تفتح قبرها بيديها ولا تنتظر عطاءات الحكومة
الجمل ـ حلب : عند زاوية أمام جامع ميسلون أسندت أم أحمد ظهرها على جدار محل قصابة في السوق وفرشت " سلعها " على الأرض وهي من اليسار إلى اليمين سطل فيه بعض من التبن تطمر فيه حوالي 30 بيضة بلدية بعناية حتى لا تتكسر، ثم كيسين عبئ كل واحد بـ 1 كغ من زيت الزيتون ويليهما كيس نايلون أبيض " سبق أن اشترت فيه كيلو سكر وأفرغته في مطربان بلاستيك " يحتوي نصف كيلو جبنة غنم وفي النهاية عبوة كولاً 250مل ملأتها زيت زيتون " من تنكة أرسلها أقارب لها في عندان ".. أم أحمد غير منتسبة الى غرفة تجارة حلب ولا تدفع ضريبة أرباح لخزينة الدولة التي يقودها الحزب، كما يحار الاقتصاديون في نسبتها إلى شريحة مجتمعية، فهي ليست تاجرة ولا من صغار الكسبة، لأنها تبيع من ملكها، ولا متقاعدة ولا ملاكة عقارية، والغرفة التي تسكنها في منطقة "دوار الجزماتي" لا تساوي قيمتها أكثر من ثمن خلاط ذهبي في دورة مياه فارهة + كرسي إفرنجي !!!
أم أحمد أم لرجلين تدعو لهما بالسعادة والغفران.. أسألها هل يبرّونك يا حجي؟
تبتسم وتقول: الأصغر لا يمكن أن يخرج من جيبه ولو عشر ليرات، ولكن أحياناً ترسل لي زوجته صحن من طبخ البيت، أما الأكبر فكثيراً ما اشترى لها الدواء من حسابه وهو أفضل من أخيه.
تنفتح قريحتها على الكلام وتسترسل: شوف يا عين ستك أم احمد، أنا إلي الله ورح ظل على عمل الخير حتى موت، ما فيني أغضب عليهم، الله يسامحهم بس الله لا يطلع خلفتهم مثلهم !!
أم أحمد لا تتاجر سوى بالبيض يجمع لها من قريتها " عين الجمل " وتربح بالبيضة نصف ليرة وتبيع في اليوم، حوالي 50 – 60 بيضة. إلا أنها لا تفتح السوبر- بسطة ، التي تملكها كل يوم بل عندما تحتاج للمال، فالزيتون والجبن والزيت هو من مونة البيت التي تحصل عليها بكمية تزيد كثيراً عن حاجتها السنوية، فتبيع منها لشراء لباس أو لعيادة طبيب أو لتحصيل ثمن وصفة طبية.
تتمنى أم أحمد أن تحج إلى بيت الله، لكن ما باليد حيلة تصلي وتدعو لكل الناس بالخير تتابع الأخبار ويقهرها ما يجري في العراق وفلسطين وتعتقد أن الله لن ينصر العرب لأنهم لا يساعدون بعضهم..أسألها:
ستي هل سمعت قول ماركس: الرأسمالية العالمية تحفر قبرها بيديها !!
تدرك أم أحمد التي لم تدخل المدرسة ويبلغ عمرها 75 سنة و ستحتفل في الصيف بيوبيلها الماسي أو الما.... شي أن الحديث انتقل للسياسة
فتقول: الاستعمار يحفر القبور للناس ولا يحفر القبر لنفسه هذا الكلام خطأ !!!!
أنا حفرت قبري بنفسي وأنتظر أمر الله ينقضي .
أنت سألتني إن كنت أخاف لوحدي في البيت، من يحفر قبره بيده لا يخاف، وأنا لا أخاف سوى من الله.
يحضر رجال يفاوضونها على سعر البيضة فترد: لا تتعب نفسك يامو أنا أربح نصف ليرة يمضون قبل أن تقول لي منذ الصباح بعت 25 بيضة وكيلو زيتون لن أعود قبل بيع كل شيء وعدتُ جارتي _ ابنها مريض _ بـ 500 ليرة ما بيصير يا ابني اكسر بخاطرها.
كانت الساعة قد قاربت الخامسة عصراً وليس في كيس أم أحمد سوى 175 ليرة .
بالتأكيد ماركس نزل في القبر من زمان ....
فمن سينزل أولاً أم أحمد أم الرأسمالية وكلاهما قد حفر قبره بيده ؟؟ وكلاهما لا يخاف.
باسل ديوب
إضافة تعليق جديد