«هآرتس»: خط جوي مباشر بين إسرائيل ودولة خليجية
كشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، النقاب عن افتتاح خط طيران مباشر بين إسرائيل وإحدى الدول العربية الخليجية، التي لا تقيم علاقات ديبلوماسية مع تل أبيب.
وذكرت أن مطار اللد (بن غوريون) يشهد في الشهور الأخيرة إقلاع وهبوط طائرة مدنية مجهزة لرجال أعمال، وتحمل علما أجنبياً، في منطقة جانبية في المطار، من دون أن يعرف أحد أن الرحلات تتجه إلى دولة خليجية.
وأظهر تحقيق لصحيفة «هآرتس»، يعتمد على تحليل لمعطيات الطيران المدني، أن الطائرة المعنية هي جزء مما يبدو أنه خط طيران ثابت بين مطار اللد ومطار دولي في إحدى الدول الخليجية. وأشار التحقيق إلى أن الطائرة التي لا تجذب الانتباه وتوحي بالبراءة تحمل علماً أجنبياً، هي إحدى أكثر الطائرات إثارة للفضول من بين مئات الطائرات التي تقلع وتهبط أسبوعيا في مطار اللد.
وتملك الطائرة شركة طيران صغيرة مسجلة في دولة أجنبية. وهذه الشركة تؤجر طائراتها وخدماتها وطواقم طيرانها لرجال أعمال ولشركات القطاع الخاص. كذلك فإنها تنفذ رحلات في مسارات عدة خاصة لمصلحة شركتي «لوفتهانزا» الألمانية و«SAS» النروجية وشركات أخرى.
ومن معطيات ترخيص الطائرة نفسها يتبين أنها هبطت في مطار اللد، للمرة الأولى، بعد يومين فقط من انتقال ملكيتها للشركة الأجنبية التي تملكها الآن. وتحوي الطائرة ثماني كنبات جلوس، حول طاولتين، في مقدمة الطائرة المصممة لرجال أعمال. واعترفت الصحيفة بأنها لا تعرف هوية الجهة التي تستخدم رحلات هذه الطائرة بين مطار اللد ومطار الدولة الخليجية، وبالتالي لا تعرف إن كانت هذه الجهة خليجية أم إسرائيلية، ولكن من الواضح أن خط الطيران هذا يدار بسرية كبيرة.
ورفض متحدث باسم الشركة الأجنبية، التي تملك الطائرة، التعقيب على النبأ، مكتفيا بالقول: «لأسفنا الشديد، المعلومات التي طلبتموها سرية وهي تتصل بزبون خاص. علينا الحفاظ على السرية، ولذلك لا يمكننا إعطاؤكم تفاصيل بشأن هذه المهمة».
ومعروف أن شركات أمن إسرائيلية عديدة تقيم، عبر مكاتب خارجية، علاقات تجارية واسعة مع دول خليجية. وقد نشرت مجلة «أنتليجنس أونلاين» الفرنسية، قبل عامين، أن رجل الاعمال الإسرائيلي ماتي كوخافي يقدم معدات تأمين لمنشآت نفطية في إحدى الدول الخليجية عن طريق شركة «AGT» السويسرية التي يملكها أيضا، وأن قيمة العقد بهذا الشأن تبلغ 800 مليون دولار. وتتعلق الصفقة بجيش تلك الدولة في نطاق ما يعرف بمشروع «الأمن الداخلي»، ويتعلق بحماية الحدود ومنشآت استراتيجية في البحر (آبار نفط). وقيل حينها إن الأمر يتعلق بمنظومة حماية واستخبارات ودفاع، تشمل المراقبة والسيطرة. ومنذ فترة والأحاديث تتكاثر في إسرائيل عن بيع دول خليجية تقنيات تحلية مياه البحر بمبالغ طائلة، خصوصا أن هذه الدول وحدها تكرر حوالي نصف كمية المياه المحلاة في كل العالم.
تجدر الإشارة إلى أن صحفاً إسرائيلية كانت نشرت، منذ سنوات، أن 10 شركات إسرائيلية على الأقل، تعمل في دول خليجية عدة، بعضها مختص في تطوير منظومات للطائرات وأخرى في إنتاج الطائرات من دون طيار. ولا تخفي بعض هذه الشركات هويتها، في حين تتخفى أخرى تحت أسماء شركات أجنبية.
وتتعامل إسرائيل بحساسية بالغة مع قضية العلاقات مع الدول العربية الخليجية. وكثيرا ما اعتبر المسؤولون الإسرائيليون أن العلاقة مع الدول الخليجية يمكن أن تشكل درة تاج العلاقات السلمية مع الدول العربية، لما توفره هذه العلاقة من فرص استثمار وأسواق ذات أهمية.
وقد حاولت إسرائيل، عبر علاقاتها مع أميركا، الضغط باتجاه إنشاء علاقات علنية مع الدول العربية الخليجية، فنجحت في ظل اتفاقات أوسلو، وأخفقت في ظل الحروب على الفلسطينيين. وفي وقت من الأوقات أفلحت في إنشاء مكاتب تمثيل في دول مثل قطر وسلطنة عُمان وإمارة دبي. وكانت تطمح لإنشاء علاقات مع السعودية والكويت، لكنها لم تفلح سوى في إقامة علاقات تحت الطاولة مع البحرين ودولة الإمارات. عموما، أغلقت قطر وسلطنة عُمان مكاتب التمثيل الإسرائيلية، ما ألغى عمليا كل علاقة إسرائيلية رسمية علنية مع الدول الخليجية.
وكما سلف، ومن تقارير «ويكيليكس»، تبين أن لإسرائيل علاقات مع البحرين واتصالات بين وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد ووزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني. كما أن الصحف الإسرائيلية اكتشفت من الميزانية العامة للعام الماضي وجود مكتب ديبلوماسي إسرائيلي سري في دولة خليجية، ثارت الشكوك أنها البحرين.
ومؤخرا، مع تزايد القلق من المشروع النووي الإيراني، نشأ نوع من التوافق بين دول خليجية وإسرائيل للضغط على أميركا والدول الأوروبية، لممارسة مزيد من الضغوط على إيران. واعتبرت إسرائيل نفسها في تحالف مع هذه الدول في مواجهة خطر شامل يهدد المنطقة، ورأت أن هذا التحالف كفيل بتقليص الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية. كما أن دخول خطر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش» على الخط زاد من شهية القيادات اليمينية في إسرائيل لتأكيد أن مشكلات العرب الداخلية هي الأكثر أساسية بين مشكلات المنطقة، وليست المسألة الفلسطينية.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد