في غزة حرب و ليس حفلة
الجمل- أيهم ديب: في انتخابات غرفة تجارة دمشق طالعتنا صورة جماعية لتجار بلادنا و الملفت هو رغبتهم بتقديم انفسهم كالبنيان المرصوص و كانت نظرة الجوارح تسيل على وجناتهم المنفوخة عزة و مجداً و أنفة! صورهم ملأت الجدران و اللافتات غطت زرقة السماء وفق مقولة الشيطان: يا ارض اشتدي ما عليكي قدي. و التي مسح بها الرب العظيم التراب في اكثر من بيان و مقام إذ أكد على ان التواضع من شيم الكرام و ان أنكر الأصوات ليس صوت البطة.
يعمل تجارنا الأشاوس ليل نهار على ابتزاز الحكومة و ربما بالتعاون معها لكسر كل حلم لدى المواطن بغد أفضل. المواطن الذي يطلب اليه في الملمات تبييض وجه البلد بأن ينزل الى الشارع و يرفع الأعلام و أن يفتح قلبه و بيته لللاجىء و المحتاج. و لكنه غير مدعو للحفلات الفخمة حيث الحضور فقط باللباس الرسمي. فليخرج مدراء الأنشطة و النوادي الاجتماعية اليوم الى الشوارع و ليتمعنوا في الزي الرسمي لمواطني سوريا!
المواطن الذي تقف له متطوعات الهلال الأحمر و متطوعيه مطالبين بما يخرج عن خاطره من مال او من ثياب . و لا ندري إن كان مدير جمعية الهلال الأحمر يملك لائحة بأرقام أرباب المال و التجارة في سوريا ليطالبهم بما بليق بموقف سوريا الداعم للمقاومة و فكرها!
معظم شركات اوروبا تدعم اسرائيل و لهذا فإن رجال اعمالنا لا يجرؤون على دعم غزة لأن الماما قد تغضب عليهم . فرجال أعمالنا لا يصنعون السيارات و لا الطيارات و لا الأدوية و لا الألعاب .. إنهم وكلاء. يتصارعون على احتكار السوق و يفرطون في طرح صورهم الحلوة و المعبرة في شوارع المدينة في كل مرة يفرغ فيها مركز او يموت لهم زميل!
في السلم تطالعنا العبارات الحنونة: اهدي من تحب و معاً نبني ...
في الحرب يتوتر التاجر و يفقد رباطة جأشه. لأنه الوقت الذي عليه ان (معاً نبني.) !
إن النموذج التجاري الذي يتم تسويقه في بلادنا هو شكل من أشكال التبعية و الاختراق السياسي و السيادي. فالجميع يريد ان يكون الحامل المدلل لإسم من أسماء الشركات العابرة للقارات. مما يعني ان البلاد ستكون تابعة لمصالح نخب مصالحها مرتبطة بالخارج. مما يجعل أي فكر تحرري يخضع لنوع من الحصار المالي و السياسي. و يجعل من أي مواطن حر خارجاً عن القانون او مهدد للسلم الأهلي.
إن بخل طبقة المال في سوريا و تعنتها و تمسكها بكل صغائر عالم الاقتصاد ستفتت الانتماء للوطن و هو ما تراهن عليه اسرائيل : فضرب غزة سيرجع صداه في خواء الهوية العروبية مما يجعل الطريق مفتوحة امام اسرائيل في المستقبل للعبث بالبنى الديموغرافية المكونة لبلادنا و التي مع الوقت تزداد فقداناً للثقة بأي من شعارات المواطنة التي تمضغها وسائل الاعلام.
سيكون من المعيب في تاريخنا العربي الحديث أن يقال أن غزة طلبت السلاح للقتال فأرسلنا لها المال و الغذاء و الملابس.
و السبب هو أن التجار العرب و الذين سبقونا الى اقتصاد السوق لا يناسبهم الضغط على اسرائيل. و هذا يطرح لدينا سؤال مشروعاً و هو الى أين يأحذنا هذا الاقتصاد الخبيث؟ و كيف سيعيد جولاننا المحتل؟ هل سيكون علينا الاستشهاد لنحمي منتجعات و فنادق و مرافق لا نملك رسم دخولها؟
إن كان هذا مكتوب علي مواطننا فما المكتوب على اقتصاديينا الكبار؟
ملاحظة محلية:
تقصف اسرائيل المناطق الزراعية في غزة لضرب الزراعة .
بلادنا تتعرض لهجمة من الجفاف و التصحر و حتى هذه اللحظة تتقاعس مؤسسات الري و المشاريع عن تمديد شبكة ري تحمي معظم زراعاتنا من كارثة محققة. لهؤلاء نقول : إن تقاعسهم – بالصدفة المحضة- سيفعل ببلادنا ما تفعله اسرائيل في غزة .
ملاحظة عربية :
إن ما تفعله اسرائيل في غزة حرب و ليس عزيمة على الغداء . غزة تريد سلاحاً و ليس طعاماً.
الجمل
التعليقات
عندك حق
غزة الجريحة
أبوس إيدك ( نزف قلب : محمد سنجر )
call Gaza
الفساد
إضافة تعليق جديد