بوتين يحذر من «فراغ وإرهاب» لو سقط نظام دمشق
«لائحة تسوق أسلحة» بـ15 نوعاً ينظر فيها «أصدقاء سوريا» اليوم في الدوحة ووزراء خارجياتهم الأحد عشر. الاسم أطلقه ديبلوماسي فرنسي على اللائحة التي وضعها «رئيس أركان الجيش الحر» سليم إدريس، بين أيدي ممثلي المجموعة المصغرة لـ«أصدقاء سوريا»، أنفسهم الذين يجتمعون اليوم في الدوحة، خلال لقاء عقد في أنقرة قبل أسبوع، مع إدريس وأحد كبار ضباط قيادة المنطقة الشمالية في «المجلس العسكري الموحد».
اللائحة تشمل صواريخ مضادة للطائرات، وأخرى مضادة للدبابات، ومعدات اتصال متطورة، وذخائر من طراز روسي، ومدفعية هاون، ومدافع عديمة الارتداد، وألبسة للمقاتلين وأسلحة خفيفة، ومستشارين عسكريين ومدربين.
وترتهن الإجابات الغربية في الدوحة، لجملة من الالتزامات التي اتخذت في اجتماع مجموعة الثماني في ايرلندا الشمالية، وجوهرها التسليم بتفادي اندلاع سباق للتسلح بين الروس وحلفاء النظام السوري من جهة، وبين صقور «الأصدقاء» من بريطانيا وفرنسا بشكل خاص.
ولا ينظر إلى عمليات التسليح، التي استأنفها القطريون والسعوديون عبر تركيا الأسبوع الماضي، كأحد عناصر الالتزامات المتبادلة، نتيجة الهامش الذي لا يزال الصقور يستخدمونه، بإعفاء القطري والتركي والسعودي من مفاعيل الاتفاقات مع الروس، ومساعدة المعارضة على مواجهة النظام أملا بتغيير موازين القوى، وعدم التنازل عن الخيار العسكري والتسليحي، ولكن عبر قطر والسعودية.
وهكذا لم ينتظر قائد الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان اجتماع الدوحة لمعرفة ما إذا كان ينبغي أم لا الاستجابة لطلبات التسلح النوعي للمعارضة السورية. وأشرف بندر الأسبوع الماضي، بحسب مصادر عربية في باريس، على عملية توزيع أسلحة وصواريخ مضادة للطائرات من صنع ألماني، في إنطاكيا، على مجموعات تشمل «الجيش الحر» وكتائب تنتمي إلى «أحرار الشام»، وتتوزع على جبهات أرياف حلب وإدلب وحمص ودمشق. وتحدث مصدر عربي عن بحث المسؤول الأمني السعودي الأول عن تزويد المعارضة السورية، بصفقة أسلحة تضم صواريخ مضادة للطائرات من صنع فرنسي.
ديبلوماسي فرنسي، معروف بإمساكه بالملف السوري في الخارجية الفرنسية، قال إنه من غير المنتظر أن «نستجيب لجميع المطالب التي تضمنتها لائحة إدريس» ذلك أن بعضها يتطلب استشارة الأجهزة الأمنية الفرنسية، بسبب الطبيعة الفائقة الحساسية لهذه الأسلحة، والخوف المستمر من وقوعها في أيدي معادية للمصالح الفرنسية أو انتقالها، إلى الجماعات «الجهادية». كما أن بعض الأسلحة التي طلبها إدريس تتطلب وجود فرق مدربين وعسكريين غربيين أو فرنسيين، لتشغيل المعدات المطلوبة في مواجهة الجيش السوري، ضمن المخاوف نفسها، ومنعاً لسقوطها في أيد غير أمينة.
ويشترط الديبلوماسي الفرنسي ألا يكون الفرنسيون والبريطانيون وحدهم هم من يتولون الجهد الرئيسي في عملية التسليح، أو التدريب، وأن جماعية القرار، وهو ما لن يحدث بسبب الفيتو الألماني، شرط الدخول في العملية، كما ينبغي على المجتمعين تقاسم الأعباء تسليحاً وتدريباً.
ومن الواضح أن مصير الدوحة بات مرتبطاً بدرجة التوافق بين الصقور في «الأصدقاء»، على الخوض مجتمعين في قرار تسليح المعارضة، وهو قرار غير مضمون. فهو سيفتح الباب أمام سباق إلى التسلح النوعي مع الروس في سوريا، يحبط عملية إعادة التوازن العسكري، والهدف المنشود من عملية التسليح نفسها. فكلما تراجع عدد البلدان التي ستوافق على وضع أسلحة ومعدات في سلة تسوق إدريس، تراجعت حظوظه بإمكانية الرجوع بها من الدوحة إلى إنطاكيا مملوءة بما يكفي لمواجهة الجيش السوري خلال أشهر الصيف، والحفاظ على ثبات الجبهات في أرياف حلب وإدلب ودمشق، ريثما ينعقد مؤتمر جنيف، في ظل شروط مقبولة للمعارضة السورية، وإلا فإنها ستواجه احتمالات الوصول إلى طاولة المفاوضات مهزومة عسكرياً.
ويقول قطب سوري معارض إن مؤتمر الدوحة قد يتحول إلى مؤتمر وداعي لعملية التسليح التي ستقتصر من بعده على العمليات التي تقوم بها الدول الخليجية وحدها. إذ تحولت قضية تسليح المعارضة السورية، لا سيما لدى صقور «أصدقاء سوريا»، الفرنسيين والبريطانيين، إلى مسألة داخلية، ترتبط بها مصائر الحكومات والأحلاف، ولا يتوقف التقرير فيها، على دوائر الخارجيات أو معاهد الدراسات التي توحي بالمزيد من التدخل العسكري في سوريا، لا سيما في فرنسا.
وأضحى صعباً، بريطانياً أن يقوم رئيس الحكومة ديفيد كاميرون باتخاذ قرار منفرد بتسليح المعارضة السورية، على نطاق واسع وعلني، من دون أن يؤدي ذلك إلى تفجير الائتلاف الذي يجمعه بنائبه زعيم الديموقراطيين الليبراليين نيك كليغ. وكان كليغ قد قيد يدي كاميرون في ملف تسليح المعارضة، بانتقاد أي مبادرة بهذا الشأن، واشتراط تصويت مسبق في مجلس العموم.
ويبدو الأفق القطري أكثر تلبداً أمام لائحة إدريس، إزاء الأصوات الفرنسية والألمانية. فمن جهة يذهب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إلى الدوحة مسبوقاً بخوف عائد من تقديم «أسلحة إلى المعارضين، توجه ضدنا غداً». أما وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله، فلا يقول جديداً في التعبير عن وضع أكثر من مساعدات إنسانية في سلة إدريس، التي تواجه أيديَ أوروبية مرتبكة في الدوحة.
وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الدول الداعمة للمسلحين من الفراغ في السلطة في سوريا. وقال، في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على هامش منتدى اقتصادي في مدينة سانت بطرسبورغ، «يرحل الأسد اليوم ويحدث فراغ سياسي، فمن سيملؤه؟ ربما المنظمات الإرهابية. لا أحد يريد هذا، لكن كيف يمكن تجنبه؟ في النهاية هم مسلحون وينحون للعنف». وأضاف «لا يمكنني أن أتفق مع الكلام القائل بأن الأسد يحارب شعبه. ليس الشعب السوري هو من يحارب ضد الأسد، بل المقاتلون الذين تم تسليحهم من الخارج»، مشيراً إلى أن عملية التسليح تجري منذ فترة طويلة.
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مقابلة مع وكالة «اسوشييتد برس»، أن «الأحاديث عن إقامة منطقة حظر جوي في سوريا، والقرارات الأحادية الجانب في مجلس الأمن والأمم المتحدة لا تساعد على عقد مؤتمر جنيف 2». ودافع لافروف عن صفقة منظومة صواريخ «أس 300» مع سوريا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة نشرت صواريخ «باتريوت» وطائرات مقاتلة في الأردن و«لا احد طالبهم بعدم القيام بهذا الأمر».
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد