هل تعيد الجامعة العربية الأزمة السورية إلى مربعها الأول؟
تصاعدت حدة التوتر في الشارع السوري عشية انعقاد جلسة وزراء الخارجية العرب في القاهرة، في مشهد يؤكد استمرار الكباش السياسي بين النظام من جهة والولايات المتحدة والغرب ممثلين بقطر اقليميا من جهة ثانية. فعلى الرغم من وضوح البروتوكول الذي وقّعته سوريا منذ أكثر من شهر لجهة كيفية التعاطي مع المبادرة العربية، بحيث أوكلت تسهيل عمل المراقبين العرب للخارجية السورية، وحصرت التعاطي بشكل نهائي بالدبلوماسية، وما استتبعه من تقارير وتصاريح ومشاهدات شفوية لرئيس لجنة المراقبة محمود الدابي، تتوقع مصادر دبلوماسية أوروبية أن تعيد الجامعة العربية الأزمة السورية إلى مربعها الاول، وذلك انسجاما مع تطلعات قطر ومعها واشنطن وعواصم غربية، اضافة إلى المعارضة السورية وخاصة "مجلس اسطنبول" للخروج بتوصيات تفتح الباب أمام التدويل، وهذا ما يفسّر التصعيد الامني والاعلامي اللافت خلال الساعات الاخيرة الماضية.
ويكشف المصدر أنّ واشنطن تعمل من خلال قطر وفق خطة مبرمجة تقضي كخطوة اولى بالضغط باتجاه تطعيم المراقبين العرب بمراقبين دوليين، تمهيدا لطرح الازمة على مجلس الامن انطلاقا من زاوية حقوق الانسان التفافا على الموقفين الروسي والصيني.
ويسعى الغرب بدوره للضغط على الجامعة العربية لتسريع الخطوات وتفعيلها، على ان تكون الامور قد وضعت على سكتها المفترضة قبل موعد انتقال رئاسة الجامعة إلى العراق في اذار المقبل، حيث يؤكد زوار العاصمة السورية ان الرئيس السوري يعتزم المشاركة في القمة المقررة في بغداد دعما لرئيس الوزراء العراقي نور المالكي.
وانطلاقا من هذه الاجندة، تؤكد المعطيات على احتمالين اثنين، اما انتقال الرئاسة الدورية إلى العراق، حيث تستعيد سوريا مكانتها لدى الجامعة، وبالتالي خروجها من عزلتها العربية، أو تأجيل انتقال الرئاسة بحجة الاوضاع العربية المتردية، وهذا ما لا يلحظه بروتوكول تأسيس الجامعة، مع الاشارة إلى انعدام إمكانية تنازل العراق عن حقها بالرئاسة مهما كانت الظروف والضغوط والاغراءات.
في المقابل دعا الدبلوماسي الاوروبي إلى اجراء قراءة معمقة للموقف الفرنسي الذي يتدرج صعودا من الناحية الاعلامية، وذلك لجهة ما نشرته صحيفة الفيغارو المعروفة بتعاطفها مع الرئاسة الفرنسية حول كشف حقيقة مقتل الصحافي الفرنسي في سوريا خلال الاسبوع المنصرم، حيث أكدت أنّ الصحافي المقصود اغتيل برصاص الثوار، وإن كانت قد اشارت إلى ان الحادث حصل عن طريق الخطأ. وبالتالي فان ذلك يحمل اعترافا صريحا بوجود ثوار اولا، وليس مجرد متظاهرين او محتجين، وباعتماد هؤلاء الثوار على استعمال السلاح، بما يؤكد صفة "الثوار المسلحين" بحسب التعبير. وتاليا فان هذا ما سيعطي الدبلوماسية السورية فرصة ذهبية قد لا تتكرر لدفع فرنسا إلى عقلنة مواقفها من خلال التركيز على حق الدولة في مواجهة المسلحين، وذلك انطلاقا من مبدأ ضرورة حماية المؤسسات الرسمية والعسكرية، كما حماية المدنيين.
ويخلص إلى طرح علامة استفهام كبيرة حول توقيت اعلان صحيفة الفيغارو، وما اذا كان هذا سيشكل بداية مخرج للخارجية الفرنسية المندفعة بشدة وتهور لاسقاط نظام مدعوم من ثلاثية روسية صينية ايرانية لا يستهان بها.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد