غسان مسعود : كل ما هو ببلاش لا ينتج إلا البلاش

05-04-2006

غسان مسعود : كل ما هو ببلاش لا ينتج إلا البلاش

خاص ـ الجمل : في حوار له في جامعة الوادي شن الفنان غسان مسعود هجوماً عنيفاً على ما انتجته مؤسسات القطاع العام الثقافية، وقال أن جماهير العمال والفلاحين لا تفهم مسرح الطلاسم الذي جاء به خريجو الكتلة الشرقية، و السينما السورية فقال: أنها لم تنتج شيئاً مهماً، والأفلام التي لاقت رواجاً كرسائل شفهية هي أفلام ضيقة،أما مسرحيته فقد كسر جمهورها شباك مسرح الحمرا .

Image removed.

في باكورة نشاطاتها الثقافية قامت جامعة الوادي السورية- الألمانية الخاصة الحديثة النشأة، بنشاط ثقافي اختارت فيه تكريم الفنان المسرحي و الممثل غسان مسعود , حيث التقى طلبة الجامعة في حوار تناول تجربته المسرحية و التلفزيونية،  و السينمائية التي أوصلته للعالمية من خلال مشاركته في فيلم (مملكة السماء) الذي مثل فيه دور صلاح الدين، فافتتح اللقاء بمقاطع من الفيلم تلاها حوار , بدأ مع مقدمة أرادها غسان مسعود فاتحة للقاء، مصراً على كلمة تخص المسرح جدا و تستخدم هذه الأيام بكثافة عجيبة و ضد معانيها , و ربما تعني و ربما يمكن أن تعني ، هي كلمة حوار، فيقول : " هذه السنة بتنا نسمع كلمة حوار أكثر مما نسمع كلمة صباح الخير، و هذا إن دل على شيء فإنما على حوار مفقود ، من خلال أحداث  11 سبتمبر ، التي خرج بعدها جورج بوش ليعلّم العالم سياسة جديدة ،( إما معنا و إما ضدنا )، هذه الجملة التي أسست لثقافة خطيرة ، و بدأ العالم يفهم انه أمام أعتى نظام دكتاتوري في تاريخ البشرية " لكنه في الوقت نفسه لم يخف تفاؤله فتحدث عن مبادرة السيد محمد خاتمي لحوار الحضارات و كيف همشت لكونها خرجت من دولة عالم ثالثية، و يصر أنه يمكن التعويل على النوايا الجيدة و أن  محبي السلام أكثر .
مقلق ومخيف
تراوح الحديث بين السينما و المسرح ، فمن حريص على وجود المسرح و الحياة المسرحية إلى مسرور بوصول نجم سوري إلى العالمية، فأكد أن المسرح له قصب السبق في التبشير بالحوار، فالتلفاز وقح في اقتحام المنازل و غرف النوم ، و كذلك السينما التي تذهب إلى المشاهد , أما المسرح فيذهب المشاهد إليه ليتلقى العرض المسرحي المحرض على الأسئلة و المزيد من الحوار المنتهي عند حدود  خشبة المسرح ، ليبدأ الحوار ما بعدها، و بالحديث عن حال المخرجين المسرحيين يقول : " يوجد لدينا مخرجون موهوبون , إنما لا يوجد مخرجون جيدون"،أحد الطلبة ذكره برفضه لتخريج دفعة من طلاب المعهد العالي، فأجاب : " كدت أيأس من أن جيل الشباب جدير بأن نتعب عليه، حتى التقيتكم (طلاب جامعة الوادي - الخاصة) , طلاب المعهد العالي للفنون المسرحي أضحوا يعتبرون أنفسهم أنهم بمجرد دخولهم المعهد العالي باتوا نجوما ً , و ليس مهما ً حصولهم  على شهادة , و هذا شيء مقلق و مخيف , أنا شخصيا ً غير راض عن مستوى طلاب المعهد و لا عن مستواهم الأخلاقي و لا عن لغتهم البحثية , قلت لهم :  أنا لن أخرّجكم عقوبة لكم عسى أن تعرفوا لماذا ؟ "  و يأتي هذا الكلام بعد 18 عاما ً من التدريس بالمعهد العالي , مع نص (طقوس الإشارات و التحولات)  للراحل الكبير سعد الله ونوس , و هو نص كبير يعادل النصوص الشكسبيرية بجدارة .   

قلب الصورة
" هناك تنويع في المسرح السوري  له علاقة بالخامات و ليس بالازدهار، و كان صاحبه  سعد الله ونوس و فواز الساجر،عندما أطلقوا مشروع المسرح التجريبي و جربوا ضمنه أشكالا مسرحية مقتبسة من الشرق و الغرب ، لكنهم اصطدموا بالتالي: المسرح البرجوازي الذي كان له جمهور الستينات، له خصوصية مختلفة عن جمهور السبعينات و الثمانينات، حيث كان يعتبر حضور المسرح مظهرا ً اجتماعيا ً  كالسفر إلى باريس، و بعد مجيء جيل  السبعينات من بلدان الكتلة الشرقية اللذين أرادوا أن ينقلبوا على هذه الصورة، فرفعوا شعار المسرح الجماهيري، مما  أدى ذلك إلى واقع مترد من خلال هروب الجمهور التقليدي و لم يجد جمهور العمال و الفلاحين مصلحته في مسرح طلاسم، فأداروا ظهورهم لهؤلاء الشباب الذين لم يحترموهم،مما أدى إلى غياب كامل للجهور المسرحي، أما جيلنا جيل التسعينات،فقدم اقتراحات مهمة للمسرح، فأعمالي التي قدمتها كمسرحية ( كسور )  كسر فيها زجاج  مسرح الحمراء مرتان بسبب شدة الزحام ،أما مسرحية دبلوماسيون  فاستقبلت ألف متفرج  يوميا ً في دار الثقافة  "  .

مطلوب نجم شباك
لا يمكن الحديث دون ذكر الفيلم السوري ، ففي سؤال عن الانطباعات لدى الفنان عن السينما السورية،و توقعاته لها ؟ ، أجاب : " أنا من دعاة إلغاء القطاع العام في الثقافة،أنا لست مع فكرة جعل الدولة جمعية خيرية ، لأن  ( كل ما هو ببلاش لا ينتج إلا البلاش) ،هذا تدمير للمال العام  و هذا هدر،و هو جزء من الفساد المستشري،أنا مع أن تصبح مؤسسة السينما قطاعا ً إنتاجيا ً  و ألا تدعم من قبل الدولة إلا إذا أثبتت أنها جديرة بالدعم ، لم تنتج السينما السورية شيئا ً مهما ً عدا مخرجين مهمين هما محمد ملص و أسامة محمد " ، رغم أن الفنان من خريجي  ( المعهد العالي للفنون المسرحية )، الذي درس فيه ( ببلاش) مع كثيرين من زملائه النجوم .

أما بسؤاله عن أفلام جماهيرية كرسائل شفهية، يجيب : " هذه أفلام ضيقة جدا ً ، أعني أنها تنطبق على بيئة معينة لدرجة تطابقها على قرية ما ، و ليس شرطا أن يفهم أبناء المناطق الأخرى،هذه اللهجة ،هذه التجارب هي حل وسط بين العام و الخاص، و مطلوب للأفلام نجم شباك يعيد للمنتج  ما أنفق  " .
شيء مختلف

تعود عالمية الفنان إلى مدى الاحترام المحلي الذي يناله من خلال خدمة بلده ، و فرض احترامه على الآخر من هذا المنطلق المحلي ، و يظهر احترام غسان مسعود للحوار،عندما أجاب على سؤال عن انطباعه عند معرفته يهودية كاتب النص : " أنا اشكره أكثر من أي كاتب إسلامي، لأن اليهودية شيء مختلف عن الصهيونية العنصرية ، و نحن غير معنيين بصراع مع اليهود أصحاب الكتاب السماوي ، نحن معنيون بمقاومة المشروع الصهيوني التوسعي ،الذي لا يحترم هويتنا ، و رغم معرفة الكاتب أني سوري ، و معرفتي أنه يهودي،إلا أنه كان منصفا ً جدا ً في كتابته عن صلاح الدين أكثر من أي كاتب مسلم، لأنه لا حل وسط لدينا فإما أن نجعل صلاح الدين قديسا ً أو أن نجعله قديسا ً ،و هو ليس قديسا ً، ففي السياسة لا يوجد قديسون،السياسة تعهر الأنبياء  " . 

لا بد منها
تحية لا بد منها نهاية إلى جامعة تشق طريقها , بخطوات متوازنة من  خلال رفد النشاط العلمي بالثقافي المجتمعي ،  رغم وجود كثير من الارتباك في التنظيم ، كونه الحدث الأول الذي تنظمه الجامعة ، بمثل هذه الأهمية ، إلا أن التحية توجه إلى  الطلاب الذين نظموا هذا الحوار،بالتعاون مع الفريق الإداري الشاب الممتلئ حماسة و همة  للعمل و التمايز .

 


بهيج وردة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...