التايم : تنافس سعودي ـ قطري على العصابات السورية ولد فوضى عارمة في توزيع السلاح
نشرت مجلة "تايم" الأميركية في عددها الأخير الصادر أمس تحقيقا موسعا تناول التنافس السعودي ـ القطري على "اقتسام" الجماعات السورية المسلحة . وقالت المجلة إن هذا التنافس يتسبب في خلق فوضى عارمة نتيجة للطبيعة الانتقائية في توزيع السلاح، وهو ما وصفته المجلة بـ"لعبة تضارب المحسوبيات أو الولاءات". وكشفت المجلة عن أن النائب اللبناني عن "تيار المستقبل" الحريري ، عقاب صقر، هو الذي يمثل المخابرات السعودية في تركيا في مهمة توزيع السلاح السعودي على المعارضين السوريين، مشيرة إلى أن قادة العصابات السورية المسلحة صبوا جام غضبهم على صقر بسبب هذه الانتقائية.
وبحسب تحقيق المجلة ، فإن قطر والسعودية «الراعيتين» للمعارضين المسلحين السوريين "انتقائيتان" في ما يتعلق بتحديد من يحصل على السلاح، كما أنهما لا يسيران على الخط ذاته في هذه العملية، وقد ظهر هذا الشرخ تحديداً في آب/ أغسطس الماضي عندما بدأ ممثلا قطر والسعودية بدعم مجموعات مختلفة من بينها ميليشيات "علمانية" وأخرى إسلامية تنشطان تحت مظلة ما يسمى "الجيش السوري الحر".
وكانت «تايم» تحدثت في تقرير في تموز/ يوليو الماضي عن «مركز سري في اسطنبول» يدير توزيع الأسلحة التي تؤمنها الدولتان الخليجيتان، وتساعد الاستخبارات التركية على نقلها إلى الحدود مع سوريا ومن ثم إلى «الثوار». ونقلت المجلة أمس عن مصادر من بينها من «تعامل مع الوسيط السعودي» تفاصيل عملية التسليح.
وبحسب مصادر المجلة، فإن «رجل السعودية في اسطنبول» هو عقاب صقر، النائب اللبناني عن «تيار المستقبل» الذي يصر «على أن لا علاقة لنائبه بأي اتفاقيات تسلح، وأنه في بلجيكا في إجازة من واجباته السياسية»، الأمر الذي نفته المجلة، مشيرة إلى أنه كان «موجوداً في أنطاكيا في جنوبي تركيا في آب/ أغسطس الماضي»، ومؤكدة ذلك عبر مراجعتها لحجوزات أحد الفنادق في المدينة.
ونقلت المجلة عن مصادر من المعارضة المسلحة ممن تعاملوا مع صقر تأكيدهم أنه "كان متواجداً في المدينة للإشراف على توزيع دفعة صغيرة من المعدات، من بينها 50 ألف رصاصة كلاشينكوف، وعشرات القذائف الصاروخية لأربع مجموعات مختلفة في الجيش الحر في محافظة إدلب على الأقل، فضلاً عن كميات أكبر لمناطق أخرى من بينها حمص». كما قالت المصادر إنه «التقى بعدد من القياديين بطريقة انتقائية»، الأمر الذي يسبب على ما يبدو مشاكل بين «الثوار".
وبحسب مصادر في «الجيش الحر»، و«ناشطين وأعضاء في غرفة اسطنبول»، فإن «صقر كان مسؤولاً بشكل أساسي عن تصنيف الممثلين في محافظات سوريا الـ14 التي تستطيع الغرفة تزويدهم بدفعات من الأسلحة الخفيفة لإيصالها إلى مجموعات الجيش الحر".
وتشير مصادر المجلة إلى أن المشكلة تكمن في أن «الممثلين السوريين الـ20 أو أكثر لم يكونوا فاعلين» أو معروفين. ويقول ناشط سوري في الولايات المتحدة وله اتصالات واسعة داخل سوريا وقد قام بدور فاعل في إنشاء «غرفة اسطنبول» بحسب المجلة، «لقد رأيت تلك النقطة الضعيفة، ولذلك أوصلت صقر بأشخاص أعرف أنهم يعملون على الأرض. ولم أكن الوحيد الذي فعل ذلك… لأننا نريد للغرفة أن تنجح".
ونقلت المجلة عن أحد العاملين في الغرفة والذي يمثل معارضين في شرقي سوريا أن «الذين حصلوا على المعونات بدأوا بتوزيعها كما يريدون… على أساس أنها هدية». أما آخرون فسعوا إلى الحصول على ضمانات بالولاء من المجموعات المقاتلة.
و«يتضاعف الوضع أكثر بوجود الرجل القطري وهو رائد منشق عن الجيش السوري"، وفقاً للمجلة، التي تضيف أن «القطريين يريدون التركيز على المجالس العسكرية المحلية، وقد اجتمعت مجموعات الجيش الحر داخل سوريا في وقت سابق من هذا العام»، وتم الاتفاق على أن يتم إيصال الدعم إلى المجالس لتوزعها على فرقها. ولكن أحد أعضاء «الغرفة»، وهو سوري من إدلب، يقول للمجلة «لقد تسلمنا لوائح من قيادي الفرق، ولكننا لم نعد نصدق الأعداد التي يحددونها». ولكن «في المقابل يبدو أن السعوديين عبر صقر يريدون دعم مجموعات محددة داخل المجالس» فقط، بحسب «تايم".
أما قائد «مجلس ادلب العسكري» العقيد عفيف سليمان فيشتكي من الدعم الذي يحصل عليه من الغرفة، ومن صقر تحديداً، إذ يقول إن «الأخير تدخل في قضية التسلح لشق صفوفنا»، مضيفاً، في حديث إلى المجلة، أن «صقر اختار مؤخراً ثلاث مجموعات من مجلسنا لدعمها… لقد أنشأ صدعاً في المجلس نعمل على مداواته». وتابع «لقد أبلغنا إخواننا السعوديين عنه، ووعدونا بأنه لن يكون هناك دعم مالي أو عسكري إلا عن طريق المجالس». أما أحمد زيدان، وهو الاسم العسكري لأحد أعضاء «مجلس إدلب»، فيشرح أن القطريين لديهم علاقات قوية مع الإخوان المسلمين، لكن «السعوديين لا يريدون أي علاقة مع أي شيء اسمه إخوان مسلمون".
وبحسب مصادر المجلة، فإن المجموعة الكبيرة في «مجلس إدلب» التي يدعمها صقر هي «مجموعة الشهيد جمال معروف»، لأن «لديها نظرة محايدة من الإخوان» بحسب ناشط سوري في أميركا. أما المجموعة الكبيرة الثانية فهي «مجموعة أبو عيسى ـ صقور الشام». وكان أبو عيسى انسحب من تحالف إسلامي في آب/أغسطس الماضي لأن "الإخوان سيسوه بعدما أطلقوا عليه اسم حزبهم".
وتلفت المجلة إلى أن جماعة «الإخوان المسلمين» هي واحدة من مجموعات إسلامية أخرى، من بينها السلفيون مثل مجموعة «أحرار الشام» التي تدعمها وتمولها أساساً الكويت وليبيا.
المصدر: سيريان تلغراف
إضافة تعليق جديد