تعتقد أنها تملك «دليلاً قوياً» على استخدام النظام السوري أسلحة كيميائية. وندد، في حوار عبر الانترنت نظمته مجموعة «غوغل» وشبكة «ان بي سي» ووزارة الخارجية، «بالخيارات الرهيبة التي قام بها النظام عبر قتله ما بين 70 و100 الف شخص من شعبه، ولجوئه إلى غازات نعتقد أن لدينا دليلاً قوياً على استخدامها».
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مؤتمر صحافي مع رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون في سوتشي، «بمبادرة من رئيس الوزراء ناقشنا خيارات ممكنة لإحراز تطور إيجابي في الوضع (في سوريا) وإجراءات ملموسة بهذا الخصوص».
وأضاف «لدينا مصلحة مشتركة في إنهاء العنف بأقصى سرعة وإطلاق عملية الحل السلمي والحفاظ على وحدة أراضي سوريا كدولة ذات سيادة»، موضحا أن الجانبين اتفقا على تنسيق العمل في إطار مجموعتي «العشرين» و«الثماني».
وأعلن كاميرون، أنه بالرغم من اختلاف وجهات النظر «لكننا نتحد في هدف أساسي وهو وضع حد للنزاع ومنح الشعب السوري إمكانية اختيار حكومته وكبح جماح التطرف». وأكد أن «على بريطانيا وروسيا والولايات المتحدة، بوصفهم أعضاء في مجلس الأمن، المساعدة في تشكيل حكومة انتقالية تحمي مصالح الشعب السوري».
وقال كاميرون، الذي يلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما الاثنين المقبل، «أؤيد بالمطلق التوافق الذي توصل إليه لافروف و(وزير الخارجية الأميركي جون) كيري في موسكو لتوفير الحل السياسي للمشكلة السورية الرامي إلى تشكيل حكومة انتقالية على أساس توافق الشعب السوري بالكامل».
وأعلن نائب الرئيس الإيراني محمد جواد محمدي زادة، في مقابلة مع وكالة «رويترز» في جنيف، أن طهران ترحب بالاقتراح الأميركي ـ الروسي وتأمل أن يعقد في جنيف.
وقال «الجمهورية الإسلامية الإيرانية سيسعدها كثيراً ويسرها أن تساعد بأي طريقة ممكنة في هذا الشأن، ونتوقع أن نكون جزءاً من العملية لاستعادة السلام وسبل معيشة أفضل للشعب السوري». وأضاف «نتفق تماما مع الرؤية القائلة بأن الحل الوحيد سيكون حلاً سورياً داخلياً للمستقبل عن طريق الحوارات الديبلوماسية والسياسية».
ودافع لافروف، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الألماني غيدو فسترفيله والبولندي رادوسلاف سيكورسكي في وارسو، عن تسليم روسيا أنظمة صواريخ مضادة للطيران إلى دمشق بموجب عقود سابقة، لكنه لم يحدد ما إذا كانت المعدات الجاري تسليمها بالفعل هي أنظمة «إس 300» المتطورة أم أنظمة أخرى.
وقال إن «روسيا تبيع (الصواريخ) منذ فترة طويلة. لقد وقعت العقود وهي في آخر مراحل عمليات التسليم عملا بالعقود المبرمة. ولا يحظر ذلك أي اتفاق دولي». وأضاف «انه سلاح دفاعي حتى تتمكن سوريا البلد المستورد من الدفاع عن نفسها ضد الغارات الجوية، وهذا، كما نعلم، ليس بذلك السيناريو الخيالي». وأعلن أن موسكو لا تنوي توقيع عقود سلاح جديدة مع دمشق.
وقال هايغل، في «معهد سياسات الشرق الأدنى» في واشنطن، إن التحديات الإقليمية «بما فيها التحدي النووي الذي تمثله إيران والاضطرابات الخطيرة في سوريا واستمرار تهديد القاعدة وغيرها من المجموعات الإرهابية يمكن أن تعالج بتحالفات لمصالح مشتركة تضم إسرائيل وحلفاء آخرين في المنطقة». واعتبر أن «القاسم المشترك في الشرق الأوسط هو أن الحلول الأكثر فعالية واستمرارية للتحديات التي تواجهها المنطقة سياسية وليست عسكرية».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد