الشوارب الضخمة في مصر للهيبة وفض النزاعات
«الرجل بلا شنب كالـ... بلا ذنب». هذا الشعار الغريب الذي قد يستنكره كثيرون من شباب اليوم، ترفعه رابطة غريبة الاهتمامات تتكون من 148 رجلاً لا يربطهم سوى شواربهم! إذ اتفق هؤلاء على رعاية شواربهم وتربيتها مهما كلفهم الأمر، وسط ضغوط الحياة، وربما لدخول الموسوعات القياسية أو لانتزاع الهيبة من المجتمع المحيط أو لفتح الأبواب المغلقة وأيضاً لحل النزاعات الاجتماعية والأسرية.
يجتمع أعضاء «رابطة الشوارب المصرية المميزة» في مقر الرابطة في منزل رئيسها الحاج فتحي أحمد محمود. وفي بلد يعتبر فيه الشارب واللحية من علامات الرجولة، يشعر أعضاء الرابطة بالزهو لما حققوه من إنجاز مع كثير من المرح أحياناً».
وعندما يجلس الأعضاء في منزل الحاج فتحي وسط الكؤوس الكثيرة التي فاز بها في المسابقات والكثير من المقالات الصحافية عن شاربيه، فإنهم يتجاذبون أطراف الحديث عن الشهرة التي حققتها شواربهم التي يعتزون بها وتحظى بعنايتهم الفائقة، ويعرض أعضاء الرابطة خدماتهم كعاملين في المجال الاجتماعي متطوعين لحل المشاكل، فيسافرون مثلاً في مهام الى جنوب مصر لتسوية خلافات عائلية، وكذلك مشاكل الثأر المنتشرة في المنطقة، معتمدين على الهيبة التى يرسمها الشارب وكأنه يحمل حكمة السنين!
و»العناية بالشوارب تكاليفها ليست قليلة»، كما يقول الحاج فتحي. فالشارب يحتاج إلى عناية فائقة، إذ يغسله بماء دافئ ويضع عليه مرهماً مبلسماً، ثم يتركه مدة ربع ساعة ليغسله بعدها بالشامبو بعد تجفيفه واستخدام تركيبات من زيت الزيتون.
ثم يفرد الشارب بـالـ «سيشوار» ويضع عليه «چل» مثبتاً ويرشه بالـ «اسبراي» ليحافظ على شكله».
ويشرح الحاج فتحي ان الشوارب أنواع. هناك شارب ملفوف وآخر «يقف عليه الصقر»، وشارب «زهرة اللوتس»، و»الشارب الكارتير» والشارب المفرود. هذا في الصباح، أما في فترة الظهيرة والمساء، فللشارب «طقوس» خاصة أخرى. وتكلف هذه العملية نحو 300 جنيه مصري شهرياً، وهو مبلغ كبير، قياساً بمستوى الدخل الفردي في مصر، وقياساً بدخله الشخصي (الحاج فتحي) كسائق «ميكروباص». ولكن أياً كانت الكلفة المادية والأعباء الأخرى التي يفرضها الانضمام الى هذه الرابطة الخاصة، فليست إلا ثمناً زهيداً في مقابل الشهرة التي يحظى بها البعض. إذ فاز الحاج فتحي بلقب «صاحب أغرب شارب في العالم» عام 1985.
والطريف ان الحاج الستيني لا يقيم احتفالاً بيوم ميلاده، وانما بعيد الميلاد الثلاثين لشاربيه اللذين تجاوز طولهما 76 سنـــتيمتراً، ويجتمع أعضاء الرابطة فى منزله في ضاحية المطرية في القاهرة ليشاركوه فرحته.
لكن كيف خطرت الفكرة على الحاج فتحي؟ يذكر أن البداية كانت مع جده في ستينات القرن الماضي، وكان هو آنذاك في الثامنة عشرة من العمر. وكان لجده شاربان كبيران وضخمان وله رهبة وهيبة في القرية، الى درجة أن أي لص كان يخشى الاقتراب من داره أو أرضه أو حتى البيوت والأراضي المجاورة له. وصنع من شاربيه الضخمين وجسمه الطويل العريض أسطورة في القرية. وكانت أمنية الشاب فتحي أن يكون مثل جده. ولما بدأ شارباه ينموان، أطلقهما في العام 1974، وبعد 6 أشهر لفت الشاربان أنظار الناس. وفي العام 1975، قرأ أخباراً عن مسابقة أجمل شارب في العالم، وكان لرجل إيطالي. فكتب اعتراضاً وأرسل صورته إلى إحدى الجرائد التي كتبت أن أطول شارب في العالم هو في مصر وليس في إيطاليا. وفي العام 1980، نال لقب أكثف وأضخم شارب على مستوى العالم. وعندما أعلنت شركة «بيتز بيفرو» عام 1985عن مسابقة لأغرب شارب في العالم، وكانت الجائزة آنذاك 500 دولار على ان يوضع اسم الفائز على 3 مطاعم في أهم 3 مواقع في إيطاليا، في مقابل أجر سنوي مقداره 300 دولار، بحث حتى وصل إلى مكان الشركة. وبمجرد دخوله على مديرها، قال له «كل ده شنب»، وفاز بلقب أغرب شارب في العالم.
ثم توالت عليه الألقاب بعد ذلك. فحصل عام 1988 على لقب أضخم شارب في العالم، وفي عام 1989 أظرف شارب، وعام 1990 أجمل وأطول شارب، ودخل به موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية.
ويؤكد أعضاء الرابطة، ومنهم ضباط كبار في الجيش ومهندسون ومحاسبون وفنانون ورجال أعمال، ان هيبة الشارب لا تتحقق إلا مع الأخلاق الكريمة وقوة الشخصية. ولكن هذا لا يمنع أن الشارب المميز يعطي الرجل المميز في أخلاقه وأقواله وأفعاله هيبة ورهبة ويزيد من الإحساس برجولته.
ويقوم اعضاء الرابطة باستعراض الشوارب في مختلف المحافظات المصرية وباتت لهم شعبية وأصدقاء في مصر وخارجها، إضافة إلى الظهور في البرامج التلفزيونية، ويعبرون من جهة أخرى عن سعادة أسرهم وأبنائهم بشواربهم المميزة ويقبل الكثيرون ممن يلتقون بهم على التقاط الصور التذكارية معهم وان فزع قليلون للوهلة الاولى.
نادية برسوم
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد