يزوجوهن في الخامسة فيذبلن على عجل
12 مليونا هو عدد كبير، غير أن الرقم يصبح مخيفاً بعد أن ندرك أنه يشير إلى عدد الفتيات، حول العالم، اللواتي أصبحن زوجات وهن في الخامسة من عمرهن فقط. صحيح أننا اعتدنا سماع قصص عن زيجات قاسية ومزعجة تردنا من دول «متخلفة»، كما درجت العادة على تسميتها، ولكن «عندما تسرق منا براءة الطفولة.. عندما نذرف أول دمعة بحثا عن لحظاتنا البريئة التي ضاعت منا بغفلة.. (نزار قباني)»، عندما تخبئ الذئاب الحقيقة تحت أجسادها الخاوية يصبح الموقف مربكاً، يفوق أحيانا طاقتنا على «هضم» الغرائب.
في الهند، الظلم لا يلحق بالفتيات فقط، ففتاة الخامسة تقترن في كثير من الأحيان بـ«صبي» يكبرها فقط بعدد صغير من السنوات. أما في اليمن وأفغانستان وأثيوبيا وغيرها من الدول، حيث يسجل هذا النوع من الزيجات أعلى معدلاته، فالزوج غالباً يكون في متوسط العمر، متجها نحو الشيخوخة.
«ماذا أقول لأناس سرقوا مني ابتسامة بريئة، سرقتها في غفلة من الزمن؟»، ماذا تقول فتيات لأهل لا يرون فيهن أكثر من صفقة ناجحة، لا تتخطى حدود البيع والشراء، تنتشل الأسرة من ضائقتها الماديّة. وعلى الرغم من أن القوانين في تلك البلدان تحظّر الزواج المبكر تحت طائلة السجن، يستمر الأهل في إتمام مراسم الزواج ـ الصفقة بسرية تامة خوفا من الملاحقة القانونيّة، ويبرّرون ذلك بالخوف على «شرف» الفتاة «المعرّضة دائما لأن تفقد عذريتها قبل الزواج».
في مشروع أعدته مجلة «ناشيونال جيوغرافيك»، رصدت الصحافية سينثيا غورني والمصورة ستيفاني سينكلير عدداً كبيراً من الحالات «الصادمة» للزواج المبكر في اليمن والهند.
في التقرير، قصة عن فتاة هندية في الخامسة من عمرها كانت تغط في نوم عميق قبل بدء مراسم زواجها بدقائق.. بعد قليل، جاء عمها، ثم انتزعها من سريرها وسلمها لزوجها (10 سنوات)، وسط إتمام المراسم على يد كاهن هندوسي.. والفتاة ما تزال نائمة.
وفي التقرير أيضاً، قصة الطفلة اليمنية نجود علي التي تناولت الصحف العالمية قضيتها باهتمام بالغ، بعد أن كشفت صحيفة «يمن تايمز» للمرة الأولى عن الأحداث المؤلمة التي تعرضت لها حينما كانت زوجة لرجل يمني يبلغ من العمر 30 عاماً في حين كانت تبلغ من العمر 9 سنوات، وأوضحت ما تعرضت له من عنف جنسي وضرب عنيف.
وتروي نجود كيف أخرجها زوجها من المدرسة واصطحبها إلى منزل عائلته في إحدى القرى اليمنية، وهناك مارس معها الجنس بشكل عنيف. «مهما كنت أصرخ لم يأت أحد لمساعدتي. كان الأمر مؤلما لدرجة كبيرة وكنت وحيدة في مواجهة الألم». وحينما سمح لها زوجها بزيارة أسرتها في مدينة صنعاء هرولت سريعا نحو سيارة أجرة وطلبت من السائق الذهاب بها إلى المحكمة. وهناك ساندتها في قضيتها المحامية شذى، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، حتى حصلت على حكم بالطلاق لتكون بذلك أول طفلة يمنية يتم تطليقها في اليمن.
ولكن في اليمن السعيد لا تحظى كل الفتيات بإمكانية هروب «سعيد» من زواجهن، او حتى بفرصة لإكمال تعليمهن، بل على العكس فهن يتعرضن للاعتداء الجنسي من أزواجهن طوال الوقت.
ففي التقرير، قصة أخرى من اليمن عن عائشة، الفتاة الصغيرة، التي زوّجها أهلها لرجل خمسيني. ألبسوها حذاءً بكعب عال وغطوا وجهها لئلا تفضحهم الشرطة، ولم يبال والدها بصرخات الاستغاثة التي كانت تطلقها.
وأضاء التقرير على عدد لا يحصى من التقارير الطبيّة التي تفيد عن حالات صحية سيئة تعاني منها الفتيات الصغيرات بعد الزواج، أبرزها المشاكل التناسلية وضعف جهاز المناعة.
وعلى الرغم من عمل العديد من الجمعيات، وفقاً للتقرير، على محاربة هذه الظاهرة، إلا ان هذه الجمعيات نفسها تقر أنها ما زالت بعيدة تمام البعد عن تحقيق أي تقدم يذكر، فالمسألة معقدة للغاية بجذورها الاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافيّة.
(عن «مايل أونلاين»)
إضافة تعليق جديد