المعارضة: قيادات بلا جمهور وميليشيات بلا قيادات سياسية

20-05-2013

المعارضة: قيادات بلا جمهور وميليشيات بلا قيادات سياسية

بشار بشير :  مجموعة من الدول أكثرها أخرق وأقلها حكيم وجدت بعد سنتين من الحرب على سورية أن مصالحها تقتضي بالإضافة لإستمرار الحرب فتح باب الحوار فبدأت تحضر لجمع الدولة السورية والمعارضة في مؤتمر تحاوري هدفه "المعلن" إنهاء الأزمة في سورية . الدولة السورية أعلنت مراراً أنها مع الحوار وهي بحكم تكوينها كدولة فمن الطبيعي أنها تعرف بمن تحاور وعلى ماذا تحاور و ما حدود مطالبها وتنازلاتها في الحوار , ماذا عن الطرف الآخر أي المعارضة التي أمضت السنتين الآخيرتين تحاول هي ومئة وثلاثون دولة من أصدقائها وداعميها تشكيل بنية ما تستطيع أن تكون طرفاً في مؤتمر حواري , لمعرفة هل تشكلت هذه البنية و كيف سيكون شكلها وماذا سينتج عنها لابد من طرح الأسئلة التالية : هل تعرفون معارضاً سورياً يمكنه أن يحرك مظاهرة من خمسة آلاف شخص . هل تعرفون معارضاً أسس حزباً أو تجمعاً أعضائه و أسسه وأهدافه لا يتمحورون حول الأموال الخليجية . أذكروا لي شخصية معارضة لم تبع عقلها للدولار النفطي أو أن عقلها ليس منخوراً بكل أمراض الشيخوخة من الزهايمر والخرف إلى البروتستات . أذكروا لي معارضاً (مسلحاً ) يستطيع أن يؤثر قيادياً على كل المسلحين المتواجدين في أصغر قرية في سورية دون أن يدخل في معارك مع " القادة " الثوريين زملائه . أذكروا لي مُنظّراً أو فيلسوفاً لهذه المعارضة أو " الثورة " خرج بأفكار أونقل من ثورات أخرى منطلقات وأهداف وفلسفة " للثورة " عدا إستجداء الأموال والتشجيع على إحتلال سورية بالإضافة لطلب رحيل الرئيس وهو المطلب الذي أصبح من الواجب إدراجه ضمن معالجات الطب النفسي بإعتباره من أنواع الوسواس القهري . اذكروا لي معارضاً أقنعكم بأنه معارض لأسباب فكرية أو سياسية أو إجتماعية ( رغم إدعاء جميع المعارضين بأن هذه منطلقاتهم ) وليس بسبب الحقد أو الوصولية ( أحد المعارضين قال : أنا مو أقل من خالي ولن أقبل باقل من مركزه , علماً أن خاله يشغل مركزاً في الدولة ). اذكروا لي معارضاً أمتلك الشجاعة ( التي يجب أن تكون من أساس عمل المعارضين والمعارضات ) ليقول كلمة حق تجاه الذباحين الطائفيين والنهابين المسلحين و مخربي البنية التحتية الإسرائليين ( بالنسبة لكل المعارضين نضال الجنود قتل في ظروف غامضة ومن الصعب توجيه الإتهام لأحد , والنظام هو من فجر أفرع المخابرات و كل الممارسات الوحشية واللاإنسانية من قبل المسلحين هي أخطاء فردية ) . أذكروا لي ماذا يبرر للمعارضين تقبيلهم ليد السفير الأمريكي وتقبلهم لأوامره وبركاته . ( طبعاً تقبيل كتف أردوغان بكل ضِعة مقبول حسب بروتوكول " الثورة " لأنه تعبير عن إحترام المريد " الثائر" لشيخه أوطاعة الذي قد يعين والي بالمستقبل لسلطانه ) أما عن أصدقاء المعارضة السورية المئة وثلاثين ( تمت غربلتهم و ضغطهم وتكثيفهم وتحضير إسانس منهم يضم 11 دولة فقط ) والذين تأتي أميركا على رأسهم فماذا يمكن أن نقول , سأتجاوز االناحية العسكرية والأمنية التي أظهروا فيها من الخسة والحقد والوحشية ضد سورية ما أصبح معروفاً لكل ذي عقل وسأتحدث بالناحية السياسية مبتدأً بأميركا حيث تقتضي الأمانة التاريخية أن نذكر أنه ظهرت في الآونة الأخيرة ( بعد الإتفاق مع روسيا ) حسنات لأميركا منها الحياد والعدل , والمثال عليهم أنها عندما وضعت أسم زعيم جبهة النصرة على لائحة الإرهاب وضعت معه أسماء أربع وزراء سوريين منهم وزير الصحة ( نعم وزير الصحة ) على نفس اللائحة وهكذا أثبتت لنا عدم إنحيازها لأي من أطراف الأزمة السورية . الأمم المتحدة ( لمالكتها قطر ) تقدم لها لجنتها الميدانية لتقصي الحقائق تقرير يقول إن المسلحين المعارضين هم من أستعمل أسلحة كيمياوية , ولكن تماشياً مع النزاهة التي عرفت بها تصر الأمم المتحدة ومدرائها أي أميركا وبريطانيا وفرنسا بكل بجاحةعلى الأستمرار بمعزوفة : لدينا دلائل على إستعمال النظام لأسلحة كيماوية ضد شعبه ( نزاهة ومهنية تصلح لإدارة كل المشاكل الدولية ) وتتوج نزاهتها بقراراً يدين وحشية وعنف قوات النظام . الدول العربية ... في الحقيقة لم يعد يوجد دول عربية أصبحت كلها حالياً دول خليجية بعد إنضمام الأردن والمغرب وليبيا وتونس ومصر والرئيس اللبناني لمجلس التعاون الخليجي ولمن لايعرف فمجلس التعاون الخليجي لا علاقة له بالعرب والعروبة كما هو واضح من أسمه وكما يفهم من الأغنية التي يعتبرونها نشيده الرسمي والتي تقول : أنا الخليجي بعزتي أنا الخليجي وبديني ودمي ولهجتي أنا الخليجي , حتى لغتهم لم تعد عربية فقد أستعاضو عنها بلغة جديدة أسمها اللهجة الخليجية . هذه الدول مصابة بمرضين أحدهما لادواء له وأعيا من يداويه (على قول الشاعر ) والثاني عصبي نفسي سبق أن ذكرته وهو متلازمة الحقد على الأسد وطلب رحيله , ما ينطبق على الدول الخليجية ( العربية سابقاً ) ينطبق على تركيا العربية ( العثمانية سابقاً ) لمن نسي فقد أصبحت تركيا عضواً أساسياً في الجامعة العربية وقريباً ستلتحق بها إسرائيل . تجتمع دول العالم وتغربل الشخصيات المعارضة لتختار الجهابذة الذين قد يصلحون لمؤتمر حوار فلا يطفوا لها إلا خرِفين يصلحون لبرامج كوميدية على التلفزيون . ومنافقين تحولوا من فلاسفة للإلحاد والشيوعية إلى إخوان مسلمين وسلفيين في غمضة دولار , ووصوليين جائعين ينتظرون أي سقط متاع ليغنموه ويهربوا به , وأميين فرحوا بألقاب الدكترة التي مُنحت لهم ممن هم أكثر أمية منهم , ومنافيخ ظنوا أنهم من أعمدة النظام ومن حاملي أسراره فتبين لهم ولمن أشتروهم أنهم طبول مثقوبة , و صائدي مناصب سيلتحقون بأية جهة تمنحهم رتبة مدير أووزير أو حتى غفير المهم رتبة ويلتحق بكل هؤلاء رعاع و حشاشين وأصحاب سوابق وعاطلين عن العمل ( وعن التفكير ) و حتى قوادين ( أحد فلاسفة المعارضة يعتبر المذكورين من قادة المعارضة وليسوا مجرد ملتحقين بها ) . من هذا الخليط تسعى دول أصدقاء سورية لإنتقاء خمسة أو ستة تشي غيفارا تقارع بهم الدولة السورية في مؤتمر القرن للحوار والمصالحة . حتى الدولة السورية ولأسباب تفيدها في هذه الظروف ( وسوف تستغربون لكنها الحقيقة ) حاولت إيجاد معارضين حقيقيين فلم تعثر إلا على قلة لا تسمن ولاتغني عن جوع فلسوء حظنا وحظ الدولة لم تستطع النخب الثقافية الوطنية إنتاج معارضة ذات برنامج وسياسة , جُلَّ ما أنتجته ناقدين للفساد أو للممارسات في أجهزة الدولة وأغلب الأحيان بطريقة شعرية تصلح للشهرة الأدبية والشعبية دون أن يتنطح أحد لوضع بدائل مدروسة أو لرسم سياسة أوخطة تفند وتعارض سياسة الحكومة بالإقتصاد أو بالسياسة الخارجية أو بالقوانين الداخلية , جلَّ ما أتفقت عليه المعارضة وهي نادراً ما تتفق أن المُلام لحالة المعارضة هذه هي الدولة التي لم تخلق الجو المناسب لنمو المعارضة ( وهذه نظرية عبقرية في عكس المسؤوليات تستحق الدراسة )وإذا كانت الدولة تتحمل بعض المسؤولية في عدم وجود معارضة فاعلة فهي اليوم تتحمل نتيجة خطأها إذ أنها عندما أحتاجت المعارضة لتدعم بنيتها لم تجدها . هذه دول العالم و هذا طيف المعارضة الذين حتى اللحظة لم يعرفوا هل سيجتمعوا أم لا مع سورية على طاولة الحوار وزاد في نكبات الزمان أن الجهابذه السابق ذكرهم قد توافقوا بدون إتفاق على أنهم لن يحاوروا من يجب أن يحاورهم أي النظام السوري , وأن الحوار لن يبدأ مع رأس النظام إلا بعد رحيل رأس النظام , وأن الحوار لن يبدأ قبل أن يخضع النظام خضوع المهزوم هو وكل مؤيديه لطلباتهم . ليس هناك خطأ بالطباعة ولا أخطاء باللغة والقواعد هذه طلبات المعارضة السورية وأكثر السوريون يعرفون هذه الطلبات وأنا هنا أُذَكر لا أخترع وبالتأكيد لاأستغرب أن تصدر هكذا بنود للحوار من هكذا معارضة موهبتها الرئيسية طرح أفكار وشروط ظاهرها أن المعارضة لها سياستها وأنها تتفاعل مع الأحداث وحقيقتها تعطيل أي توجه للحوار أو الحل لأنهم غير جاهزين وغير مؤهلين لا لحوار ولا لحل . نحن كسوريون وبعد أن عرفنا الطرف الآخر وعرفنا مايريده نريد أن نعلن ما نريده : أولاًمؤتمرالحوارالذي تحضر له وتنظمه دول العالم لتعويم خططها وأزلامها سنسميه اسماً سورياً يليق به ويناسبه هو... العصفورية ثأنياً مؤتمر الحوار الذي نريده و نقبله هو المؤتمر الذي يضم أطراف تسعى لخدمة سورية الوطن ولخدمة الثوابت الوطنية السورية المعروفة والذي لا يظنن أحد أننا نستعجل إنعقاده فنحن بإنتظار الجيش السوري ليحدد موعده والشعب السوري ليقوده ويحدد أطرافه .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...