العرب يخسرون أدمغتهم

23-04-2006

العرب يخسرون أدمغتهم

أثني الدكتور ''عبد اللطيف ياسين'' علي مبادرة الشيخة ''موزة بنت ناصر المسند'' بعقد مؤتمر العلماء العرب المغتربين في ''الدوحة، واعتبر أن المبادرة خطوة هامة جداً وشرف كبير لدولة ''قطر''، كونها تشكل سنداً ودعماً كبيراً للعلماء العرب في بلاد الاغتراب، وتسهم في تثبيت وترسيخ الأشياء الأكثر أهمية لمستقبل الشعوب والدول العربية.

والدكتور ''ياسين'' طبيب سوري حاصل علي الزمالة البريطانية.. تخصص وعمل لسنوات في مشافي لندن ومانشستر في بريطانيا قبل أن يعود إلي بلده ''سوريا'' ليستقر فيها، وقبل ذلك نال شهادة الدكتوراه من ''جامعة دمشق''، لديه ''23'' كتاباً ومؤلفاً في مجالات الطب والعلوم والسياسة والأخلاق.. وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب، أجري دراسة عن المغتربين العرب في بلاد المهجر في العام ''1980''، ويحاضر في العديد من المؤتمرات والندوات في سوريا وخارجها. صحيفة الراية القطرية التقت الدكتور ''عبد اللطيف ياسين قصاب'' وكان الحوار التالي:

إلي أي حد برأيك يمكن أن يؤثر غياب العقول المهاجرة علي عملية التنمية والبحث العلمي في الدول العربية.. وما هو سبب تخلف العرب عن اللحاق بالركب الحضاري في أوروبا وأمريكا واليابان.. وغيرها..

- أحد السياح الألمان قال لي مرة ''عندما ترتفع وتعلو سمعة ومكانة الأساتذة أو العلماء العرب فإن زملاءه لا يلحقون به لتقديم الأفضل للوطن، كما يحدث في أوروبا.. وإنما يحاولون إنزاله ومحاربته غيرة وحسداً''. وأعتقد أن هجرة الأدمغة العربية والإسلامية من أهم عوامل تخلف العرب والمسلمين، فبدلاً من استغلال والاستفادة من هذه الأدمغة وتكريمها وتشجيعها ونحن أغني دول العالم مادياً نغض النظر عنها وندفعها للهجرة بل نشجعها علي الهجرة بشكل غير مباشر ليستفيد منها الغرب ونخسرها نحن.

عوامل التخلف عند العرب والمسلمين عديدة وتتجلي في الكسل وعدم إتقان العمل وضعف الشعور بالقانون والمسؤولية اتجاه المجتمع، وتبديد الوقت وجفاء العلم والقراءة، وانحسار الوعي الحضاري والتركيز علي الفرد المنقذ، فضلاً عن الفساد والتعصب المذهبي والإقليمية الضيقة، مع ضعف توهج العقل وإصابته بالجمود.. الخ.

ما أهمية هذه المبادرة القطرية بعقد مؤتمر تأسيسي للعلماء العرب المغتربين.. باعتبارها الأولي من نوعها في العالم العربي..

- أعتقد أن هذه الخطوة هيعمل عظيم جداً، ونحن ننتظره من زمن طويل بفارغ الصبر.. أنا شخصياً سررت جداً بوجود هكذا مؤتمرات لدينا كعرب، لأن البحوث العلمية قليلة وتكاد تكون معدومة في البلدان العربية، ومن هنا فإن المؤتمر خطوة هامة جداً وشرف كبير لدولة ''قطر''، كونها تشكل سنداً ودعماً كبيراً للعلماء العرب في بلاد الاغتراب، وتسهم في تثبيت وترسيخ الأشياء الأكثر أهمية لمستقبل الشعوب والدول العربية.

كمغترب سابق.. وكونك قمت بإجراء دراسة عن العلماء العرب في بلاد الاغتراب.. كيف تري واقع العلماء المغتربين في بلاد الاغتراب وماذا عن علاقتهم بوطنهم الأم..

- في الحقيقة سبق أن أجريت دراسة عن أعداد وأوضاع العلماء المغتربين العرب في الخارج العام ''1980''.. وتوصلت من خلال هذه الدراسة إلي أن لدينا ''150 ألف'' عالم وخبير عربي في الغرب، منهم ''24 ألف'' عالم حاصل علي شهادة الدكتوراه، وبينهم أيضاً ''200'' عالم نووي، هذه الدراسة في عام ''1980'' فكيف هو الوضع الآن.. وإلي أي رقم وصل عدد هؤلاء العلماء.. أعتقد أن أعداد العلماء العرب في الغرب تزايدت كثيراً عن السابق وهي مرشحة إلي مزيد من الارتفاع، وهذا بسبب عدم وجود مبادرات لجلبهم ومساعدتهم، نحن نخسر أكثر من ''100 مليار'' دولار سنوياً نتيجة هجرة هذه الأدمغة، والمؤسف أيضاً ليس فقط هجرة الأدمغة بل هجرة الأجنة.. من خلال قيام الكثير من الأسر والأمهات بالسفر للولادة في الخارج خاصة في الولايات المتحدة وكندا، وهؤلاء عندما يجتمعون في وطن ثان ينتمون لهذا الوطن أو البلد بشكل أو بآخر علي حساب وطنهم الأم.. ونادراً ما يخرج منهم من لديه القدر اللازم من الحب والتضحية من أجل وطنه. مازال بعض الأصحاب والزملاء حتي الآن يعاتبني لأنني جلبت زوجتي من ''لندن'' وهي حامل في شهرها الثامن لتوليدها في ''دمشق''، وكنت أعمل آنذاك في مشفي ''هامر سميث'' الجامعي في لندن، كما جلبت زوجتي من أمريكا وهي في شهرها الثامن والنصف أيضاً لتوليدها في ''دمشق''.

الكثير من العلماء العرب عاد إلي بلده بعد استكمال دراسته وتخصصه لكنه ما لبث أن هاجر قاصداً المكان الذي درس وتخصص فيه ليقيم هناك بشكل دائم.. ما هو السبب برأيك..

- أعتقد أن المشكلة التي عاني منها هؤلاء تكمن في عدم إعطائهم الحق في حياة كريمة في بلدهم.. نحن لدينا نخبة من أفضل العلماء علي مستوي العالم.. ويجب أن نحترمهم ونساعدهم ونشجعهم علي التواصل مع وطنهم، كما يجب أن نفتح لهم مناهج بحثية كي يتمكنوا من الإنتاج لتعويض الاستهلاك الكبير في البلدان العربية، نحن دول مستهلكة ونريد أن نكون منتجين، وهناك فرق كبير بين الأمرين.. وأعتقد أن هذا المؤتمر يشكل خطوة كبيرة وهامة جداً في هذا السياق.

كيف يمكن استقطاب العلماء العرب في المهجر في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الصعبة التي تعاني منها البلدان العربية..

- لا بد من تشجيع هؤلاء العلماء علي التواصل مع بلدانهم الأصلية وحثهم علي زيارة تلك البلدان، ويجب علي الحكومات العربية الاهتمام بهذا الموضوع لما يشكله من أهمية بالغة.. لأن غياب أو هجرة العقول له تأثير بالغ في ضعف عملية التنمية وتأخير تطوير البحث العلمي، يجب إنشاء مراكز تختص بالبحث العلمي وإعطاء دور للعلماء العرب في المهجر للإسهام في تطوير وتفعيل عمل هذه المراكز، وهذا المؤتمر يشكل أهمية بالغة لتحقيق ذلك خاصة أن من الأهداف المحددة له هي وضع آلية لمتابعة مرحلة ما بعد المؤتمر، وهذا يعني متابعة تنفيذ ما ينتج من مقررات.. هذا ما نحتاجه دائماً وهذا هو الأهم أن ننفذ ونطبق علي أرض الواقع.

ما الذي تنتظره من المؤتمر التأسيسي للعلماء العرب المغتربين..

- يجب التركيز علي مثل هذه المبادرات لاستقطاب العقول المهاجرة ومساندة العلماء العرب كي تستفيد منهم أوطانهم، وأعتقد أن هذه المبادرة تشكل خطوة أولي لتحقيق ذلك بحيث يتم جلب العلماء العرب من الخارج وإعادتهم إلي وطنهم أو إقامة تعاون وشراكة بين هؤلاء العلماء وبلدانهم العربية كي نستطيع بناء الوطن العربي والإسلامي، وهذا هو الأساس.

رؤية المؤتمر تتجلي في بناء شراكة تؤمن مساهمة العلماء العرب في المهجر في دعم البحث العلمي في العالم العربي.. كيف تقيم هذه الرؤية..

- هذا أمر في غاية الأهمية.. ولكن يجب في نفس الوقت أن نشجع من يريد أن يأتي إلي بلده ونساعده علي ذلك.. ويمكن أيضاً من خلال التواصل مع هؤلاء العلماء في مكان إقامتهم وعملهم في الغرب والتعاون معهم وضع أسس وآليات لتطوير البحوث العلمية في البلدان العربية وخدمة المصلحة العربية والإسلامية، ودفع عجلة التنمية عبر الاستفادة من هذه العقول المهاجرة إلي أقصي حد ممكن لأن أوطانهم بحاجة إليهم أكثر من أي وقت مضي.


 

 

المصدر : تقرير مينا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...