البدائل المقترحة لخيار التدخل العسكري ضد سوريا
الجمل: تزايد إدراك الأغلبية العظمى من الخبراء والمراقبين والمحللين السياسيين بأن خيار التدخل العسكري الخارجي لم يعد ممكناً في سوريا، وتأسيساً على ذلك، برزت العديد من التساؤلات حول كيفية تعامل خصوم دمشق الدوليين والإقليميين مع ملف الحدث الاحتجاجي السياسي السوري خلال المرحلة القادمة، وبالذات بعد انتهاء مهمة بعثة المراقبين العرب: فما هي طبيعة هذه التساؤلات وما هي البدائل المحتملة لخيار التدخل العسكري الخارجي في سوريا؟
* ترسيمات الوضع القائم: الحقائق الجديدة
تقول المعلومات والتسريبات، بأن الأكثر احتمالاً هو أن تسعى الجامعة العربية لجهة تمديد فترة عمل بعثة المراقبين، إضافة إلى محاولات إجراء بعض التعديلات الإضافية، وأشارت التسريبات إلى أن زيادة عدد المراقبين وتمديد الفترة يمكن أن تكون أموراً ممكنة، ولكن ما هو غير ممكن هو أن تسعى الجامعة العربية لجهة تعديل "ولاية" بعثة المراقبين العرب بما يجعلها تتخطى دورها الحالي باتجاه تجاوز الخطوط السياسية الحمراء، والتي سعت دمشق منذ البداية لجهة مقابلتها بالرفض القاطع.
تحدثت التحليلات والتسريبات قائلة، بأن سبب قيام الجامعة العربية بتمديد فترة بعثة المراقبين العرب في سوريا يعود إلى أسباب عديدة، منها:
• الرغبة في عدم الدخول في تصعيدات عدائية جديدة مع دمشق.
• الرغبة في الحصول على المزيد من المعلومات، بما يجعل مشهد الحدث السوري أكثر وضوحاً.
• الرغبة في كسب الوقت إلى حين تتم عملية التغلب على الخلافات بين العواصم العربية إزاء الملف السوري.
• الرغبة في تفادي الضغوط الخارجية الدولية بواسطة خصوم دمشق الدوليين وبالذات أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، وبعض خصوم دمشق العرب والشرق أوسطيين.
هذا، وتشير المعطيات الجارية إلى أن الفريق مصطفى الدابي رئيس بعثة المراقبين العرب سوف يقدم اليوم تقريره للجنة الجامعة العربية، وأضافت التقارير والمعلومات بأن المجلس الوطني السوري المعارض، قد أعلن صراحة الآتي:
• اعتبار مهمة المراقبين العرب بأنها فاشلة.
• اتهام رئيس بعثة المراقبين العرب بأنه متورط في حروب إقليم دارفور السوداني.
• مطالبة الجامعة العربية بسحب بعثة المراقبين العرب وعدم اعتماد تقريرها.
هذا، وأضافت التقارير والمعلومات بأن المعارضة السورية الخارجية قد سعت لجهة العمل من أجل تجميع عدد كبير من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني التابعة لخصوم دمشق، وذلك بما يتيح بناء تحالف دولي مدني غير حكومي لجهة الضغط على الجامعة العربية، والأمم المتحدة، والدول الكبرى من أجل القيام بالتدخل العسكري الدولي ضد سوريا.
* مأزق خصوم سوريا الدوليين والإقليميين: الدخول في الشبكات والتأمل في الخروج
سعى خصوم سوريا الدوليين والإقليميين ومعهم المعارضة السورية الخارجية، لجهة دعم إرسال بعثة المراقبين العرب إلى سوريا، وذلك من أجل تحقيق هدف وحيد هو إثبات صحة اتهامات ومزاعم المعارضة السورية، بما يتيح لاحقاً بناء ملف تدويل الحدث الاحتجاجي السياسي السوري ضمن نفس سيناريو تدويل الحدث الاحتجاجي السياسي الليبي، ولكن بعد دخول بعثة المراقبين العرب إلى سوريا برزت النقاط الآتية:
• استطاعت بعثة المراقبين العرب التعرف ميدانياً على الحقائق الرئيسية، الأمر الذي أبطل قدراً هائلاً من مزاعم المعارضة السورية الخارجية، إضافة إلى أن معلومات بعثة المراقبين العرب أصبحت أكثر فعالية في كسر احتكار المعارضة الخارجية للمعلومات المتعلقة بالوضع السوري.
• تصريحات رئيس بعثة المراقبين العرب، وبعض أعضاء البعثة، أثارت حفيظة أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، وأغضبت المعارضة السورية الخارجية، إضافة إلى أنها خلقت شعوراً بالإحباط في أوساط خصوم سوريا الشرق أوسطيين وبالذات بالنسبة لقطر والسعودية وتركيا.
تقول المعلومات والتسريبات بأن التقرير النهائي لبعثة المراقبين العرب، سوف يؤدي إلى إشعال المزيد من الصراع في أوساط الجامعة العربية، وذلك لجهة التنازع المتوقع حول خيارات توظيف نتائج التقرير، وذلك بما يمكن أن يتضمن الآتي:
• محاولة الدفع باتجاه خيار التدخل العسكري الدولي، ويحتاج حصراً لموافقة مجلس الأمن الدولي
• محاولة الدفع باتجاه خيار التدخل العسكري العربي، ويحتاج حصراً إلى موافقة دمشق
• محاولة الدفع باتجاه خيار إعطاء دمشق المزيد من الفرص لاحتواء الوضع، ويحتاج حصراً لإجماع الأغلبية في الجامعة العربية
• محاولة الدفع باتجاه خيار الضغط على الفرقاء السوريين من أجل الحوار، ويحتاج حصراً لموافقة واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي
هذا، ونلاحظ أن خيار التدخل العسكري الدولي هو غير وارد، بسبب عدم حماس واشنطن لذلك، إضافة إلى أن فرنسا وبريطانيا لن تستطيعا القيام بذلك بدون مشاركة واشنطن، أما بالنسبة لتركيا، فتقول التسريبات بأن أنقرا بدأت خلال هذه الأيام وهي أكثر رغبة لجهة التراجع عن مواقفها المتشددة إزاء دمشق، إضافة إلى تزايد رغبة أنقرا لجهة القيام بمراجعة وإعادة ضبط وتقويم توجهات سياساتها الخارجية إزاء دول جوارها الإقليمي وبالذات سوريا والعراق وإيران، بعد أن تبين لأنقرا أن تعاونها مع إيران والعراق لن يكون ممكناً بمعزل عن تعاونها مع سوريا.
نشر مركز ستاتفور الاستخباري الأمريكي تحليلاً مختصراً، أشار فيه إلى أن مستقبل مصير ملف الحدث الاحتجاجي السوري، سوف يظل غامضاً ومبهماً، وذلك بفعل الأسباب الآتية:
• أسباب داخلية: المعارضة السورية الحالية، ثبت أنها ضعيفة وغير متماسكة وغير موحدة، وبالتالي من الصعب أن تشكل أي تهديد على الوضع القائم في سوريا.
• أسباب خارجية: تمثل واشنطن العامل الحاسم في تشكيل قوام الموقف الخارجي، وحتى الآن ما تزال واشنطن أكثر نفوراً من فكرة التدخل في سوريا.
هذا، وأشار تحليل مركز ستراتفور الاستخباري الأمريكي إلى أن الخيارات المتاحة الآن أمام واشنطن هي متعددة، ولكن ما هو جدير بالاهتمام أن الخيار التدخلي العسكري ليس مطروحاً من بينها، وفي هذا الخصوص أشار التحليل إلى الخيارات المتاحة أمام واشنطن، على النحو الآتي:
• توسيع تفاهمات واشنطن مع طهران، بما يشمل بناء موقف موحد إزاء دمشق.
• توسيع تفاهمات واشنطن مع دمشق، بما يشمل بناء موقف موحد إزاء طهران.
بالنسبة لتفاهمات واشنطن مع طهران لاحظ التحليل أنه يصعب الحصول على موافقة طهران إزاء التخلي عن دمشق، وبالنسبة لتفاهمات واشنطن مع دمشق، فإنه يصعب أيضاً الوصول إلى موافقة دمشق إزاء التخلي عنت طهران، وأضاف التحليل ملمحاً إلى انه إذا كان تفاهم واشنطن مع دمشق وطهران، لن يتيح لامريكا التوصل إلى ما هو مطلوب، فإن تدخل أمريكا عسكرياً في سوريا لن يتيح لواشنطن الحصول على ما هو مطلوب طالما أن الخسائر الباهظة سوف تلحق أضراراً هائلة بالمصالح الأمريكية. خاصة أن إشعال سوريا سوف يشعل كل منطقة شرق المتوسط بشكل يفوق قدرة واشنطن على الاحتواء والسيطرة، وتأسيساً على ذلك سوف يكون خيار تمديد بعثة المراقبين العرب والدفع باتجاه حواتر الفرقاء السوريين هو الأكثر جاذبية خلال الفترة القادمة.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد