فلسطيني يبتكر خطا عربيا جديدا
أضيف للخط العربي لون جديد إلى جانب الأنواع المعروفة. فقد أثمرت محاولات شاب فلسطيني دامت أربع سنوات من العمل المضني نمطا جديدا للكتابة العربية.
وأطلق بلال النتشة من مدينة الخليل بالضفة الغربية على لونه المبتكر اسم "الخط المحمود"، مشيرا إلى أنه يتميز عن الأنماط القديمة من الخط العربي بأن شكل كلماته يوحي بمعانيها.
وقد ساعدت اللغة العربية التي ساهمت بنيتها وما تتمتع به من مرونة وطواعية وقابلية للمد والرجع والاستدارة والتزوية والتشابك والتداخل والتركيب، على ارتقاء الخط العربي إلى فن جميل يتميز بقدرته على مسايرة التطورات.
وصف النتشة وخطاطون ومختصون فلسطينيون في أحاديث للجزيرة نت الخط الجديد بأنه أسلوب فني حديث للكتابة يصلح للتحف والزخارف والمنحوتات والجلد، أكثر من الكتابة في مجال القراءة اليومية أو التدوين.
يقول بلال النتشة، الذي يعمل في مجال النحت خاصة على الخشب والنحاس، إنه أحب التخطيط وفن النحت منذ الصغر، وقرأ الكثير من كتب الخط وظل يحاول اكتشاف خط جديد مرة تلو الأخرى لعدة سنوات حتى وصل إلى الخط "المحمود" ووضع له قواعد وأسس للكتابة.
ويضيف أن معرفته بأنواع الخطوط الموجودة وقراءته لدعوات بعض الخطاطين إلى ضرورة اختراع خطوط جديدة دفعته للبحث عن خط مختلف فاهتدى إلى الخط المحمود، موضحا أنه يختلف عن غيره بأن رأس حرف الألف يميل تجاه اليمين بعكس باقي الخطوط التي يكون بها رأس الحرف مائلا إلى الشمال.
وأشار إلى أن بدايته كانت بمحاولة المزج بين الخط الديواني وخط الرقعة، لكنها لم تنجح سوى في حرفين بعد سنوات من التجريب، وفي لحظة سكون وجد في نفسه دافعا لأن يبدأ في فكرة الخط المحمود وبالفعل واصل محاولاته حتى وصل إلى تحديد أشكال جميع الحروف.
يتميز الخط الجديد بجماله وتناسقه، ويمكن للمشاهد -سواء يفهم العربية أم لا- أن يستوحي معنى الكلام المكتوب عبر الشكل الفني له، فمثلا عند قراءة البسملة يشعر القارئ ببعد روحاني، وفي كتابة كل اسم من أسماء الله يجد في التحفة الفنية ما يدل على المعنى.
وبزيارة قصيرة لمشغل النتشة يجد الزائر العديد من المنحوتات الفنية الجميلة بخطه الجديد المتناسق صمّمها على الأخشاب والجلود وحتى جدار المحل، حيث يقول إنه وصل إلى مرحلة متقدمة في اكتشاف خط جديد أسماه الخط النباتي بمعنى أن شكل الحروف يحاكي شكل النباتات.
وبين الحين والآخر يجلس النتشة منفردا لينتهي إلى تحفة فنية جديدة ومختلفة عن التي قبلها مزينة بخطه، وبالفعل تمكن بتصميمه تحفة فنية من احتلال مركز متقدم في مسابقة أقامتها وزارة السياحة الفلسطينية.
ويقول رئيس تجمع الحرف التراثية المشرف على المسابقة بدر الداعور إن النتشة أبدع في تصميم تحفة فنية تحاكي ختم الدولة العثمانية أذهلت الحضور وأعجبت المُحكَمين من ذوي الاختصاص، الذين منحوه مركزا متقدما نظرا لإبداعه في اختراع الخط واختيار اللوحة المناسبة للرسم عليها.
ويضيف أن الحس والذوق الفني وروح التجديد التي يتمتع بها النتشة هي التي تساعده على الاختيار الموفق لمخطوطاته ورسوماته ولوحاته الفنية النادرة.
من جهته وصف الخطاط ساري الداعور الخط المحمود بأنه جديد يتساوق مع الحداثة، موضحا أنه يصلح لأن يستخدم في المجسمات واللوحات الفنية لما فيه من روعة وجمال، لكنه غير مناسب للقراء العاديين أو للاستخدام في المدونات اليومية.
وقال إن المختلف في الخط الجديد هو أن شكل كتابة الكلمة يعبر عن المضمون بخلاف الخطوط الأخرى، وهذا العمل استغرق كثيرا من الوقت والجهد من صاحبه، مضيفا أنه أحد أشكال الخط الحديث الحر الذي يخضع لقاعدة محددة مثل الخطوط المعروفة.
عوض الرجوب
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد