ثلاثة شهداء سوريون في غارة إسرائيلية: الشريط الحدودي ملعب المسلحين فقط
لا تخرج الغارة الإسرائيلية على مجموعة من رجال المقاومة الشعبية في بلدة حضر في ريف القنيطرة، ظهر أمس، عن سياق الاستراتيجية الإسرائيلية في الجولان السوري المحرر، بمنع القوات المدعومة من الجيش السوري وحزب الله من العمل على مقربة من حدود الجولان المحتل، وعرقلة إقامة منطقة إسرائيلية عازلة على طول الشريط الفاصل.
فبعد الغارة التي استهدفت ستة من مقاومي حزب الله، بينهم القائد محمد عيسى، الملقب بأبو عيسى، وجهاد مغنية ابن الشهيد عماد مغنية في كانون الثاني الماضي، والغارة على أربعة مقاومين من أبناء بلدة حضر في نيسان الماضي، استهدفت طائرة معادية من دون طيار حوالى الساعة 12 ظهراً سيارة «مازدا» بيضاء اللون، أثناء انتقال المقاومين وسيم عادل بدرية، ونادر جميل الطويل ومهند سعيد بركة، على طريق بلدة حضر ــ خان أرنبة في منطقة عين النورية باتجاه حضر، ما أدى إلى استشهادهم على الفور، على بعد أقل من 2 كلم من مكان استهداف مغنية ورفاقه الشهداء في منطقة مزارع الأمل.
ويأتي الاستهداف الجديد في ظلّ المعارك التي يخوضها الجيش السوري واللجان الشعبية في حضر مع إرهابيي تنظيم «القاعدة» في «جبهة النصرة» و«جيش حرمون» ومسلحين من بلدة جباثا الخشب المدعومين من إسرائيل.
إلّا أن مقاتلي اللجان الشعبية وجنود «اللواء 90» في الجيش السوري تمكنوا في الأيام الماضية من طرد إرهابي «النصرة» ومسلحين من جباثا من منطقة تلال الحمرية، جنوب غرب حضر، على مقربة من الشريط العازل مع الجولان المحتل التي سيطروا عليها قبل حوالى شهرين، بالتزامن مع سيطرتهم على مواقع «اللواء 90» في «التلول الحمر» شمال شرق حضر.
ومع انكشاف الدور الإسرائيلي في الحرب السورية لجهة دعم وتغذية ومعالجة إرهابيي تنظيم «القاعدة» وتجنيد عملاء في الداخل السوري عبر ناشطين أمنيين بينهم المدعو منذر الصفدي المعروف بمندي، والمقرّب من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لا يجد جيش العدو بدّاً من التدخل مباشرة، إن عبر الغارات الجوية على مجموعات المقاومة ومواقع الجيش السوري، أو بالقصف المدفعي والرشاشات الثقيلة، لمنع اللجان الشعبية من التفوق على إرهابيي «النصرة»، انطلاقاً من مواقع المراصد الإسرائيلية الشرقية والغربية على قمم جبل الشيخ، فضلاً عن توجيهه الإرهابيين لاحتلال مواقع الجيش وسرقة منظومات الدفاع الجوي السورية منذ العام الأول للحرب.
وتشكل حضر اليوم، مع بلدة خان أرنبة في القطاع الشمالي من محافظة القنيطرة، حجر عثرة أمام الجيش الإسرائيلي، الساعي لخلق منطقة عازلة على طول الشريط العازل، بعيداً عن سيطرة الجيش ومجموعات المقاومة السورية واللبنانية، ابتداءً من قرية الكويا في القطاع الجنوبي من القنيطرة، حيث يسيطر «لواء شهداء اليرموك» بقيادة أبو علي البريدي، مروراً بسحم الجولان، وصولاً إلى مدينة القنيطرة المهدمة المحتلة من قبل إرهابيي «النصرة» و«حركة أحرار الشام» ومسلحين محليين.
ولا تقتصر العدوانية الإسرائيلية على حضر في الجولان المحرّر، إذ يستمر جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان» وجهاز الأمن العام «شاباك» في اعتقال أهال من بلدة مجدل شمس المحتلة، بحجّة مشاركتهم في الهجوم على سيارة إسعاف إسرائيلية كانت تقل جرحى من «النصرة» أصيبوا خلال اشتباكات مع أهالي حضر أثناء سيطرة الإرهابيين على «التلول الحمر» قبل نحو شهرين. وبحسب مصادر من بلدة مجدل شمس، تستمر محكمة الاحتلال في مدينة الناصرة الفلسطينية بتمديد اعتقال حوالى 8 من أبناء مجدل شمس، بينهم سيدة، بتهمة المشاركة في الهجوم على سيارة الإسعاف، إضافة إلى الأسير صدقي المقت الذي مكّن من توثيق تعامل إرهابيي «القاعدة» مع إسرائيل، فيما أفرجت إسرائيل أمس عن أحد المتهمين بالهجوم على سيارة إسعاف أخرى في بلدة حرفيش شمال فلسطين المحتلة في مقابل بلدة رميش اللبنانية، كانت تقل جرحى من «النصرة» أيضاً.
مصادر ميدانية من داخل بلدة حضر أكدت «استمرار إسرائيل في تقديم المساعدة للإرهابيين، ومنع اللجان الشعبية من الالتفاف عليهم على سفوح جبل الشيخ». وتقول المصادر إن «إسرائيل تسمح لمسلحي جباثا الخشب باستخدام الدبابات ومدافع الهاون لقصف المدنيين في حضر، فيما تستهدف اللجان الشعبية والجيش بحجّة المنطقة المنزوعة السلاح».
مصادر ميدانية متابعة أكدّت أن «شهداء أمس من بين مجموعات تقاتل ضد الإرهابيين منذ سنوات، وفي الوقت نفسه تعمل على مقاومة العدو الإسرائيلي ومنعه من تنفيذ مخططاته بتنفيذ المنطقة العازلة، وفي سياق عمل المقاومة لتحرير الجولان المحتل».
وعلى الرغم من الإعلان الإسرائيلي عن وقف معالجة إرهابيي «النصرة» في الداخل الفلسطيني، أكدت مصادر أمنية معنية بالجبهة الجنوبية أن «إسرائيل لا تزال تستقبل جرحى الإرهابيين في أكثر من مشفى ميداني على الحدود مع الجولان المحتل، وتقوم بنقل عدد من الإرهابيين إلى مستشفيات صفد وحيفا، بعيداً عن أعين الأهالي. وتم نقل بعض من الذين أصيبوا في المعارك الأخيرة مع الجيش في مدينة درعا إلى الداخل، من دون المرور بالقرى الدرزية، كذلك تم نقل بعضهم بالمروحيات».
وفيما أثبتت التجارب من فلسطين إلى لبنان إلى الجولان أن استهداف المقاومين لا يوقف عمل المقاومة، أكّدت المصادر أن «العمل على تدريب وتجهيز مجموعات من المقاومة من أبناء قرى المواجهة، لقتال التكفيريين وإسرائيل، مستمر، والدماء التي تسقط تزيد المقاومة إصراراً على استمرار العمل».
إسرائيل لا تنفي ولا تؤكد
التزمت إسرائيل أمس صمتاً رسمياً، وامتنعت عن تأكيد أو نفي مسؤوليتها عن الغارة التي شنتها طائراتها الحربية بالقرب من بلدة حضر. وفيما اكتفت المؤسسة الأمنية في تل أبيب بالإشارة إلى أنها لا تعلّق على تقارير ترِد من الخارج، انشغلت وسائل الإعلام العبرية في مقابل ذلك، بنقل لافت لكل ما يرد في الإعلام العربي حول الاعتداء، مع التأكيد أن الجيش الإسرائيلي رفع حالة الحذر والاستعداد على طول الحدود مع لبنان وسوريا، وهو يتابع بدقة كل التقارير الواردة من هناك.
فراس الشوفي
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد