السيناريو السوري يتكرر في أسواق لبنان
يختصر الشعب اللبناني ما يحدث حاليًا في جملة واحدة: “العمر رح يخلص والبضاعة يلي اشتروها التجار على الـ 33 ألف ما بتخلص”. وهي مقولةٌ انتشرت في الأيام الماضية عبّر خلالها المواطنون عن استيائهم الشديد من التجار، الذين يتذرعون بشراء البضائع وفق سعر مرتفع للدولار ويواصلون البيع بأسعار أحياناً مضاعفة ووفق حججٍ واهية.
ولعل ما حدث في لبنان يذكرنا تمامًا بما حدث في سوريا عندما تحسنت الليرة بشكل مفاجئ واستقر سعر صرف الدولار في مستويات 3500-3600 ليرة سورية، لكن البضاعة التي في البلد – وباعتراف جهات مقربة من الحكومة – ظلت تُسعر بضعفي أو ثلاثة أضعاف سعر الدولار الفعلي.
كذلك الأمر في لبنان حيث لم يلمس الشعب فارقاً كبيراً في تغيّر أسعار المواد الاستهلاكية والسلع الغذائية على الرغم من تأكيد المسؤولين والجهات المعنية أن الانخفاض تراوح بين 25% و30%، لا سيما على الأصناف الأساسية، وذلك بفعل هبوط سعر صرف الدولار بحدود 9 آلاف ليرة لبنانية، بعدما كان قد لامس حدود 34 ألف ليرة في وقت سابق من يناير/ كانون الثاني الجاري.
يصف المواطنون في لبنان ما يحدث بأنه ـ”جشع التجار الذي أضحى بلا سقف”، بينما تقول الجهات الدولية كلامًا آخر، حيث صرّح البنك الدولي بأن كساد الاقتصاد اللبناني من تدبير قيادات النخبة في البلاد، ويعرض الاستقرار والسلم الاجتماعي هناك للخطر على المدى الطويل.
الاحتكار على قدمٍ وساق:
يتخوف اللبنانيون من عمليات التخزين التي دأب التجار على اتباعها، حيث يعمدون إلى شراء البضائع بكميات كبيرة على الأسعار المعدلة المنخفضة ويبيعون بعضاً منها ويخزنون معظمها لبيعه بمجرد أن ترتفع الأسعار بالتزامن مع ارتفاع سعر صرف الدولار مرة أخرى، كما حصل مع السلع التي كانت لا تزال مدعومة على سعر الصرف الرسمي وجرى تخزينها وبيعها بأسعار مرتفعة أو تهريبها وتحقيق أرباح طائلة، وفق مواطنين.
ويشكو المواطنون من أن أصحاب المتاجر يتذرعون دائماً بأنهم اشتروا بضائعهم على “الغالي” كي لا يخفضوا أسعارها، كما يسارعون إلى رفعها فور ارتفاع سعر صرف الدولار، وهو ما دفع المحال بغالبيتها إلى عدم وضع الأسعار على الرفوف في العلن للتحكم بها يومياً.
وفي مقابل شكاوى المواطنين من عدم انخفاض الأسعار، يقول نقيب مستوردي المواد الغذائية “هاني بحصلي”، في تصريحاتٍ لصحيفة “العربي الجديد”، إن “الشركات المستوردة بدأت بتقديم لوائح بأسعار جديدة تتماشى مع انخفاض سعر صرف الدولار، وهناك شركات ومؤسسات تجارية وسوبرماركت باشرت فعلاً في خفض أسعارها، ولكن لا دورًا رقابيا لنا، إذ إن النقابة ليست جمعية بل مجموعة شركات وكل شركة تتبع تسعيرة تضعها، ونحن لا نتدخل بها”.
ويتابع أن “فوضى تقلبات سعر الصرف حتماً تنعكس بعدم وجود أسعار موحدة في المتاجر كافة، بحيث أن كل سوبرماركت يعتمد أسعاراً خاصة به وتتوافق مع الأسعار التي اعتمدها تبعاً لسعر صرف الدولار الذي سعّر على أساسه، ومن هنا تبرز أهمية الاستقرار الذي يتطلب في المقابل مقومات فعلية لتثبيته وإلا سنكون أمام تكرار لارتفاع سعر صرف الدولار وسنبقى دائماً في حال ترقب”.
من ينتظر انخفاض الأسعار سينتظر طويلًا!
عبّر رئيس جمعية المستهلك الدكتور “زهير برو” عن رأيه صراحةً، إذ اعتبر أن “من ينتظر تراجع أسعار السلع سينتظر طويلاً”، وذلك في ظلّ عدم الاستقرار الاقتصادي وغياب القدرة على المتابعة اليومية في كل المناطق وفي كل المجالات.
واعترف “برو” أن ذلك يعود إلى واقع اللعبة الاقتصادية الحالية، وفشل الجهات المعنية في منع المصارف والتجار وكبار المستوردين من التصرّف في السوق بما يؤمّن مصالحهم، وتكديس المزيد من الأموال، ومراكمة الأرباح.
وأكد أن جمعية حماية المستهلك لا تستطيع ملاحقة المحتكرين قضائياً، لأن “ملاحقتهم هي مهمة السلطة”، وتبعا لذلك لا يمكنها سوى الذهاب إلى القضاء الذي بات أسير السلطة السياسية.
إضافة تعليق جديد