دول الخليج تتبنّى رسميّاً مبادرة تنحّي صالح
دعا المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، خلال اجتماع استثنائي في الرياض أمس، الى انتقال سلس للسلطة في اليمن، يقوم على أساس تسليم علي عبد الله صالح الرئاسة الى نائبه، وتأليف حكومة إنقاذ وطني بقيادة المعارضة، مكلّفة إعداد دستور جديد وإجراء انتخابات، على أن تجتمع السلطة وأطراف المعارضة تحت المظلة الخليجية، في العاصمة السعودية، الرياض، وفقاً لهذه المبادئ.
وتلا الأمين العام لدول مجلس التعاون عبد اللطيف الزياني بياناً صادراً عن الاجتماع الوزاري الاستثنائي، تضمّن مبادئ أساسية لتمثّل منطلقاً للحل الذي سيؤدي الى «الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، وأن يلبّي الاتفاق طموحات الشعب اليمني في التغيير والإصلاح».
وحدّد البيان الخطوات التنفيذية لمبادرة دول مجلس التعاون، التي تتمثّل في أن «يعلن رئيس الجمهورية نقل صلاحياته الى نائب رئيس الجمهورية (عبد ربه منصور هادي) وتأليف حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة ولها الحق في إنشاء اللجان والمجالس المختصة لتسيير الأمور سياسياً وأمنياً واقتصادياً ووضع دستور وإجراء الانتخابات».
وأقرّ المجتمعون بأن «يجري انتقال السلطة بطريقة سلسة وآمنة تجنّب اليمن الانزلاق نحو الفوضى والعنف ضمن توافق وطني، وأن يلتزم كافة الأطراف بإزالة عناصر التوتر سياسياً وأمنياً، وبوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطى لهذا الغرض».
وأعربوا عن قلقهم من «استمرار حالة الاحتقان السياسي والتدهور الخطير للحالة الأمنية في اليمن الشقيق»، وأسفهم «الشديد لاستمرار سقوط الضحايا». وأكّد البيان «حرصه على وحدة اليمن واستقراره وسلامة أراضيه، واحترامه لإرادة الشعب اليمني ولخياراته حمايةً للسلم الأهلي وللأمن والاستقرار في اليمن ومكتسباته الوطنية».
وترأس هذا الاجتماع الاستثنائي وزير الدولة في وزارة الخارجية الإماراتية، رئيس الدورة الحالية للمجلس، أنور محمد قرقاش. وخلال الاجتماع، عرض الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الاتصالات والمشاورات التي أجراها سفراء دول مجلس التعاون في صنعاء مع كافة الأطراف المعنيين في إطار مبادرة المجلس. وتضم دول مجلس التعاون الخليجي البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات.
وكان وزير الخارجية الكويتي، محمد صباح السالم الصباح، قد أكّد أن نظيره اليمني أبو بكر القربي سيشارك في اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي. وقال إن «الاجتماع طارئ لبحث موضوع الوساطة الخليجية لحل المشكلة اليمنية».
قُبيل الاجتماع الوزاري، قال دبلوماسي خليجي إن اليمن يريد ضمانات بأن يقوم مجلس التعاون الخليجي بجهود وساطة فحسب دون فرض إملاءات، واليمن ليس عضواً في منظمة دول مجلس التعاون الخليجي. وأوضح الدبلوماسي أن اليمنيّين لن يوافقوا على المحادثات في السعودية ما لم يحصلوا على وعد من المجلس بأنه لن يتدخل.
وكان الرئيس اليمني قد أعلن قبوله الوساطة الخليجية قبل أن يتراجع، كعادته، متذرّعاً بتصريحات لرئيس الحكومة القطرية ووزير الخارجية حمد بن جاسم آل ثاني، التي قال فيها إن الاجتماع الخليجي في الرياض سيبحث سبل تنحي علي صالح.
ورأى وزير الخارجية اليمني أن قطر خرجت عن النص بقولها إن المحادثات تتعلق بتنحي صالح، الذي أبدى رغبته في خروج مشرّف. ونقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» عن القربي قوله إن التصريحات القطرية «أعطت انطباعاً بأن الأمر قد حسم». وأضاف «إنه شخصياً (علي صالح) كان قد صرح بأن الحكومة اليمنية تدرس المبادرة الخليجية ولم يعلن أيّ رفض لها».
ورغم رفضه المبادرة الخليجية أمام حشد جماهيري يوم الجمعة، عاد صالح وقال إنه مستعد لحل الأزمة عبر الحوار في الإطار السلمي، وبعيداً عن أعمال «العنف والفوضى والتخريب».
ونسبت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ» الى الرئيس صالح، خلال لقائه المستشار السياسي للأمين العام للأمم المتحدة جمال عمر، قوله «نؤكّد تمسك بلادنا بالنهج الديموقراطي التعددي واحترام حرية الرأي والتعبير، وفي الإطار السلمي وبعيداً عن ارتكاب أعمال العنف والفوضى والتخريب».
كذلك نسبت الوكالة الى عمر دعم المنظمة الدولية لحل الأزمة عبر الحوار بين كافة الأطراف اليمنيين الدستوريين، وفي إطار الشرعية الدستورية والحفاظ على وحدة اليمن وأمنه. وأضاف إنّ «الأمم المتحدة تشجع على جلوس الأطراف اليمنيين معاً لحل هذه الأزمة في الإطار الداخلي، وهم الأقدر على حل مشكلة وطنهم بأنفسهم، وإزالة هذا الاحتقان الذي لا يخدم مصلحة الشعب اليمني».
لكن المعارضة «اللقاء المشترك» أصرّت على تنحّي صالح. ودعت في بيان لها «الشعب اليمني بكل فئاته وشرائحه ومكوناته السياسية والاجتماعية إلى مزيد من الصمود في مواجهة كل أساليب العنف والمراوغة». ودعا البيان الذين لا يزالون متردّدين ويقفون موقف المتفرج إلى اللحاق بالثورة السلمية، وقال «عجلة التغيير دارت ولن تعود إلى الوراء».
وتوجّهت المعارضة اليمنية بالشكر إلى الأشقاء في دول مجلس التعاون وإلى المجتمع الدولي وإلى الأصدقاء في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية والمنظمات الدولية والأمم المتحدة، لوقوفهم إلى جانب الشعب اليمني وخياراته.
- من جهة أخرى اختارت عدن، للمرّة الثانية، الاعتصام المدني والإضراب تعبيراً عن احتجاجها، عمّت التظاهرات، أمس، العاصمة صنعاء وتعز وأب (جنوب غرب) والحديدة، التي تقع على البحر الأحمر، حيث شارك عشرات الآلاف في المعركة السلمية لإسقاط الرئيس، التي انطلقت قبل شهرين، وقدّمت أكثر من 180 شهيداً للثورة، بحسب ما كشفت منظمة حقوقية.
وفي صنعاء، سار المحتجون في أحد الشوارع الرئيسية للمدينة وهتفوا بشعارات إسقاط علي صالح. ورفعوا الأعلام اليمنية وأعلام دول مجلس التعاون الخليجي الست، بما في ذلك قطر، التي أثارت غضب صنعاء، عندما أشار رئيس وزرائها الى أن الوساطة الخليجية تهدف الى التوصل الى حل يتنحّى بموجبه الرئيس اليمني، وهو ما دفع نظام علي صالح الى استدعاء السفير القطري لدى صنعاء احتجاجاً على التصريحات القطرية.
ونُظّمت تظاهرات مماثلة في تعز وأب والحديدة، حيث لم تسجَّل مواجهات مع قوى الأمن أمس، لكن يوم أول من أمس كان صاخباً، إذ قُتل متظاهر وأُصيب العشرات بالرصاص في تعز، التي شهدت «يوم غضب» طالب خلاله المتظاهرون بمحاسبة المسؤولين عن المجازر بحق المحتجين، فضلاً عن مئات الإصابات نتيجة الضرب والغاز المسيّل للدموع.
وقال مسؤول في المستشفى الميداني للمعتصمين في تعز إن «متظاهراً توفّي متأثراً بجروحه خلال الليل». فيما ذكرت مصادر طبية أنّ اشتباكات وقعت في تعز وصنعاء بين المتظاهرين والشرطة واستمرت حتى وقت متأخر ليل أول من أمس، وأدّت إلى إصابة 43 شخصاً بالرصاص في تعز، و30 شخصاً في صنعاء.
من جهة ثانية، أُصيب نحو 80 شخصاً في صنعاء بعدما ضُربوا بالهراوات، فيما عولج 1200 شخص جراء تنشّقهم الغازات، بينما أُصيب في تعز 29 متظاهراً بضرب الهراوات وعولج 580 آخرون بسبب تنشق الغاز. واعتُقل 20 شخصاً أيضاً في المدينة.
هذا وشلّ إضراب الحركة في مدينة عدن (جنوب) استجابةً لنداء تنسيقيّة «شباب ثورة 16 شباط» التي دعت سكان المدينة الى العصيان المدني، وعدم تسديد فواتير الماء والكهرباء، ودعت الموظفين الى الإضراب. وأغلقت المتاجر أبوابها في عدة أحياء وتوقفت وسائل النقل العمومية. وأقام الشباب المتاريس في عدة محاور طرق لمنع السيارات من المرور.
وهذا الاعتصام هو الثاني من نوعه الذي تشهده مدينة عدن في أقل من أسبوع في إحدى أهم المدن اليمنية وأكبرها، التي فيها أهم موانئ البلاد والمنطقة الحرة.
إلى ذلك، كشف الملتقى الوطني لحقوق الإنسان أن حصيلة شهداء الثورة اليمنية في 15 محافظة خلال شهرين بلغ 180 قتيلاً، بينهم أطفال، إضافةً الى 3282 جريحاً. وقال في ندوة في محافظة الحديدة «إن التظاهرات الاحتجاجية التي بلغت ذروتها خلال الشهرين الماضيين، واجهتها السلطات الحكومية بالقمع والاستخدام المفرط للقوة، في 15 محافظة يمنية». ورصدت 62 فعالية احتجاجية خلال شهري شباط وآذار الماضيين، منها 15 اعتصاماً مفتوحاً في 15 محافظة، هي صنعاء وتعز وعدن والحديدة وإب والجوف وشبوة وذمار وحجة ومأرب وعمران والمحويت والضالع وأبين والبيضاء.
في هذه الأثناء، قُتل ثلاثة أشخاص بينهم ضابط برتبة عقيد في الاستخبارات اليمنية، في هجوم واشتباكات مع تنظيم «القاعدة» في محافظة أبين الجنوبية. وقال مصدر طبي إن «مسلحَين من تنظيم «القاعدة» كانا يستقلان دراجة نارية أطلقا النار على العقيد ونجله أمام منزلهما في مدينة لودر ثم لاذا بالفرار». وأكّد أن العقيد توفي على الفور «متأثراً بإصابة قاتلة في الوجه، بينما أُصيب نجله صدام بطلقة نارية في اليد».
وقُتل شخصان أحدهما جندي وأُصيب آخرون، بينهم ضابط، بجروح في اشتباكات دارت فجر أمس بين الجيش اليمني وعناصر مفترضين من تنظيم «القاعدة» في بلدة جعار في نفس المحافظة، لكنّ مصدراً قبلياً قال إن وحدات الجيش انسحبت من منطقة المخزن التي شهدت المواجهات، وتمكّن المسلحون من مصادرة دبابة وتدمير أخرى.
المصدر: الأخبار+ وكالات
إضافة تعليق جديد