إسـرائيـل تعيـد لتـركيا سـفـن «أسـطول الحـريـة»
قررت السلطات الإسرائيلية الإفراج عن السفن التي شاركت في «أسطول الحرية» لنجدة قطاع غزة وبينها سفينة «مرمرة» التركية. ويأتي هذا القرار بعد إعلانات متكررة بأن السفن لن تعاد لكونها تعود لـ«منظمة إرهابية»، وأنه سيتم استغلال أكبرها كفندق عائم في البحر. وأثار القرار الإسرائيلي تساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراءه: هل هي مقدمة للتصالح مع تركيا، أم هي سحب للبساط من تحت دعاوى في تركيا وأسبانيا ودول أخرى ضد حكومة بنيامين نتنياهو؟
في هذه الأثناء، عيّن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فريقا من ثلاثة خبراء دوليين، من أجل تقصي الحقائق في مجزرة «أسطول الحرية»، مطالباً جميع الأطراف بالتعاون مع هذه اللجنة، في وقت حذر وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك من أن إسرائيل ستعترض أي سفينة تكون جزءاً من أسطول ينطلق من لبنان متوجها إلى قطاع غزة.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أمس، عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن السفن الثلاث التي تعود لعدد من المنظمات غير الحكومية والمحتجزة في ميناءي حيفا واسدود، سيتم الإفراج عنها. وقد اتخذ القرار الثلاثي نتنياهو، ووزير دفاعه ايهود باراك ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان.
وبحسب «هآرتس» فإن السفير الإسرائيلي في أنقرة غابي ليفي أبلغ القرار لوزارة الخارجية التركية. وجاء في البلاغ الإسرائيلي بهذا الشأن أن وزارة الدفاع ستنسق أمر إعادة السفن مع الحكومة التركية. وأشارت أنباء تركية إلى أن قاطرات تركية ستبحر قريبا من أجل جر السفن الثلاث، ونقلها إلى تركيا.
وكانت إعادة السفن لتركيا واحدا من أهم المطالب التي قدمتها أنقرة فور وقوع مجزرة «مرمرة». ومعروف أن المطالب التركية شملت الإفراج الفوري عن المشاركين في «أسطول الحرية» وإعادة السفن وتقديم اعتذار رسمي وتعويضات للضحايا. ويمكن القول أن الإفراج عن السفن يشكل تلبية للمطلب الثاني.
وكان الموقف الإسرائيلي من السفن قد تراوح بين رفض إعادتها واعتبارها مصادرة، لأن بعضها يعود إلى منظمة تم تصنيفها على أنها إرهابية وبين الاستعداد لإعادتها بشروط. وكان رئيس بلدية حيفا قد طالب بتحويل سفينة «مرمرة» إلى موقع جذب سياحي واعتبارها فندقا عائما. ووضعت إسرائيل في حينه شرطا هو تعهد الحكومة التركية بعدم استخدامها من جديد في أية رحلات لدعم غزة. وليس معلوما إذا كانت أنقرة قد أعطت هكذا تعهدات أم لا.
ومن المعلوم أن ثلاثة أسبان ممن شاركوا في «أسطول الحرية» رفعوا مؤخرا دعوى ضد «السباعية» الإسرائيلية التي تضم أهم الوزراء في حكومة نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وأشار الثلاثة في دعواهم إلى أنهم تعرضوا للتعذيب، وتم اعتقالهم في إسرائيل بشكل غير قانوني. وهناك دعاوى أخرى ضد حكام إسرائيل في عدد من الدول الأوروبية.
واختلفت التقديرات في إسرائيل حول سبب إقدام إسرائيل على اتخاذ هذا القرار في هذا الوقت. وأشار بعض المعلقين إلى أن القرار جاء لمنع المزيد من التصعيد في العلاقات المتوترة مع تركيا. ولا يمكن والحال هذه تجاهل القرار الإسرائيلي الذي صدر قبل أيام، والذي ألغى التحذير من السفر إلى تركيا. ورأى كثيرون في هذا القرار محاولة لخلق ظروف لتخفيف التوتر بين الدولتين. وأشارت أنباء إسرائيلية إلى لعب رجال أعمال من الدولتين دورا كبيرا في منع المزيد من التوتر وبينها الخطوات الحالية.
-إلى ذلك، أعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف أنه تمت الموافقة على تعيين فريق لتقصي الحقائق في المجزرة التي ارتكبتها قوات البحرية الإسرائيلية ضد سفن «أسطول الحرية». وأوضح المجلس أنّ هذا الفريق يضم ثلاثة خبراء مستقلين هم السير ديزموند دي سيلفا من بريطانيا، وكارل هادسون فيليبس من ترينيداد وتوباغو، وماري شانتي دايريام من ماليزيا.
وديزموند دي سيلفا هو رئيس سابق للادعاء في المحكمة الخاصة بجرائم الحرب في سيراليون. أما هادسون فيليبس فهو قاض سابق في المحكمة الجنائية الدولية وقد عمل أيضا مدعيا عاما في ترينيداد وتوباغو، في حين أن شانتي دايريام ناشطة في مجال حقوق المرأة في ماليزيا وتعمل في منتديات آسيوية إقليمية وأخرى تابعة للأمم المتحدة.
وكان مجلس حقوق الإنسان المكون من 47 عضوا قد صوت الشهر الماضي لصالح إجراء تحقيق للنظر في الانتهاكات للقانون الدولي التي رافقت الهجوم الإسرائيلي على سفن الأسطول، والذي استشهد فيه تسعة متضامنين أتراك.
وقال الرئيس الحالي لمجلس حقوق الإنسان سيهاساك فوانجكيتكيو (تايلاند) إنه «سيتم تكريس خبرة واستقلال ونزاهة أعضاء الفريق لتوضيح الأحداث التي جرت في ذلك اليوم ومدى قانونيتها». وأضاف «نطالب جميع الأطراف بالتعاون التام مع هذه البعثة، ونأمل في أن تساهم هذه المهمة في تحقيق السلام في المنطقة والعدالة للضحايا».
وذكرت مصادر في الأمم المتحدة انه لم يتضح بعد ما إذا كانت إسرائيل ـ التي لها تاريخ طويل في رفض تحقيقات الأمم المتحدة ـ ستتعاون مع الفريق.
وسيقوم الخبراء الآن بتحديد خطة عملهم وإجراء اتصالات بجميع الأطراف المعنية قبل توجههم إلى المنطقة. ومن المتوقع ان يقدموا تقريراً عن النتائج التي توصلوا إليها إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في دورته الخامسة عشرة في أيلول المقبل.
باراك
إلى ذلك، نقل التلفزيون الإسرائيلي عن وزير الدفاع إيهود باراك قوله: «لقد وصلتنا معلومات في الأيام الأخيرة حول مشروع لإرسال أسطول جديد لكسر الحصار المفروض على غزة، ونحن نعتبر ذلك استفزازاً غير مجد، ونرى أن منع انطلاق مثل هذا الأسطول هو من مسؤولية الحكومة اللبنانية».
وأضاف أنه «إذا ما انطلق هذا الأسطول رغم كل شيء من لبنان، ورفض اقتياده من قبل بحريتنا إلى مرفأ أسدود، فلن يكون أمامنا أي خيار سوى وقفه في البحر»، مشيراً إلى أنّ «هناك وسيلة لنقل البضائع ـ بشرط ألا تكون أسلحة وذخائر ومعدات حربية ـ إلى قطاع غزة عبر مرفأ أسدود».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد