اسكندر حبش ينتفض على السياسة الاستعمارية التي تنتهجها فرنسا في سوريا
من خلال رسالة نصيّة بعثها إلى المعنيين، قدّم الشاعر والصحافي اللبناني قبل أسابيع استقالته من منصبه كنائب لرئيس جائزة «خيار الشرق» احتجاجاً «على السياسة الاستعمارية التي تنتهجها فرنسا في سوريا»
هذا العام أيضاً، ستكون بيروت على موعد مع جائزة «خيار الشرق» التي أُطلقت العام الماضي برعاية أكاديمية «غونكور» العريقة احتفالاً بمرور 20 عاماً على تأسيس «معرض الكتاب الفرنكوفوني». المعرض سيقام في موعده الخريفي المعتاد بين 1 و9 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. إلا أنّ تغييراً أساسياً طرأ على جائزته الوليدة في عامها الثاني.
الشاعر والصحافي اللبناني اسكندر حبش الذي اختير نائباً دائماً للرئيس نظراً إلى مساهمته في تأسيس «خيار الشرق»، قدّم استقالته قبل أسابيع «احتجاجاً على السياسة الاستعمارية التي تنتهجها فرنسا في سوريا»، من خلال رسالة نصيّة بعثها إلى ملحقة التعاون لشؤون اللغة الفرنسية في السفارة الفرنسية ساندرا بارير.
يؤكّد حبش أنّ ملاحظاته على السياسة الفرنسية جاءت على خلفية المواقف الأخيرة التي أطلقها الرئيس فرنسوا هولاند ووزير خارجيّته لوران فابيوس إزاء الوضع في سوريا، وقد وصلت إلى حد دعم التدخل الأجنبي العسكري وتسليح الجماعات الأصولية المعارضة، ما يشكّل خطراً على العلمانية والحرّيات. يشدد صاحب «حيوات ميتافيزيقية، حيوات تاريخية» على أنّ خياره «شخصي» انطلاقاً من أنّه «تعاطى مع الأدب الفرنسي عن كثب» وتأثّر بالقيم التي أرستها الثورة الفرنسية. لم يشأ حبش الإعلان عن خطوته في بيان رسمي لتجنّب الضجة الإعلامية على حد تعبيره، لكنّ القائمين على جائزة «خيار الشرق» أعلموه بأنّهم لن يعيّنوا بديلاً له. يشدد الشاعر اللبناني على أنّه لا أسباب أخرى تقف وراء استقالته، ممازحاً بأنّه لن يعود عن قراره إلا مع «رحيل هولاند وفابيوس». هكذا، سجّل حبش موقفاً مثيراً للجدل سيقسم حتماً الرأي العام، وخصوصاً في ظلّ ما بات يمكن تسميته «إرهاب الثورة» الذي يمارسه بعض المثقفين المهلّلين للضربة العسكرية على سوريا.
أما إدارة جائزة «خيار الشرق»، فلن تعيّن خلفاً لحبش وستبقي منصب نائب الرئيس شاغراً، على أن يتولى الروائي اللبناني شريف مجدلاني (راجع الكادر) الرئاسة هذا العام بعدما سبقته إليها العام الماضي الشاعرة والروائية اللبنانية هيام يارد. لكن ما هي هذه الجائزة بالتحديد؟ مجموعة من الطلاب السوريين والفلسطينيين والأردنيين والعراقيين والمصريين واللبنانيين سيختارون الرواية الفرنسيّة الفائزة من بين اللائحة التي تختارها جائزة «غونكور»، ويعلن عن الفائز خلال فعاليات «معرض الكتاب الفرنكوفوني» في بيروت. مع ذلك، تُطرح أسئلة كثيرة حول الاسم الذي أطلق على الجائزة البيروتية. إذا كان الطلاب الذين سيختارون الرواية الفائزة ينتمون إلى خمسة بلدان عربية مختلفة، فلماذا استخدام عبارة «خيار الشرق» (الاستشراقي) للتعبير عن «غونكور العربيّة»؟ ألم تمثّل الفرنسيّة في البلدان العربية نموذج تغيير وتنوير منذ النهضة؟ ألم تحتضن هذه اللغة المشروع النهضوي العربي وجروح العرب؟ أليس من أبسط حقوق العرب ـــ أبناء المستعمرات ـــ على بلد فولتير إطلاق صفة «العربية» على جائزتها الشهيرة؟ طبعاً، لن تراجع فرنسا الرسمية مواقفها إزاء الأزمة السورية. بالأمس فقط، كان هولاند يطالب الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ«حزم» أكثر تجاه الملفّ السوري، فيما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس يريد «قراراً قوياً وملزماً» ... فهل تراجع اسم جائزتها على الأقل؟
نادين كنعان
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد