قادة في جيش الاحتلال لوزير الدفاع: تعديل القيود على غزة.. لمنع انفجار جديد
في الذكرى السنوية الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة يبدو القلق من تكرار التجربة واضحاً في سلوك كل من إسرائيل وحركة «حماس».
وإذا كانت «حماس» تحاول كسر الجمود المتصل بعملية إعادة إعمار ما دمرته الحرب، فإن إسرائيل تخشى أن يدفع فشل هذه الجهود الحركة إلى تفضيل الحرب. ولذلك، وبعيداً عن وتيرة التهديدات المعتادة، يوصي قادة في الجيش وزير الدفاع الإسرائيلي بتعديل قيود الحصار على غزة والتسهيل على أهلها لمنع الانفجار المحتمل.
وأشار المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل إلى أن ضباطاً كباراً أوصوا وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون بإعادة النظر في السياسة المتبعة في المعابر مع غزة، بحيث يسمح للسكان بالانتقال عبرها من وإلى الأردن ومنها إلى العالم الخارجي.
وواضح أن هذه التوصية تتخذ من خلفية إغلاق مصر لمعبر رفح دافعاً، خصوصاً أن العالم يحمل إسرائيل تحديداً مسؤولية الوضع في القطاع، فضلاً عن أن عواقب استمرار الحصار تعود بالضرر على إسرائيل أكثر من غيرها.
وتتحدث توصية قادة الجيش الإسرائيلي أيضاً، ليس فقط عن تسهيل خروج آلاف المسافرين عبر معبر إيرز من وإلى الأردن، وإنما أيضاً إعادة فتح معبر البضائع في حاجز كارني شرق مدينة غزة، وتوســيع معبــر كرم أبو سالم على مثلث الحــدود مع مصــر. وتضيف التوصية أيضا بالسماح لفلســطينيين من القطاع بالعمل في مستوطــنات غلاف غزة.
وليس صدفة أن هذه التوصية تنشر في الذكرى السنوية الأولى للحرب على غزة، والتي استمرت 50 يوماً، وفي ظل اتهامات رسمية لـ«حماس» بالتعاون مع «داعش». وكان آخر من تحدث عن العلاقة بين «حماس» و«داعش» وزير الدفاع الإسرائيلي نفسه. ومن الواضح أن خلفية التوصية هي الوضع الكارثي في القطاع من ناحية وتوتر العلاقات المصرية مع «حماس»، والخشية من الانجرار إلى حرب جديدة. وبحسب «هآرتس» فإنه تتبلور في أوساط قادة الجيش الإسرائيلي فكرة أن بوسع إسرائيل المساعدة في ترسيخ الهدوء لأطول فترة على الحدود مع قطاع غزة، عن طريق تسهيلات إسرائيلية على حركة الأفراد والبضائع. وترمي هذه الخطوات أيضاً لتقليص الانتقادات الدولية لاستمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة.
ويوضح هارئيل أن الجيش الإسرائيلي ليس مقتنعاً أن بوسعه حل المشاكل الاقتصادية العويصة في القطاع، خصوصاً أن نسبة البطالة تزيد عن 40 في المئة، فضلاً عن مشاكل صحية واجتماعية أخرى، لكنه يرى أن بوسع التسهيلات تقليص خطر اندلاع حرب أخرى.
وينقل هارئيل عن ضابط رفيع المستوى في هيئة الأركان قوله: «هناك صلة وثيقة بين الوضع الاقتصادي والسكاني في غزة والواقع الأمني، وطالما بقيت المشاكل الاقتصادية الأساس في غزة على حالها، يبقى أيضاً احتمال مواجهة عسكرية جديدة، دون صلة بمدى الردع الذي تحقق في الحرب الأخيرة».
لكن ورغم كثرة الحديث في إسرائيل عن تسهيلات للفلسطينيين، وتوصيات قادة عسكريين، فإن القيادة السياسية برئاسة بنيامين نتنياهو محكومة بأيديولوجية فاشية تميل إلى العقاب الجماعي. ولذلك فإن هذه التوصيات تصطدم بعقلية يمينية متطرفة تخشى من أن تفقد التسهيلات إسرائيل أوراق ضغطها الأقوى.
ويؤكد هذه الفكرة الجنرال غيورا آيلند، الذي سبق أن تولى رئاسة هيئة الأمن القومي الإسرائيلي. وكتب في الذكرى السنوية الأولى للحرب إن هناك مصالح مشتركة يمكن توطيدها، وأهمها أن مصلحة إسرائيل في غزة أمنية، حيث لا نريدهم أن يطلقوا علينا النار وأن تتآكل قوة حماس في المستقبل. وبالمقابل فإن مصلحة «حماس» حزبية، تريد تحقيق شرعية لحكمها في غزة. وهذا يتيح لإسرائيل أن تسمح للحركة بتحقيق مطلبها مقابل هدوء طويل المدى. واعتبر أن تركيز إسرائيل على العلاقة مع السلطة الفلسطينية ليس فقط لا يخدم مصالح إسرائيل بل يلحق الضرر بمصلحتها الأمنية. ويطالب آيلند بمنح «حماس» ميناء في غزة، ولكن مقابل سحب صواريخها بعيدة المدى.
وينشر رونين اسحق، في «إسرائيل اليوم»، تقديراً يفيد بأنه رغم أنه غير واضح متى ستنشب الحرب المقبلة مع «حماس»، إلا أن الظروف السياسية في المنطقة تشير إلى أن ذلك قد يكون أقرب من المتوقع. ويحلل أسباب ذلك بالقول أن شعبية «حماس» تتراجع لأنها، من وجهة نظره، ليس فقط لم تظهر انجازات عملياتية في الحرب وإنما أيضا أن مطلبها الأساس: إقامة ميناء بحري لم يتحقق. كذلك هناك العلاقات الهشة مع السلطة في رام الله، وتأزم الوضع الحكومي، والاعتقالات الأخيرة، والأهم تباطؤ عملية إعادة الإعمار، ما يجعل الآلاف في القطاع من دون سكن ولا عمل، ما يزيد اليأس.
ويضيف رونين اسحق سبباً آخر يقرب الحرب، وهو اهتزاز مكانة إسرائيل الدولية إثر الحرب، ما يقلص من قدرة الردع الإسرائيلية، ويعزز قناعة «حماس» بأن لا دعم دوليا لتل أبيب. وهذا البعد يشكل قيداً على إسرائيل، التي لن تندفع في الرد، وستكون أفعالها منضبطة ومحسوبة. ثم هناك رغبة «حماس» وقيادتها العسكرية في الانتقام، وأخيرا العلاقات المتوترة بين مصر و «حماس». وكل هذه الأمور تزيد القناعة بأن ليس لدى الحركة ما تخسره، وأن استئناف القتال قد يكسبها المزيد من تأييد الرأي العام الفلسطيني والعربي.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد