القات يستنزف اليمنيين
أطلقت السلطات اليمنية أخيراً حملة استهدفت تطهير شوارع العاصمة صنعاء من ظاهرة البيع على الأرصفة والباعة المتجولين، في وقت تكاثرت أسواق بيع القات ومحاله بالتزامن مع ارتفاع أعداد متعاطيه بين المراهقين والنساء.
وأعلنت منظمة «سوول» غير الحكومية حملة «حرة بلا قات» التي تستهدف توعية النساء المخزنات. لكن جهود مكافحة تعاطي القات ما زالت تواجه صعوبات شتى. وأخفق المجلس المحلي لجزيرة سقطرى في تنفيذ قرار اتخذه أخيراً، يقضي بمنع دخول القات الى الجزيرة وبيعه بسبب عدم وجود قانون يحظر القات.
وكان ارتفاع نسبة البطالة، خصوصاً منذ حرب الخليج الثانية وعودة مئات آلاف المهاجرين اليمنيين الى وطنهم، أدى الى امتهان كثير من الشباب العاطل البيع على الأرصفة. كما انتشرت عربات بيع البطاطا المسلوقة و «البليلة». وقضى عدد من هؤلاء الشبان في مواجهات مع دوريات البلدية.
وكان قرار حكومي صدر عام 2005، قضى بتحديد اسواق خاصة لبيع القات تراعى فيها المرافق والخدمات ومواقف السيارات، بالإضافة الى منع مزاولة بيع القات داخل الأسواق والتجمعات غير المعتمدة وفي الشوارع العامة أو الحارات أو داخل البيوت. لكن القرار الحكومي بقي حبراً على ورق.
وبدا أن بيع القات وتعاطيه باتا لازمة يومية لحياة غالبية اليمنيين. والى البيع بواسطة السيارات والأرصفة، انتشرت أسواق بيع القات في صورة متزايدة، خصوصاً في صنعاء. و قلما خلا حي من محال بيع هذه النبتة التي يعتقد بأن موطنها الأصلي أفغانستان، وانتقلت الى اليمن من الهضبة الأثيوبية. وفي بعض جهات العاصمة قد لا تزيد المسافة بين سوق وآخر عن 700 متر. وكانت أسواق القات مسرحاً لعراكات مسلحة رميت في إحداها قنبلة، ما أدى الى سقوط قتلى وجرحى من مرتادي السوق.
ويرى مراقبون أن انتشار القات والسلاح ما زال يشكل تحدياً أمام مساعي اليمن للانضمام الى مجلس التعاون الخليجي، لا سيما ان بعض الدول الخليحية لا تزال تصنفه ضمن المخدرات. كما تعد زراعة القات سبباً في استنزاف المخزون المائي لليمن. وتشير الاحصاءات الرسمية الى وجود اكثر من 40 مليون شجرة قات، مع تزايد زراعته بنسبة 12 في المئة سنوياً. وقدرت مساحة زراعته عام 2005 بنحو 123,933 هكتاراً. وتفيد المعلومات أن نسبة الذين يتعاطون القات من الرجال تتجاوز 90 في المئة. وبات القات ثقافة مجتمعية في الحياة العامة والرسمية في البلاد. وجرت العادة أن تتعاطى النساء القات في مكان منفصل عن الذكور.
وعدا الازدحام الذي تتسبب فيه أسواق القات وأماكن بيعه، تستهلك تجارته ملايين الأكياس البلاستيكية يومياً لحفظه وحمله، ما يشكل عبئاً بيئياً. كما تزايدت نسبة الإصابة بالأمراض السرطانية بين اليمنيين، جراء استخدام المبيدات الكيماوية في زراعة القات.
وينتشر القات في اليمن وأثيوبيا والصومال، ويهرّب الى بلدان مجاورة وبعض البلدان الغربية. وكانت مجلة «فوكس» الالمانية قدرت أرباح بيع مادة القات في ألمانيا عام 2006، بنحو 2.5 مليون يورو.
علي سالم
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد