حكومة حماس : آخر اختبارات الديمقراطية الغربية

25-04-2006

حكومة حماس : آخر اختبارات الديمقراطية الغربية

 إذا كانت دمشق قد فتحت أبوابها على مصراعيها أمام وزير الخارجية الفلسطيني محمود الزهار وخصته بحفاوة لم يكتب له الحظ أن يلمسها لدى جيرانه الأشقاء ويكحل عينيه بحرارة الترحاب من مسئوليها - الأردن الذي " يؤيد بصفة غير رسمية الجهود التي تتزعمها الولايات المتحدة لفرض عزلة على حكومة حماس ما لم تقبل عملية السلام في الشرق الأوسط " ومصر أم الدنيا " التي يقتصر دورها فقط على تشجيع الفلسطينيين للتفاوض مع الإسرائيليين ، ولبنان "الذي تجاهل الرد على طلب الزهار لزيارته بناء على أوامر أتته من السفير الأمريكي جيفري فيلتمان حتى يثبت لأبيه الروحي ( الولايات المتحدة) أنه مطيع وينفذ أوامرها بالحرف كما تطلب منه، فإنما أرادت بهذا الاستقبال توجيه أكثر من رسالة للرأي العام العربي والعالمي مفادها أنه بالإضافة إلى تجديد تأكيدها على العلاقة الطيبة التي تجمعها وحركة حماس فهي تعلن رسالة تضامن وقبول سوريا لمواقف الحكومة الفلسطينية الأخيرة لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية من جهة وضرورة تحديها للضغوط الداخلية والخارجية التي تمارس عليها ، والأهم من ذلك إفشال أجندة الأمنيات الإسرائيلية - الأمريكية التي يعتبر أداة تنفيذها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عبر قيامه برفض ومعارضة البرنامج السياسي لحماس .

سوريا أرادت أن تقول ها نحن نحترم الديمقراطية - معها ولسنا ضدها - وهذا خيار الشعب الفلسطيني السياسي وبالتالي لا ينبغي معاقبته، ولذلك اتخذت موقفا مغايرا لمواقف الأحبة الأشقاء "مصر والأردن اللتين لم تستطيعا رمي خاتم زواج اتفاقيتي السلام مع إسرائيل" ، من خلال إعلانها فتح باب التبرع لكل المواطنين السوريين لصالح السلطة والشعب الفلسطيني ورفع التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني في دمشق، بالإضافة إلى فتح قنوات الاتصال الهاتفية بينها وبين فلسطين مع قبولها بالجواز الفلسطيني إلى جانب معاملة فلسطينيي العراق بالمثل ، لكن هذا لم يأت عن عبث فوسط حصار عربي ودولي حيال السلطة الفلسطينية أرست قواعده حكومة كاديما التي لم تشأ أن تكون الوحيدة التي تفرض مقاطعة شاملة على حماس،أشهر الاتحاد الأوربي ورقته الوحيدة التي لا يملك سواها وأخرجها من جيبه ليعلن تعليق المساعدات الاقتصادية، على أن الموقف التضامني اللافت الذي ربما بإمكانه أن ينصف إسرائيل ويعيد لها حقوقها المغتصبة في ظل حالة الظلم والحصار الذي تعيشه تبدت شهامة الدول العربية التي من شيمها عادة التراجع عن دعم الفلسطينيين متى ما أوعز لها ، على الرغم من تعويل حماس عليها بتعويض هذه المساعدات المالية ( عشم إبليس بالجنة) ولهذا لم يكن أمام دمشق سوى كسر طوق العزلة المفروضة على حماس وإعلان تحديها بمواصلة الدعم في ظل انقلاب موازين القوى وارساء قاعدة سيادة الحق باطل والباطل حق .

وإذا ما قارنا ما قامت به السيدة الغامضة أو المرأة الحديدية كما لقبتها إسرائيل قبل هزيمة اكتوبر -"غولدا مائير"من جمعها مبلغ خمسمئة مليون دولار من اليهود المقيمين في الولايات المتحدة لشراء أسلحة ومعدات حربية دعما للعصابات الصهيونية التي حاربت العرب عام 1948 وتنفيذا حسب قولها لوعد الرب ذاته بإيجاد دولة إسرائيل نرى أنها ما كانت لتستطيع تحقيق هذا الأمر لولا يقينها وقناعتها بأطراف تقف ورائها وتدعمها، أما الأمر تجاه حماس التي نجحت في اختبار مقاييس تأسيس الديمقراطية فكان على النقيض تماما وأمرها كمن لا حول له ولا قوة -لاهي استطاعت تجييش الدعم المعنوي ولا حتى تحقيق الدعم المادي من هذه الدول. وكان عليها بل الواجب ثم الواجب ثم الواجب التسليم بالمقولة القائلة " أن انتخابات حرة ونزيهة يكون بالقول فقط لا بالفعل، وعليه إذا أرادت أن تكسب تأييد المجموعة الدولية كشريك في الحوار فعليها أن تقبل بالشروط الإسرائيلية التي تحتم الاعتراف بإسرائيل والتخلي عن الميثاق الداعي إلى تدميرها، وكذلك تبني خريطة الطريق بحذافيرها، والاعتراف بكل الاتفاقيات التي كان الفلسطينيون والإسرائيليون توصلوا إليها وإلا..... فلا قتل الفلسطينيين سيتوقف ولا استلاب الأراضي سينتهي ولا الوضع المعيشي سيتحسن ويستقر .

هل من ضمير حي أن يجيب ما ذنب حماس أنها كانت كبش فداء الديمقراطية ، وما ذنب سوريا أنها تحاول ترسيخ هذا المصطلح بالعمل ، وما ذنبي أنني حتى الآن لم أنجح في إيجاد أجوبة مقنعة لابنتي التي لم يتجاوز عمرها الثمان سنوات وهي تكرر سؤالها نحوي كلما شاهدت نشرة الأخبار متجاوزة آداب ا للياقة بتشبيهي كما المسئولين الذين لا يفعلون شيئا، تسأل ؟ لماذا الطفل الفلسطيني دون غيره ،لماذا لا نساعده ونرسل له الإعانات ، لماذا لا نكون أقوياء كالولايات المتحدة ، لماذا لا يوجد قانون ......... لماذا.. لماذا..... كل هذه الأسئلة كانت تستدعي مني التوقف مع نفسي ولو لبرهة علّي أجد أجوبة شافية وثابتة لا تراجع عنها أصحيح ألا يستحق منا فعلا هذا الطفل الفلسطيني وقفة نبيلة تجاه معاناته وشعبه بكل فئاته ، لماذا لا نبادر بمقاطعة الدول العربية والأجنبية التي تدعو لمقاطعة" حكومة ديمقراطية المزاج حماس" سياسيا واقتصاديا، ولماذا لا نتخلى عن ركب موجة دعاة الديمقراطية المزيفة المجبولة بالإذلال والاحتقار ونكف عن عص هذا الميت في قبره

 

 

صفاء محمد

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...