طروادة (الناتو ) إلى لبنان قد يحمل قوات عربية وما خفي كان أعظم
الجمل : لفترة طويلة ظلت المنطقة الحدودية بين لبنان وإسرائيل مسرحاً للاخترافات، بحيث قامت إسرائيل بثلاث محاولات غزو كبيرة في عامي 1978، 1982، وحالياً في عام 2006، كذلك ظلت لفترة طويلة تقوم بالعديد من الاختراقات الأخرى مثل الهجمات القصيرة والغارات المحدودة.
كانت بعثة قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان (UNIFIL) لا حول ولا قوة في القيام بأي شيء، إزاء إيقاف الأنشطة العدوانية الإسرائيلية، سوى رفع الـ(بلاغات) إلى رئاستها بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، والتي كانت في كثير من الأحيان تنقل الأوضاع الميدانية بـ(لغة مخففة) لا تخلو من تحيز للجانب الإسرائيلي.
وبرغم كل ذلك، أهملت وتجاهلت إسرائيل كل قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، وضربت عرض الحائط بالالتزامات التي يفرضها وجود هذه القوات الدولية.. وأطلق جنودها النار على نقاط المصداقية التابعة للأمم المتحدة.. وأخيراً قامت بقتل أربعة من عناصر الأمم المتحدة في جنوب لبنان، إضافة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت صرّح بأن إسرائيل لن توقف إطلاق النار إلا بعد إدخال قوات دولية إلى جنوب لبنان، -كأنما لا توجد قوات دولية حالياً في المنطقة- تساعد في نزع سلاح حزب الله وتطبيق القرار 1559، وحماية إسرائيل من هجمات حزب الله.
حديث أولمرت عن (..قوات دولية في جنوب لبنان)، (..نزع سلاح حزب الله..)، (تطبيق القرار 1559)، (..حماية إسرائيل من هجمات حزب الله..) لا يمكن اعتباره حديثاً عادياً عاماً.. وذلك لأن قراءة هذه العبارات والمفردات على خلفية بنود القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ونظام الأمن القومي الدولي تشير بوضوح إلى أي نوع من الـ(قوات الدولية) يريد أولمرت، (أو تريد إسرائيل)، وإذا أضفنا لحديث أولمرت، حديث جاك شيراك الرئيس الفرنسي الذي تطرق فيه إلى (..قوة دولية ذات تفويض بإطلاق النار..)، فإن الصورة تبدو أكثر وضوحاً: أي إن المطلوب هو قوات دولية ذات إسناد سياسي قانوني دولي باستخدام القوة من أجل فرض الأجندة الإسرائيلية- الأمريكية- الفرنسية الـ(مخفية) ضمن، وتحت سطور ومفردات القرار الدولي رقم 1559.
إن هذا النوع من التفويض غير متوافر ضمن ولاية بعثة قوات الأمم المتحدة الحالي (UNIFIL)، وبالتالي تشير التوقعات إلى البدائل الآتية:
• تجديد (ولاية) قوات الأمم المتحدة: ويمكن أن يتم ذلك بإصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي يتضمن تعويضاً واسع النطاق للقوات الدولية وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وقد تواجه عملية إصدار قرار بهذا النوع العديد من المصاعب، وذلك أن الميثاق يعطي الأمم المتحدة حق العمل العسكري الجماعي من أجل حماية الأمن والسلم الدوليين، ولكي يحدث هذا يجب على الأمم المتحدة أن تثبت أن الـ(مقاومة اللبنانية) تهدد الأمن والسلم الدوليين.. ثم بعد ذلك تقوم بإرسال هذه القوات، والتي تقوم بالضرورة بـ(شن حرب دولية) ضد المقاومة اللبنانية، وهو أمر غير ممكن، لأن المجتمع الدولي لا يمكن أن يتوافق في هذه العملية –على الأقل- على خلفية رفض إسرائيل لتنفيذ الكثير من القرارات الدولية.
• تجميع قوات (دولية) ونشرها في جنوب لبنان: وفي هذه الحالة تكون القوات الدولية بمثابة قوات متعددة الجنسيات تقوم أمريكا وبريطانيا بتجميعها انتقائياً، على صورة تحالف عسكري دولي خارج مظلة الأمم المتحدة، وتقوم بإدخالها إلى لبنان، رغماً عن الحكومة والمقاومة اللبنانية، وفرض الأمر الواقع على غرار غزو العراق.. وهذا الأمر أيضاً غير ممكن لأنه يعتبر احتلالاً في هذه الحالة وليس بعثة لحفظ السلام، إضافة إلى أن الدعم الشعبي الذي تتمتع به المقاومة وحزب الله سوف يؤدي إلى أن تخوض هذه القوات معارك ضارية تكبدها الهزائم والخسائر، وهو ما تتحاشاه في الوقت الحالي كل من أمريكا وبريطانيا بسبب تورطهما الراهن في العراق وأفغانستان، إضافة إلى النتائج المستقبلية المجهولة، والتي لن تكون في مصلحتهما المشتركة في أي حال من الأحوال.
• قوات حلف الناتو: هناك حديث عن احتمال استخدام قوات حلف الناتو في جنوب لبنان، ولكن هناك صعوبات إجرائية في هذا الأمر لأن استخدام قوات حلف الناتو يتطلب الموافقة الإجماعية من مجلس الحلف، وموافقة البرلمان الأوروبي، وحالياً يصعب على كثير من حكومات البلدان الأوروبية إصدار موافقتها على ذلك، بسبب الخوف من الرأي العام الأوروبي المتصاعد ضد إسرائيل وجرائمها في جنوب لبنان، ولكي تتغلب أمريكا على هذه المعضلة، هناك مشاورات أمريكية- تركية، لكي توافق تركيا على أن تساهم بـ(قوام) قوات الناتو، أي أن تتكون قوة الناتو من جنود أتراك يقودهم ضباط أوروبيون- أمريكيون.. كذلك هناك حديث حول مشاركة قوات عربية في عمليات الناتو المتوقعة في لبنان، وعلى الأرجح أن تكون هذه القوات العربية من: مصر، المغرب، تونس، الأردن، وقوات درع الجزيرة العربية لتي دعمت أمريكا في غزو العراق.
من المعلوم أن هناك مبادرة سبق أن تبناها حلف الناتو جمعت بين: إسرائيل، مصر، المغرب، تونس، الأردن.. كذلك، هناك علاقات وتفاهم مشترك بين قيادة حلف الناتو وبعض البلدان الخليجية، لذلك من المتوقع أن تتضمن قوات الناتو قوات عربية من هذه البلدان، بحيث توكل لها بعض المهام الثانوية، وأيضاً من القوات التركية (إذا نجحت الصفقة التركية- الأمريكية حول تصفية الملف الكردي العالق في شمال العراق)، أما قوات درع الجزيرة والتي تتكون من جنود كويتيين- سعوديين وخليجيين. فسوف يكون لها دور ثانوي أيضاً.
ما هو مهم، أن قوات الناتو سوف تواجه رأياً عاماً لبنانياً وإقليمياً موحداً ضدها، إضافة إلى أن الحكومات العربية الحليفة لأمريكا والتي تربطها علاقات مع إسرائيل (مصر، الأردن، تونس، والمغرب).. سوف تواجه معارضة داخلية هائلة، وربما يتمرد بعض أفراد قواتها ويقاتلون مع المقاومة ضد إسرائيل والناتو.
الجمل : قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد