المسرح السياسي لمثلث غزة - تل أبيب – القاهرة: تحليل الصدمات
الجمل: التطورات العسكرية الميدانية الجارية في مسرح غزة ترافقها تطورات سياسية متزامنة على المسرح السياسي الإسرائيلي والمسرح السياسي المصري، خاصة وأن مصر وإسرائيل هما البلدان المجاوران بشكل مباشر لقطاع غزة.
* المسرح السياسي لمثلث غزة – تل أبيب – القاهرة:
سعت القوات الإسرائيلية إلى استهداف قطاع غزة وفقاً لمذهبية الصدمة والترويع وقد ترتب على وقوع الصدمة انتقال الصدمات العابرة للحدود باتجاه تل أبيب وباتجاه القاهرة، وحالياً تواجه تل أبيب صدمة الخلافات حول جدوى استمرار العملية العسكرية ضد قطاع غزة وتواجه القاهرة صدمة انهيار مصداقية دورها الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط.
انتقال الصدمات العابر للحدود ظل مستمراً وبشكل متبادل التأثير وكلما تزايدت الضغوط على غزة، كلما ضعف موقف القاهرة وازدادت نزعة تل أبيب العدوانية قوة كلما تزايدت الخلافات داخل تل أبيب وكلما فقدت القاهرة مصداقيتها أكثر فأكثر إزاء وعود واشنطن وتل أبيب بأنها قادرة على إقناع حركة حماس والمقاومة بشروط الهدنة الإسرائيلية.
* تحليل الصدمات على الجانب الإسرائيلي:
تشير استطلاعات الرأي الإسرائيلية بأن أغلبية الإسرائيليين يدعمون الاستمرار في تنفيذ العملية العسكرية في غزة، وعلى هذه الخلفية فقد ظلت القيادة السياسية الإسرائيلية تتبنى مواقف تجمع بين التوافق على الخطوط العريضة والاختلاف حول التفاصيل وعلى وجه الخصوص بين أطراف مثلث: أولمرت – ليفني – باراك.
تقول آخر المعلومات بأن ليفني بدأت القيام بعملية ترتيب واسعة داخل وزارة الخارجية الإسرائيلية استعداداً لمواجهة تداعيات ما بعد عملية غزة، وحالياً تحاول ليفني إضافة المزيد من الشروط السياسية ليس لجهة الضغط على حركة حماس وإنما لجهة الضغط على منظمات المجتمع الدولي ومن أبرزها قيام ليفني اليوم بمطالبة منظمات المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالضغط على حماس لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جيلعاد شاليط لأسباب إنسانية ومن الواضح أن مطلب ليفني يهدف إلى تحقيق نوع من توازن القوى في مواجهة مطالب المنظمات الدولية لإسرائيل بوقف عدوانها على القطاع "لأسباب إنسانية" كذلك.
إضافة لذلك تقول المعلومات أن زعيم الليكود وحلفاءه من زعماء «شاس» و«إسرائيل بيتنا» ينتظرون انتهاء العملية العسكرية بفارغ الصبر من أجل إطلاق حملة تحالف العمل – كاديما تركز على التسويق للانتقادات القائلة بأن العملية العسكرية لم تحقق أهدافها وبأنها فشلت في استئصال المقاومة والمطالبة بإجراء لجنة تحقيق حول فشل العملية.
وتقول التسريبات أن نتينياهو يضع نصب عينيه ويدرك جيداً أن الصواريخ الفلسطينية لن تتوقف وبالتالي فإن انطلاق أول صاروخ إسرائيلي بعد انتهاء العملية سيعقبه سيل من انتقادات نتينياهو القائلة بمسؤولية ليفني – باراك عن إهدار القدرات الإسرائيلية بشكل فاشل لم ينجح في إيقاف خطر الصواريخ الذي وعدوا به الشعب الإسرائيلي.
* تحليل الصدمات على الجانب المصري:
من المعروف أن الموقف المصري إزاء أزمة غزة خلا العملية العسكرية قد شهد سجالاً بين وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ووزير المخابرات عمرو سليمان وتقول التسريبات بأن أبو الغيط كان الأكثر حماساً لمخطط تأديب حركة حماس عن طريق العملية العسكرية بما يؤدي إلى تليين رؤوس قادة حماس ودفعهم إلى الدخول في بيت الطاعة الذي صممه أبو الغيط.
الأزمة السياسية التي ستترتب على إضعاف الدبلوماسية المصرية وتقويض أركان دور مصر الإقليمي في الشرق الأوسط إضافة إلى تشويه سمعة مصر في أوساط الرأي العام العربي، هي أزمة سيذهب ضحيتها الوزير أبو الغيط ومن المتوقع أن يقوم نظام مبارك بتقديم أبو الغيط ككبش فداء في محاولة لإخراج النظام من الأزمة أو على الأقل تخفيفها.
ستؤدي تداعيات عملية غزة إلى التأثير بعنف على ملفات المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية وإلى التأثير سلباً على دور مصر في الملف الفلسطيني إضافة إلى التأثير في وزن السلطة الفلسطينية ونخبة رام الله وتحديداً مثلث عباس – سلام فياض – صائب عريقات. آخر المعلومات يقول بأن حركة حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة المتحالفة معها في غزة يطالبون بالآتي:
• وقف العدوان ضد القطاع.
• انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
• فتح المعابر.
• رفع الحصار عن قطاع غزة.
ويطالب الجانب الإسرائيلي بالآتي:
• الوقف النهائي لإطلاق الصواريخ.
• الوقف النهائي لعمليات تهريب السلاح إلى غزة.
نلاحظ أن إسرائيل تطالب حالياً بإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي شاليط وربما بقية الجنود الإسرائيليين المخطوفين أما حركة حماس فلم تطالب بإلزام إسرائيل إطلاق سراح مئات الفلسطينيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال عمليتها العسكرية.
من المتوقع أن تصبح الأوضاع أكثر تعقيداً خلال اليومين القادمين وستنقل الفضائيات والوسائط الإعلامية المزيد من المعلومات والتقارير الدراماتيكية المثيرة التي كان آخرها صوت صراخ نساء قطاع غزة ومشهد أمير قطر وهو يقول "حسبي الله ونعم الوكيل"..
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد