باكستان تقر باستخدام أراضيها للتخطيط «جزئياً» لهجمات بومباي
أكدت السلطات الباكستانية «جديتها» في ملاحقة مواطنيها المشبوهين بالتورط في الهجمات التي استهدفت مدينة بومباي الهندية نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وأدت الى مقتل 188 شخصاً. وأعلنت أمس، توقيف ستة أشخاص ذي صلة بالهجمات واتهام تسعة آخرين من دون أن تعتقلهم حتى الآن. جاء ذلك في تقرير أولي عن الهجمات أصدرته إسلام آباد في أعقاب تقديم الهند الشهر الماضي محاضر تحقيقات أجرتها مع أجمل أمير قصاب، الناجي الوحيد في صفوف المنفذين العشرة، وتقارير عن اتصالات هاتفية أجريت بين البلدين خلال الاعتداءات.
وقال وكيل وزارة الداخلية الباكستانية رحمن مالك: «فتحنا محضر تحقيق أولي ضد أشخاص وفرت الهند أسماءهم، لأننا نريد ان نعلن للعالم أننا سننفذ تعهدنا ملاحقة المسؤولين عن حوادث بومباي، وسنتعاون بلا حدود مع الهند من اجل إحضار المجرمين أمام العدالة»، معترفاً للمرة الأولى بأن مخطط الاعتداءات وضع «جزئياً» في باكستان.
وكشف مالك عن ترحيل باكستاني يدعى جاويد إقبال من إسبانيا يشتبه في علاقته بمخططي هجمات بومباي الذين أرسلوا حوالات مالية لشراء موقع إلكتروني مسجل في مدينة هيوستن بولاية تكساس الأميركية، وذلك بهدف التواصل مع المنفذين، واستخدموا أرقام هواتف عبر الأقمار الاصطناعية مسجلة في دولة شرق أوسطية لم يحددها.
وأكد مالك ان مهاجمي بومباي استخدموا زورقين صغيرين انطلقا من شاطئ كراتشي جنوب باكستان، لكنه استغرب فشل قوات خفر السواحل الهندية في رصد القاربين «على رغم انها تعترض قوارب لصيادين باكستانيين بعيداً من المياه الإقليمية الهندية». كما تساءل عن هوية الأشخاص الذين زودوا المهاجمين خطوطاً لهواتف نقالة وأسلحة داخل الهند، فيما طالب نيودلهي وحكومات دول أوروبية أخرى استخدمت أراضيها ومصارفها في الإعداد للهجمات، بالعمل على كشف الأطراف التي وقفت خلف إرسال حوالات مالية.
وتسعى إسلام آباد عبر اعترافها بصلة باكستانيين بهجمات بومباي الى تجنب أي توتر في العلاقة مع الإدارة الأميركية الجديدة للرئيس باراك أوباما التي تمسكت بمواصلة سياسة الإدارة السابقة للرئيس جورج بوش في منع تحويل منطقة القبائل الباكستانية المحاذية للحدود مع أفغانستان إلى مكان آمن لقيادات حركة «طالبان» وتنظيم «القاعدة»، وذلك في ختام زيارة المبعوث الأميركي الخاص ريتشارد هولبروك لإسلام آباد.
لكن هذا الاعتراف عرض الحكومة لانتقادات محلية، جاء أولها من رئيس الوزراء السابق نواز شريف الذي قال إن «الحكومة لم تطلع البرلمان على التقرير الخاص بالتحقيقات الذي أرسلته إلى نيودلهي»، لكنه أكد في المقابل أن استمرار عملية السلام مع الهند يخدم مصلحة بلاده.
ورحب شريف بعد لقائه هولبروك بتغيير أسلوب الإدارة الأميركية الجديدة عبر حرصها على الاستماع الى وجهات النظر المختلفة في باكستان، علماً انه اعتبر أحد اشد المعارضين لأسلوب الإدارة الأميركية السابقة في «الحرب على الإرهاب» وقصفها المتواصل لمناطق القبائل المحاذية للحدود مع أفغانستان.
وكان أوباما اتفق في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الباكستاني آصف علي زرداري أول من أمس، على الحاجة الى استراتيجية لحل مشكلات المنطقة. وأورد البيت الأبيض ان «أوباما ابلغ زرداري دعمه للديموقراطية في باكستان، والتزامه الشراكة القوية معها من اجل محاربة الإرهاب وتحقيق التنمية الاقتصادية».
جمال إسماعيل
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد