العراق: تسوية الساعات الأخيرة تفضي إلى انسحاب جزئي لقوات الإحتلال التركي
حبس الجميع الأنفاس مع بدء العد التنازلي للمهلة التي حددها مجلس الأمن الوطني العراقي (وهي لجنة وزارية يترأسها العبادي) للقوات التركية للانسحاب من الأراضي العراقية. وحتى الساعات الأخيرة لانقضاء المهلة لم يصدر أي موقف لافت من الجانب العراقي سوى التصريحات والبيانات والمواقف التي أعلنتها بغداد، خلال اليومين الماضيين.
لكن علمنا من مصادر مطلعة أن مبعوث الرئيس الأميركي الخاص لـ»التحالف الدولي» بريت ماكغورك، الذي وصل إلى بغداد مساء أول من أمس، نجح في «تسوية» خلال الوقت البدل والضائع، أدت إلى «حفظ ماء وجه العراق» عبر ترتيب انسحاب إعلامي لنحو 300 جندي تركي من أطراف نينوى.
وأوضحت المصادر، أن «ماكغورك عقد فور وصوله إلى بغداد لقاءات مكثفة مع المسؤولين العراقيين، وعلى رأسهم العبادي، فيما تولى السفير الأميركي في بغداد مهمة التنسيق والاتصال مع الجانب التركي وإبلاغه بالتطورات ومواقف بغداد وشروطها». وأشارت هذه المصادر إلى أن «التسوية» أفضت إلى انسحاب بعض الجنود الأتراك من المعسكرات التي يوجدون فيها في محافظة نينوى، بما يشبه الانسحاب الإعلامي.
كذلك أكدت أن تركيا سحبت مساء أمس نحو 300 جندي تركي من معسكرين في نينوى كدفعة أولى، ستعقبها لاحقاً مواقف تركية «محابية» للعراق، لافتة الانتباه إلى أنّ من المرتقب أن يبعث رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو رسالة إلى نظيره العراقي تتضمن توضيحاً يرتقي إلى الاعتذار في ما يخص «سوء الفهم» الذي حصل بشأن القوة التركية التي دخلت إلى العراق الخميس الماضي.
بموازاة ذلك، رجح الخبير الأمني هشام الهاشمي أن يكون الجانب الأميركي قد طلب مساعدة السفير الروسي في بغداد لممارسة دوره بالضغط على حكومة بغداد، خصوصاً أن الأخير التقى رئيس الوزراء حيدر العبادي، فجأةً، مساء أول من أمس.
وأشار الهاشمي، إلى أن العراق وتركيا لم يكونا يرغبان في مزيد من التصعيد، نظراً إلى الظروف التي يمران بها، مشيراً إلى بيان وزارة الخارجية العراقية الذي اتسم بأعلى درجات الدبلوماسية والعقلانية، فضلاً عن بيان زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر.
وكان الصدر قد أصدر بياناً، أمس، طالب فيه مجلس النواب العراقي بالتصويت للتصعيد السياسي دون العسكري، واستدعاء السفير التركي لمناقشة ذلك قائلاً: إن «تركيا منذ زمن وهي جاثمة على الأراضي العراقية، فلم صارت مثاراً للجدل ومثاراً للبيانات التي تهدد بضرب مصالحها أو أراضيها، وكأن العراق بحاجة إلى حرب جديدة تقوي من شوكة الاحتلال، بل الاحتلالات، وتقوي من النفوذ الداعشي».
في المقابل، دخل الأكراد، بقوة أمس، على خط التصعيد بين بغداد وأنقرة، حيث أجرى رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني اتصالاً مع العبادي، أكد فيه أن «سيادة العراق خط أحمر»، بحسب بيان رسمي صادر عن مكتب العبادي. ونقل البيان عن البرزاني قوله: «نرفض دخول أية قوات للعراق، ونحن مع كل من يساعدنا ضد عصابات داعش الإرهابية، ولكن بالتنسيق والتشاور والحفاظ على السيادة».
بدوره، أعلن «حلف شمال الأطلسي»، مساء أمس، أول موقف له من التصعيد التركي الأخير، حيث أكد الأمين العام للحلف يانس ستولتنبرغ، في اتصال هاتفي مع العبادي، أنه سيخبر الدول الأعضاء بالموقف العراقي، وكيف أن القوات التركية دخلت إلى العراق من دون علم الحكومة المركزية. وكان العبادي قد طلب من «الأطلسي» استخدام صلاحياته لحثّ تركيا على الانسحاب الفوري من الأراضي العراقية، بحسب ما ذكر بيان للمكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء.
وكانت قد سبقت هذه الردود العراقية تصريحات من الجانب التركي، فقد أعلنت وزارة الخارجية التركية في بيان لها، أن «من غير المقبول الاعتقاد بأن تركيا ستتخذ خطوة تقوّض سيادة العراق وسلامة أراضيه والتي تمثل لتركيا حساسية كبيرة»، مشيرة إلى أنه «نظراً إلى الحساسية التي أبدتها السلطات في العراق وهو (بلد) صديق وشقيق فقد توقفنا عن إرسال قوات إلى بعشيقة قبل يومين».
في غضون ذلك، طالبت روسيا بنقاش غير رسمي في مجلس الأمن الدولي بشأن العمليات العسكرية التركية في سوريا والعراق، بحسب ما صرح به دبلوماسيون.
ميدانياً، أحرزت القوات العراقية، أمس، تقدماً كبيراً في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار جعلها قاب قوسين أو أدنى من مركز المدينة، بعد تحرير حي التأميم وقيادة عمليات الأنبار السابقة والحالية، بحسب مصادر أمنية في قيادة العمليات. وقالت المصادر، إن قوة عسكرية مشتركة وبإسناد من الطيران العراقي والتحالف الدولي تمكنت من تحرير البوابة الشمالية والجزء الشمالي لمقر قيادة عمليات الأنبار، أدت إلى مقتل وإصابة وهروب العشرات من عناصر «داعش».
كذلك تمكنت قوة مشتركة من جهاز مكافحة الإرهاب والجيش العراقي والشرطة المحلية من تحرير منطقة التأميم غربي الرمادي، بشكل كامل، بعد قتال ومعارك ضارية دامت أسابيع.
المصادر ذاتها أشارت إلى أن القوات العراقية المشتركة تتقدم، حالياً، لتحرير القصور الرئاسية قرب المواقع التي حررت.
محمد شفيق
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد