أميمة الخليل في دمشق تقدم حاضر صوتها وذاكرته في «الميادين»
مَضى وقتٌ طويلٌ على جَلسةٍ جادةٍ لطفلة الثانية عشرة إلى جانب الموسيقيّ مرسيل خليفة. صوتها الطري آنذاك كان ذخيرة لأيام الحرب اللاحِقة، شعرها المصفف ببراءةٍ وخفر في إحدى الصور الفوتوغرافية الملتقطة لهما عام 1978، استمر في تأثيره على شكلها وطبعها المتزن، حتى لحظة قريبة أدت فيها أميمة الخليل أغنية «أحبك أكثر» (شعر محمود درويش) بصوتها المنفرد، وعلى طريقة «الأكابيلا»، جالسة هذه المرة بمحاذاة شريك حياتها الملحن وعازف البيانو هاني سبليني مع فرقته لإحياء حفلة «في ذاكرتي» على مسرح دار الأوبرا السورية.
مُغنّية «الصولو» في فرقة «الميادين» والصوت الثنائي مع خليفة، تفترق عن رحلة بعض أعضاء الفرقة إلى العاصمة السويدية ستوكهولم لإقامة حفلة هناك بعد أمسية مميزة أول من أمس في دمشق. فهي تحاول منذ عام 2000 إيجاد مساحة أوسع لصوتها، بمرافقة سبليني، الذي نفذت معه تنويعات موسيقية مهمة في ألبومها المنفرد الثاني «أميمة».
وتنشغل المغنية اليوم بألبوم آخر لها مع سبليني، وثالث مع المؤلف اللبناني عبدالله المصري، يُعاد فيه صوغ أنشودة المطر لبدر شاكر السياب.
في أول حفلة لها في العاصمة السورية غنّت الخليل ذاكرتها المبكرة في عمر السبع سنوات مع أغنية «رجعت ليالي زمان» في برنامج الصغار «ماما جنان» على تلفزيون لبنان، وأول أغنية ألفها لها خليفة «خليني غنيلك»، وأخرى أدتها أمامه في عمشيت «ليالي الشمال» (ألحان وكلمات الاخوين رحباني) عام 1974. كما استحضرت ذكرى الوطن المفقود مع «أحبك أكثر» عام 1994، إضافة إلى أدوار موسيقية قديمة كـ»ليه يا بنفسج»، والموال العباسي «قل للمليحة» من الفلكلور الموسيقي العراقي، ورافقها ذكراه واستماعها إليه والداها في سبعينات من القرن الماضي.
لكل أغنية ذاكرة، بهذه الأبعاد صدحت الخليل بأغنية التراث المصري «بعد اللي بحبه» جاعلة من أحداث حياتها الإنسانية - الموسيقية نقطة للتواصل مع الجمهور السوري، كما هي أيضاً علاقتها مع أغنية «ليت البراق» لأسمهان فقد نصحها والدها بإتقانها لتضمَن الاحتراف. إضافة إلى استرجاعها ذاكرة طفولة بدأت مع أغنيات خليفة «نامي يا زغيري»، انتهاء بأغنية «قلبي عطشان»، مارة بذلك على مقامات وايقاعات موسيقية مختلفة.
على المسرح وصفت الخليل العازفين السوريين المشاركين في الحفلة بالأصدقاء ومنهم: كنان أدناوي (عود)، مسلم رحال (ناي)، فراس حسن (إيقاع)، فراس شهرستان (قانون) إضافةً إلى اللبناني عبود السعدي (غيتار باص). ووجهت دعوة الى تبادل موسيقي: «إن احتجتم صوتي في أي وقت فأنا جاهزة».
لا يمكن فصل تجربة الخليل منذ نتاجها الأول موسيقياً مع خليفة في ألبومه «على الحدود» عام 1979، عن حفلتها «في ذاكرتي» التي سبق أن قدمتها عام 2008 في بيروت، في حين لا تشكل مساحة الغناء المنفرد، الخاص بها، فصلاً عن تجربتها مع خليفة. تقول: «عندما أغني بمفردي لدي الشخصية ذاتها المرسومة لي مع «الميادين»، ولست راغبة بفصل نفسي عن مساحة عميقة ومكثفة مع الفرقة وخليفة».
مساحة فردية للغناء من دون فرقة «الميادين»، تبني بها الخليل على خشبة المسرح الوطن المفقود في ذاكرتها الفِطْرية، كما تُؤنسُ لمسيرة لا تخلو من الوجع على حد قولها، فالطَّرْح الغنائي الجاد لديها يشق طريقه في ذهن القادمين للاستماع إليها، من دون مواربة، مترفعاً عن سائد ومستهلك غرقت طقاطيق اليوم به، لعل طقطوقة رياض السنباطي «ليه يا بنفسج» بصوتها تنقذ زمن الزهر الحزين لصالح عبد الحيّ.
رنا زيد
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد