من يقف خلف قائمة الاغتيالات العالمية؟

الجمل:  قامت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) بتوسيع نطاق (إطار الاستهداف العالمي)، وذلك بأن أضافت إلى قائمة استهدافاتها العالمية كل الزعماء السياسيين الذين يعارضون توسع الاستثمارات الأمريكية في بلدانهم ومناطقهم، ويعرقلون تطبيق مخططات بوش- تشيني التوسعية.
إطار الاستهداف العالمي، هو الاسم الذي تحمله قائمة الأهداف المطلوب من وكالة الاستخبارات الأمريكية وضع وتنفيذ الخطط الخاصة بالهجوم ضدها، والقضاء عليها، وقد ابتكر هذه القائمة جورج تينيت، مدير الوكالة السابق، في الفترة التي أعقبت مباشرة هجمات الحادي عشر من أيلول.
تركز خطط الوكالة على عملية تصفية الأهداف المستهدفة باستخدام أساليب (جيمس بوند)، وذلك عن طريق وصفهم بأنهم إرهابيين، ثم تنظيم عملية اغتيالهم بغض النظر عن من هم، وأين يتواجدون، وغير ذلك من الاعتبارات الأخرى.
حاكم إقليم بلوشستان السابق: نواب أكبر خان بوغتي، تم اغتياله بوحشية فظيعة بوساطة مجموعة قوات خاصة أمريكية مكونة من عناصر الجيش الأمريكي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، تساعدها في ذلك مجموعة من قوات الأمن الخاصة الباكستانية التابعة للرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف.
بلغ عمر الزعيم نواب أكبر خان بوغتي عند لحظة اغتياله حوالي 79 عاماً، وهو من زعماء بلوشستان البارزين، المؤيدين لمنح إقليم بلوشستان الباكستاني حق الحكم الذاتي. كذلك عبر في كثير من الأحيان عن معارضته قيام السلطات الباكستانية بقمع السكان في إقليم البنجاب، وأيضاً رفضه لمشروعات إمداد خطوط النفط التي تنوي الشركات الأمريكية تمديدها عبر منطقة بلوشستان.
تؤكد التقارير الواردة من واشنطن أن الإدارة الأمريكية قد دعمت مادياً وعملياً الإجراءات العسكرية الباكستانية الأخيرة ضد السكان في بلوشستان، إضافة إلى أن البيت الأبيض الأمريكي قد عبّر عن ثنائه على عملية الجنرال مشرف والتي أدت إلى اغتيال الزعيم البلوشستاني البارز بوغني، وتقول التقارير بأن ذلك يمكن الإدارة الأمريكية من تحقيق هدفين هما:
• تنظيف منطقة بلوشستان من القوى السياسية والعسكرية التي ظلت تعرقل عملية مشروع تمديد خط أنابيب سنت غاز (Cent gas) والمخطط له أن يبدأ من تركمانستان ويمر عبر أفغانستان ثم باكستان حيث يصل إلى ميناء التفريغ والشحن على ساحل بحر العرب، ويتبع هذا المشروع إلى شركة نفط أمريكية تعود ملكيتها إلى أسرة جورج بوش وديك تشيني المشتركة، ويهدف هذا المشروع إلى احتكار صادرات النفط إلى كامل منطقة جنوب وجنوب شرق وشرق آسيا، بما في ذلك استراليا واليابان وكوريا الجنوبية.
• تنظيف منطقة بلوشستان من الزعماء والحركات العسكرية والسياسية التي تعرقل انطلاق التحركات العسكرية الأمريكية العدوانية المحتملة، والتي تتضمن خططها حشد القوات الأمريكية في بلوشستان الباكستانية، والدخول إلى بلوشستان الإيرانية (إقليم بلوشستان نصفه في باكستان ونصفه الآخر في إيران)، وقد كان الزعيم بوغتي من أكبر المعارضين لهذا المخطط الأمريكي.
• استخدام بلوشستان بوساطة القوات الأمريكية، كقاعدة ونقطة انطلاق من أجل ضرب الحركات الأفغانية المعارضة للوجود الأمريكي.. ويقال: إن الزعيم بوغتي كان من المؤيدين لحركات المعارضة الأفغانية.
هناك رأي إضافي يقول: إن إقليم بلوشستان يمثل المصير الرئيس لتجارة الأفيون الأفغاني، والتي من أكبر المستفيدين منها الجنرال مشرف والمسؤول الأمريكي البارز ريتشارد أرميتاج. وتقول الخلفية بأن ريتشارد أرميتاج يمثل اليد القوية للجنرال مشرف في الإدارة الأمريكية، وهو يعتبر من أبرز عناصر لوبي المخدرات الأمريكي الذي يساند النظام الباكستاني. وتعود صلات وأواصر ريتشارد أرميتاج الى فترة ما قبل إحداث الحادي عشر من أيلول عندما كان يشرف على شبكة المخابرات الأمريكية التي كانت بالمشاركة مع حركة طالبان تقوم بإدارة عمليات تهريب الأفيون الأفغاني عبر إقليم بوشستان، وقد كشف الزعيم البلوشستاني الراحل بوغتي تفاصيل هذه العمليات.
كشفت التقارير أن عملية اغتيال بوغتي الأخير تقع ضمن سلسلة من عمليات الاغتيالات المحددة ضمن (إطار الهجوم العالمي)، والذي شمل الآتي حتى الآن:
- اغتيال تيهايس إيلواي: زعيم حركة استقلال بابوا الغربية، وقد تم اغتياله بوساطة قوة خاصة أندونيسية بمساندة عسكرية- استخبارية أمريكية، وقد تمت عملية الاغتيال في تشرين الثاني 2001م، وتقول التقارير بأن السبب الرئيس لاغتياله يتمثل في عرقلته لأنشطة شركة فريبورت ماكموران الأمركيية وسعيها لعملية الاحتكار ووضع يدها على المناجم في منطقة بابوا الغربية.
- اغتيال عبد الله سيافي: زعيم حركة أتشي الحر، وقد تم قتله بوساطة قوة أندونيسية خاصة بمساعدة ومساندة عسكرية استخبارية أمريكية بجزيرة سومطرة، وذلك خلال شباط 2002م.
وتقول التقارير بأن السبب الرئيس لعملية اغتياله يكمن في قيام حركته بعرقلة وتهديد مصالح واستثمارات شركة إكسون- موبيل الأمريكية، والتي تعمل في إقليم أتشيه الأندونيسي.
- اغتيال بولي إيقي: إضافة إلى كونه وزير العدل والنائب العام في نيجيريا، فهو أيضاً زعيم قبيلة اليوريا النيجرية، والذي استطاع من خلال منصبه كوزير للعدل والنائب العام أن يعرقل ويبطل كل الاتفاقات التي كانت تمنح الشركات الأمريكية النفطية مثل إكسون موبايل، وشيفرون، سلطة واسعة، ويداً مطلقة في التصرف بموارد نيجيريا النفطية، وقد تم اغتيال الوزير والزعيم بول إيقي في تشرين الثاني 2001م، في مدينة عبادان عاصمة النفط النيجري، وتم تسجيل محضر الاتهام ضد مجهول!!.
- اغتيال إيلي حبيقة: وهو زعيم سياسي لبناني مسيحي، ويقال: إنه أبدى معارضة لبعض المخططات الأمريكية، منها بعض المسائل العسكرية والنفطية في منطقة شرق المتوسط ولبنان حصراً, وقد تمت عملية اغتياله بتفجير سيارة ملغومة في آذار عام 2002م.
- اغتيال بنجامين هرانق خوال: وهو زعيم جبهة تريبورا للتحرير الوطني لشمال شرق الهند، وقد تم اغتياله بعملية عسكرية مشتركة ضمن مجموعة من قوات المظلات الهندية، بإشراف ومساندة عسكرية استخبارية أمريكية، وقد تمت عملية الاغتيال في شباء 2002مز
- اغتيال ميخائيل نصار (مايك): ويعتبر من أبرز مرافقي إيلي حبيقة، وقد تمت ملاحقته بوساطة (قاتلي إيلي حبيقة)، حيث استطاعوا التوصل إلى مكان تواجده في البرازيل، وقاموا باغتياله هو وزوجته، وذلك من أجل القضاء على كل المعلومات تماماً، وضمان عدم انكشافها بالكامل.
- اغتيال أسياس دوارتي: ويعمل أسقفاً في كالي، وكان معارضاً لعمليات القوات المظلية الأمريكية، والمحلية المدعومة أمريكياً، وقد تم اغتياله في آذار عام 2002م، بإطلاق النار عليه وهو واقف أمام كنيسته.
- اغتيال جوناثان سافيمبي: وهو زعيم حركة يونيتا الأنجولية اليمينية، وقد ظل جوناثان سافيمبي طوال حياته مؤيداً لإسرائيل وأمريكا، وخلال إدارة الرئيس ريغان، أطلق عليه الرئيس الأمريكي رونالد ريغان لقب (جورج واشنطن أفريقيا) وكانت مناجم الماس التي تقع تحت مناطق سيطرته تنقل إنتاجها بالكامل إلى إسرائيل، وكانت الشركات الأمريكية- الإسرائيلية تعمل في الأراضي الأنجولية من الجانبين، أي مع الجانب الحكومي في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، ومع الجانب الآخر في المناطق التي يسيطر عليها جوناثان سافيمبي، وبعد أن انخفضت صادرات الماس، بسبب قيود مجلس الأمن الدولي التي وردت في قرار مجلس الأمن الذي حمل عنوان: الماس المموِّل للصراعات، أصبح تركيز الشركات الإسرائيلية الأمريكية على النفط، وطلبوا من سافيمبي عدم اعتراض أنشطة النفط الحكومية، التابعة لهذه الشركات، ولكنه رفض، ومن ثم قامت أجهزة المخابرات الإسرائيلية- الأمريكية بكشف مكان تواجده إلى الحكومة الأنجولية الـ(يسارية)، والتي لم تتردد بإرسال قواتها لتصفيته، والقضاء عليه، في آذار 2002، ويقال: إن شركة كيلوغي براون (الإسرائيلية- الأمريكية) النفطية، كانت وراء عملية اغتياله.
- اغتيال سلفادور فارغاس ليون (سيلفيريو): وهو زعيم حركة فارز الكولومبية، وقد تم اغتياله في آذار 2002 بوساطة مجموعة عسكرية تعمل بعقد خاص مع الحكومة الأمريكية، بالاشتراك مع بعض وحدات الجيش الكولومبي، ويقال: إن سبب اغتياله يتمثل في معارضته لمشروع تمديد خط أنابيب النفط الذي تشرف عليه الشركات الأمريكية في المنطقة.
- اغتيال رفيق الحريري: وقد كان سابقاً رئيس وزراء لبنان، ويقال: إن اغتياله كان يتعلق بالمشروعات الإسرائيلية- الأمريكية في لبنان، والتي تم وضعها بإشراف جماعة المحافظين الجدد.
- اغتيال جورج حاوي: وهو زعيم الحزب الشيوعي اللبناني وأحر رموز المقاومة في لبنان، ويقال: إنه قتل لأسباب تتعلق بدوره الذي يعرقل مخططات المحافظين الجدد في لبنان والمنطقة.
- اغتيال جون قرنق: وكان نائباً لرئيس الجمهورية في السودان وزعيماً للحركة الشعبية لتحرير السودان، وبالرغم من تاريخه الطويل في التحالف مع أمريكا خلال فترة الحرب الأهلية، إلا أن معارضته الشديدة لإعطاء التسهيلات النفطية في جنوب السودان للشركات الأمريكية، كانت سبباً رئيساً في عملية اغتياله، وقد تم تدبير عملية التخلص منه في حادثة تحطم طائرة الهيليكوبتر التي كانت تقله من أوغندا إلى السودان في تموز 2005م، وقد تم تنفيذ عملية الاغتيال بعلم وموافقة صديقه الشخصي ورفيق دراسته الجامعية في الماضي الرئيس الأوغندي يوري موسفني، والذي يعتبر حالياً من أقوى حلفاء إدارة الرئيس بوش في افريقيا.
إن برنامج الإطار العالمي للاغتيالات تشرف على تنفيذه وحدة العمليات الخاصة وعمليات الحرب النفسية الخاصة التابعتان للمخابرات الأمريكية.
ومن أبرز ما تقوم به وحدة عمليات الحرب النفسية الخاصة هذه، يتمثل في عملية نشر واسعة النطاق لصور من يتم اغتيالهم، وقد برز هذا التوجه بوضوح في نشر صور الضحايا مثل سافيمي الأنجولي، وصور الزعيم البلوشستاني بوغتي وهو ممدد إلى جانب ابنه.. بحيث تبدو جثتيهما المشوهتان بشكل مخيف يبعث الخوف والفزع.

الجمل: قسم الترجمة والدراسات