اللون الأحمر الأكثر تأثيراً بالإنسان
إنه اللون الأحمر: بسرعة البرق تضرب القدم على فرامل السيارة للتوقف، كأنما أمر مبرم وصارم صدر ولا مفر من الانصياع له بصورة فورية. من لا يرتجف عندما يجد لمبة البنزين أو الزيت في سيارته وقد أضاءت باللون الأحمر؟ ومن لا يحب الورد الأحمر؟
تشير الدراسات التي أجريت أخيراً إلى إن اللون الأحمر من أكثر الألوان المفضلة عند الناس بمن فيهم لاعبو الفرق الرياضية ومقتنو السيارات. وتمتلك ظاهرة حب الأحمر والتعلق به تاريخاً قديماً. ولو رجعنا إلى رايات الدول وإعلامها لوجدنا أن ثمانين في المئة منها يتضمن ذلك اللون كرسالة ترهيب وتحذير تذكّر بالدم إلى جانب لون يوحي بالسلام كالأخضر أو الأبيض. وخلال التاريخ اتّخِذ الأحمر شعاراً لكثير من الثورات الكبرى كانتفاضة البلاشفة في روسيا وثورة الحزب الشيوعي في الصين وحركة تشي غيفارا وفيدل كاسترو في كوبا وغيرها. كما اتخذ شعاراً لكثير من المنظمات العسكرية والإرهابية في القرن العشرين كـ»الألوية الحمر» في إيطاليا و»الجيش الأحمر» في اليابان ومنظمة «بادر- ماينهوف» في ألمانيا وغيرها.
هل يفوق أثر اللون الأحمر غيره من الألوان؟ ولماذا؟ أسئلة طرحها بعض العلماء وحاولوا الإجابة عنها. عندما يعرف المرء الأجوبة سيعرف لماذا تكون السيارات الفارهة ذات لون أحمر. تعتبر السيارات الرياضية ذات المحركات الكثيرة الأنابيب رمزاً للوضع الاجتماعي. وكلما زعقت ازدادت سرعة بحسب اعتقاد المرء. بمعنى آخر إن انطباعنا عن السائق السريع ليس ناتجاً من معرفتنا بالقوة الحصانية الكامنة في المحرك. في هذا الصدد، يعتقد خبير الأصوات الألماني هوغو فاستيل من «جامعة ميونيخ للتقنية» أن الأمر أكثر من مجرد صوت، إذ هناك تأثيرات أخرى في انطباعاتنا البصرية عن السرعة. ويعرب عن قناعته بأن لدى الكثيرين انطباعاً بأن السيارات أو القطارات ذات اللون الأحمر هي الأسرع ، لدرجة أن مشاهدة قطار ذات لون أبيض توحي للكثيرين بأنه بطيء، خصوصاً عندما يمر في الريف.
ويعتقد العلماء بأن مشاهدتنا للألوان تُمثّل تجربة متعددة الجوانب. وفي أحد الاختبارات التي أجرتها الجامعة المذكورة آنفاً، عُرضت على شخص صور لقطارات مختلفة الألوان وذات أصوات بالقوة نفسها. وكانت النتيجة أن الشخص المُختبر شعر بأن الصوت مختلف القوة، بمعنى أن اللون أثر في الانطباع الذي تركه الصوت عن سرعة القطار.
في هذا الصدد يقول هوغو فاستيل: «إن المكونات الصوتية تلعب دوراً مهماً، لكن يجب على المرء إن يلاحظ إن الإنسان يراعي حواسه كلها... إن هذه الحواس هي من يقول له إن القطار الأخضر هو الأكثر بطئاً والأحمر الأكثر سرعة». غير إن هذه النتيجة لم تشف غليل بعض الباحثين الذين يسألون عن كيفية إدراك قوة الألوان والأصوات في الثقافات الأخرى. وأتضح أن الربط بين السرعة واللون الأحمر لا يقتصر على الأوروبيين. ففي اليابان حيث يوجد أسرع قطار في العالم « شناكنزن» ذات اللون الأبيض والخطوط الزرق والحمر، يسود اعتقاد على نطاق واسع بأن لو كان لونه أحمر لكان أسرع. ويعلق فاستيل على هذا الأمر بالقول «إن هناك شيئاً مشتركاً بين جميع الأشخاص الذين تم اختبارهم سواء في أوروبا أم أميركا أم آسيا وهو أن الأطياف الحمر تولّد إحساساً بالسرعة الشديدة». وتظهر مطالعة بعض المواقع العلمية على الانترنت، مثل «نايتشر» و»نيو ساينتست»، أن ثمة دراسات مثيرة عن الأثار المتعددة للون الأحمر.
ويرى عالم النفس السويسري ماكس لوستشر أن تأثير الألوان في الإنسان يتجاوز البُعد النفسي، ليطاول أعضاءه وأجهزته الداخلية. ويعتقد بأن الألوان في حقيقتها عبارة عن تموجات فيزيائية تحمل أنواعاً خفية من الطاقة؛ وهي تدخل الجسم بترددات طولية مختلفة، وبالتالي تؤثر حتى في العميان.
وتدّعي الطبيبة الفرنسية إيفون دموبلسي أنها أثبتت وجود ارتفاعات طفيفة في القدرة العضلية حين يتعرض المرء للونين الأحمر والأخضر، وبخاصة في الظلام. كما تورد أن أطباء الجيش الروسي لاحظوا أن عمل الجنود في كبائن مطلية بالأحمر يرفع حرارة أجسادهم أثناء الشتاء ويبقيهم متحفزين على الدوام.
عفراء محمد
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد