خطة تطويق روسيا والدور الإسرائيلي القادم في القوقاز

الجمل: هدأت بنادق ومدافع الحرب الجورجية – الروسية ولم تهدأ بنادق ومدافع السياسة وذلك لأن المعارك التي دارت في أوسيتيا الجنوبية التي لا تتجاوز مساحتها عشرات الكيلومترات ولا يتجاوز عدد سكانها التسعة وتسعين ألفاً هي معارك تزايدت تفاعلاتها على النحو الذي أصبحت تهدد بإشعال حرب باردة جديدة على خط واشنطن – موسكو إن لم يكن قد أشعلتها فعلاً.
* زيارة ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي لجورجيا:
غادر ديك تشيني العاصمة الأمريكية في زيارة لأربعة بلدان ستركز كما تقول التسريبات الأمريكية على التأكيد لحلفاء أمريكيا في منطقة القوقاز بأن واشنطن ما زالت عازمة على الاستمرار في الوقوف إلى جانبهم هذا والدول الأربعة التي سيزورها تشيني هي:
• أذربيجان: وتمثل الحليف القوقازي الذي تعول عليه واشنطن وعلى دوره الكبير في تحقيق السيطرة والنفوذ على نفط منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى.
• جورجيا: وتمثل الحليف الذي تعول واشنطن على دوره الاستراتيجي الكبير في تهديد روسيا وضبط الأوضاع في منطقة القوقاز وعبر القوقاز.
• أوكرانيا: وتمثل الحليف الشرق أوروبي الذي تعول واشنطن على دوره الكبير في تهديد روسيا ونشر القدرات العسكرية الأمريكية وتوظيفها في إشعال الثورات الملونة إضافةً إلى دوره كحاجز رئيسي في الفصل بين روسيا وشرق أوروبا، واستخدام سواحله في السيطرة والنفوذ على منطقة البحر الأسود.
• إيطاليا: وتمثل الحليف الجنوبي الرئيسي التقليدي للولايات المتحدة لجهة استضافته للقواعد الأمريكية وقواعد حلف الناتو إضافة إلى التزام إيطاليا بعدم التردد في مشاركة واشنطن وتقديم مختلف المزايا اللوجستية للقوات الأمريكية في كافة عملياتها العسكرية السابقة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى الآن.
* التسريبات الجديدة حول زيارة تشيني:
تقول التسريبات الجديدة لبعض المواقع الإلكترونية الأمريكية بأن زيارة تشيني تهدف إلى الآتي:
• عقد لقاء تشيني – الرئيس الجورجي ساخاشفيلي بهدف نقل رسالة قوية لموسكو تؤكد أن أمريكا ستظل بقوة إلى جانب حليفها الجورجي.
• زيارة تشيني إلى أذربيجان تهدف لإقناع الأذربيجانيين بالعدول عن قرارهم الجديد المتعلق بالتعاون مع إيران.
• زيارة تشيني لأوكرانيا تهدف لردع أي محاولة روسية جديدة لإشعال الحرب مع أوكرانيا.
• زيارة تشيني لإيطاليا تهدف لتذكير موسكو وحلفائها بأن الرئيس بيرلوسكوني ما زال مسيطراً بقوة على إيطاليا وبأن القواعد العسكرية الأمريكية وقواعد حلف الناتو الموجودة في إيطاليا متاحة للاستخدام في أي عمل عسكري جديد.
أبرز التسريبات الجديدة أشارت إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قد راهنت بقوة على الاستثمار في أذربيجان حيث قام الأمريكيون بالآتي:
• تمديد خط أنابيب باكو – تبليسي – جيهان.
• تمديد خط السكة الحديدية الذي يربط ساحل بحر قزوين المطل على أذربيجان مع ساحل البحر الأسود المطل على جورجيا.
ولكن التطورات الأخيرة الجارية أسفرت عن الآتي:
• قيام حزب العمال الكردستاني بتفجير خط أنابيب باكو – تبليسي – جيهان، بما أدى إلى تعطيل عملية ضخ النفط الأذربيجاني.
• أدت الحرب الجورجية – الروسية إلى تدمير بعض الجسور التي يمر عبرها خط السكة الحديدية. وترتب على ذلك أن أصبحت أذربيجان بلداً حبيساً داخلياً معزولاً وعلى هذه الخلفية لم يعد أمام الأذربيجانيين سوى تأمين الوضع عن طريق:
- استخدام خطوط نقل النفط الروسية عبر ميناء نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود.
- استخدام خطوط نقل أنابيب النفط الإيرانية.
وقد لاحظ المراقبون والمحللون باهتمام تصريح بعض المصادر الرسمية الأذربيجانية على ضرورة:
• تفعيل العلاقات الإيرانية – الأذربيجانية.
• اعتبار إيران بمثابة الممر الآمن لإمدادات صادرات النفط والغاز الأذربيجاني.
• عدم تقديم أي مزايا لواشنطن في عملية ضرب إيران.
وتقول المعلومات والتسريبات بأن الموقف الأذربيجاني الجديد سببه قيام أرمينيا حليفة موسكو ببعض التحركات التي فهم الأذربيجانيون بأنها تحمل رسالة مفادها أن تمادي أذربيجان في التعاون مع واشنطن سيترتب عليه عودة الحرب الأرمينية – الأذربيجانية وهي الحرب التي سبق أن أدت إلى هزيمة أذربيجان وظل الأذربيجانيون يبذلون قصارى جهدهم خلال الفترة الماضية لجهة عدم السماح بإشعال الحرب مع أرمينيا.
* الدور الإسرائيلي القادم في القوقاز:
من المعروف أن تل أبيب ظلت تقوم بدور البروكسي الأمريكي الذي ينقل الدعم والمعونات الأمريكية لنظام بالرئيس ساخاشفيلي وتقول المعلومات والتسريبات الأخيرة بأن خط تل أبيب – تبليسي ما زال ناشطاً وتتمثل أبرز التطورات الجديدة في الآتي:
• توقيع اتفاقية تعاون عسكري – أمني خاص بين إسرائيل وجورجيا قامت بموجبها جورجيا بتخصيص مطارين عسكريين في جنوب جورجيا لاستخدام القوات الإسرائيلية.
• توقيع جورجيا المزيد من العقود مع الأطراف الإسرائيلية المعنية لجهة تأمين الحصول على المزيد من الأسلحة والعتاد والتدريب العسكري – الأمني.
أشارت التسريبات والمعلومات إلى أن الكونغرس الأمريكي قد صادق على الطلب العاجل الذي قدمته له إدارة بوش والمتعلق بتقديم مساعدات عسكرية – أمنية لجورجيا في حدود المليار دولار.
وعلى الجانب الجورجي كما تقول المعلومات فقد أعد الرئيس ساخاشفيلي بالتنسيق مع الخبراء الإسرائيليين قائمة باحتياجات الجيش الجورجي من الأسلحة والعتاد.
* التطورات على خط علاقات عبر الأطلنطي:
برغم تزايد الضغوط الأمريكية على دول الاتحاد الأوروبي وبرغم الدعم البريطاني للجهود الأمريكية، فقد فشلت ترتيبات دفع الاتحاد الأوروبي إلى فرض العقوبات على روسيا. وتقول المعلومات بأن الرئيس الفرنسي ساركوزي سيترأس وفداً أوروبياً إلى موسكو وذلك بهدف حث وإقناع القيادة الروسية على القيام بالآتي:
• عدم استهداف جورجيا عسكرياً.
• عدم استهداف بقية جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق كأوكرانيا ودول البلطيق.
• التراجع عن الاعتراف باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا.
وتقول المعلومات بأن واشنطن تراجعت عن المطالبة بالعقوبات الأوروبية ضد روسيا وأعلنت تأييدها الرسمي لجهود الرئيس الفرنسي الوقائية.
من الواضح أن روسيا سوف لن تتراجع عن اعترافها باستقلال أوسيتيا وأبخازيا إلا إذا تراجعت واشنطن والدول الأوروبية عن الاعتراف باستقلال إقليم كوسوفو، ومن الواضح أن روسيا سوف لن تتخلى عن استهداف جورجيا طوال ما كان نظام ساخاشفيلي يقوم بدور القاعدة الأمريكية – الإسرائيلية التي تهدد أمن روسيا من جهة وتؤمن سيطرة واشنطن على الموارد النفطية الموجودة في منطقة بحر قزوين وآسيا الوسطى. وبالمقابل فإن الأوروبيين سوف لن يستطيعوا المضي قدماً في تطبيق مخطط واشنطن المتعلق باستهداف روسيا لأن ذلك سيؤدي إلى الإضرار بالمصالح الأوروبية وإلى تراجع معدلات نمو الاقتصاد الأوروبي إضافةً إلى تصعيد المعارضة السياسية داخل البلدان الأوروبية بما قد يؤدي إلى إنهاء نفوذ أحزاب وقوى يمين الوسط الأوروبية المسيطرة على باريس وروما وبرلين وغيرها من العواصم الأوروبية الرئيسية وهو ما أشار إليه تحليل صحيفة الغارديان البريطانية الذي أكد على احتمالات تصاعد المزيد من الأزمات على خط علاقات عبر الأطلنطي بسبب الخلافات الحالية والمتوقعة لجهة رفض الأوروبيين ومقاومتهم لتبني وجهة النظر الأمريكية المتعلقة باستخدام أسلوب الضغط والعقوبات والعزل ضد موسكو.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة