«الأنتربول» يصدر مذكرات لملاحقة قتلة المبحوح

19-02-2010

«الأنتربول» يصدر مذكرات لملاحقة قتلة المبحوح

اتخذت قضية اغتيال القيادي في حركة حماس الشهيد محمود المبحوح، أمس، منحى جديداً، بعد إصدار منظمة الانتربول «مذكرات حمراء» للبحث والتوقيف الموقت للمتهمين الـ11 الذين كشفت دبي عن تورطهم في عملية الاغتيال، من دون أن تستبعد المطالبة بملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الموساد مائير داغان، في تطوّر قد يسبب إحراجاً لدول عربية تقيم علاقات بمستويات سياسية وأمنية مع إسرائيل، فيما أكد قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان أنّ التحقيقات تشير إلى ضلوع جهاز الموساد في عملية الاغتيال بنسبة تلامس المئة في المئة، متحدثاً عن مفاجآت جديدة ستكشفها الأيام المقبلة. المبحوح لدى وصوله إلى الفندق في دبي قبل اغتياله
وفيما بدا أنّ التحقيقات في جريمة الاغتيال قد بدأت تزداد تعقيداً، بعد إعلان السلطات في فيينا فتح تحقيق في استخدام الجناة بطاقات خلوية نمساوية للتواصل في ما بينهم، وربما مع مركز العمليات المفترض، والكشف عن بطاقات ائتمان مصرفية أميركية استخدمها عناصر فريق الاغتيال لشراء تذاكر السفر إلى دبي، اقتصر اهتمام بريطانيا وايرلندا وألمانيا وفرنسا على قضية جوازات السفر الصادرة عنها، على قاعدة انها مزوّرة، رغم تأكيد شرطة دبي أنها «صحيحة»، حيث استدعت كل من لندن ودبلن السفيرين الإسرائيليين المعتمدين لديها، فيما استدعت برلين أحد مستشاري السفارة الإسرائيلية لديها، في حين اكتفت باريس بطلب توضيحات عبر «الفاكس» من الجانب الإسرائيلي.
وأعلنت منظمة الانتربول للتعاون الأمني الدولي في بيان أنها «أصدرت مذكرات حمراء بحق 11 شخصاً مطلوبين دولياً، بعدما اتهمتهم سلطات دبي بتنسيق وارتكاب جريمة بحق الفلسطيني محمود المبحوح القيادي في حماس في دبي في 19 كانون الثاني العام 2010»، مضيفة أن «لديها مبررات تدعو إلى الاعتقاد بأن المشتبه في تورطهم في هذه الجريمة استحوذوا على هويات أشخاص حقيقيين، وأن المذكرات الحمراء تدلّ على أن الأسماء المستخدمة كانت غطاء لارتكاب الجريمة». وتابعت أنها «نشرت الصور والأسماء المستخدمة تزويراً في جوازات السفر بهدف منع المجرمين المفترضين من السفر بحرية واستخدام جوازات السفر المزورة ذاتها».
ولا يعتبر الإشعار الأحمر الذي تصدره الانتربول أمر اعتقال، بل إبلاغ للمساعدة في العثور على مشتبه فيه، أو تحديد هويته بطلب من بلد عضو في المنظمة.
- ونقلت صحيفة «ذا ناشونال» الإماراتية عن قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان إن «الإشعارات الحمراء صدرت، وهي تتضمن الأسماء والمواصفات اعتماداً على الدليل الموجود الذي قدمناه للإنتربول»، مضيفاً أنّ «تحقيقاتنا أكدت ضلوع الموساد في مقتل المبحوح، بنسبة 99 في المئة، إن لم يكن 100 في المئة».
وهي المرّة الأولى التي تؤكد فيها الشرطة في دبي أن تحقيقاتها تشير بمثل هذا الوضوح إلى ضلوع الموساد بعملية الاغتيال. وفي هذا الإطار، أوضح خلفان أنّ الأدلة لدى الشرطة تشير إلى صلة واضحة بين المتهمين وأشخاص ذوي علاقة وثيقة بإسرائيل.
وأضاف أنه في حال ثبتت مسؤولية الموساد في العملية فإن «رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيكون أول مطلوب من العدالة، لأنه سيكون الشخص الذي صدّق على قرار قتل المبحوح في دبي». وفي حوار مع قناة «دبي» أكد خلفان أنه «في حال ثبت أن الموساد يقف وراء الجريمة، وهو الأمر المرجح الآن، فسنطالب بإصدار نشرة حمراء بحق رئيس الموساد (مائير داغان) لمطاردته من قبل الانتربول باعتباره قاتلاً».
وشدّد خلفان على أن جوازات السفر التي استخدمها قتلة المبحوح صحيحة، مشيراً إلى أنّ مسؤولين أمنيين أوروبيين دربوا ضباط الجوازات في دبي على كشف التزوير في الجوازات الأوروبية بما فيها جوازات الدول الأربع المعنية (بريطانيا، ايرلندا، المانيا، وفرنسا)، وأنّ هذه الخبرات التي طبقت «لم تظهر تزوير هذه الجوازات». وتحدث خلفان عن «أدلة أخرى تمتلكها شرطة دبي، غير الأشرطة والصور التي تم الكشف عنها»، لافتاً إلى أنّ «الأيام المقبلة ستحمل المزيد من المفاجآت التي لا يمكن الشك فيها نهائياً».
- إلى ذلك، استدعت كل من بريطانيا وإيرلندا وألمانيا السفراء الإسرائيليين لديها لتقديم توضيحات حول استخدام جوازات سفر مزورة. والتقى السفير الإسرائيلي في لندن رون بروسور بالأمين العام لوزارة الخارجية البريطانية بيتر ريكتس، معلناً بعد اللقاء، أنه «لا يستطيع تقديم معلومات إضافية» للجانب البريطاني. وبعد استدعائه في شكل شبه متزامن إلى وزارة الخارجية الايرلندية، أدلى نظيره في دبلن زيون ايفروني بتصريحات مماثلة وقال انه ابلغ الايرلنديين إنه «لا يعلم شيئاً عن هذه الواقعة».
من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند إنه «يأمل وينتظر في أن تتعاون (إسرائيل) بشكل كامل مع التحقيق». وأضاف «نريد أن نقدّم إلى إسرائيل كل الإمكانات لتتبادل معنا ما تعرفه عن هذا الحادث»، موضحاً أنه سيبحث هذه المسألة مع نظيره الإسرائيلي افيغدور ليبرمان الاثنين المقبل في بروكسل، فيما قال رئيس الحكومة البريطانية غوردون براون إنّ «علينا أن نعلم الوقائع. وعلينا أن نعلم ماذا حصل بالجوازات البريطانية. الأمر بهذه البساطة».
وقال وزير الخارجية الايرلندي مارتن فقال: «لقد استثمرنا أموالاً طائلة على أمن جوازات السفر الأيرلندية. ولها مصداقية دولية كبيرة ومن شأن حادث كهذا أن يقوض ذلك ويعرض أمن المواطنين الايرلنديين للخطر. نتعامل مع هذا الأمر بجدية كاملة».
كذلك استدعت برلين المستشار في السفارة الإسرائيلية عمانوئيل نحلسون. وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلله إنه «من الضروري البحث عن ملابسات مقتل المبحوح»، مشيراً إلى أنّ «ألمانيا ستقوم ما في استطاعتها لحل هذه المسألة».
بدورها، أعلنت فرنسا أنها طلبت «توضيحات من السفارة الإسرائيلية» عبر الفاكس حول ظروف استخدام جواز سفر فرنسي مزوّر في اغتيال المبحوح. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو: «نحن على اتصال منتظم بالسلطات في دبي بشأن تقدم التحقيق ونتعاون معها».
في هذه الأثناء، ذكرت صحيفة «وول ستريت» جورنال إنّ السلطات الإماراتية تحقق في استخدام المتهمين بقتل المبحوح خمس بطاقات ائتمان مصرفية صادرة عن مصارف ومؤسسات مالية في الولايات المتحدة، لشراء تذاكر السفر إلى دبي. وبحسب الصحيفة فإن هذا الأمر سيجعل الولايات المتحدة طرفاً في التحقيقات، بسبب استخدام الجناة للنظام المصرفي الأميركي في ارتكاب جريمتهم.
كذلك، أعلنت السلطات النمساوية أنها تحقق في احتمال استخدام أرقام هواتف خلوية نمساوية في الإعداد لعملية الاغتيال. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية في النمسا رودولف غوليان إنّ «مكتب الأمن القومي ومكافحة الإرهاب يجري تحقيقاته منذ الخامس عشر من شباط»، فيما ذكرت صحيفة «النمسا اليوم» القريبة من دوائر وزارة الداخلية إن قتلة المبحوح استخدموا ما لا يقل عن سبعة هواتف مزودة ببطاقات نمساوية من النوع الذي يعاد شحنه والذي لا يتمّ تسجيل بيانات صاحبه عند الشراء.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنّ وزارة الخارجية الإسرائيلية تنتظر بشيء من التوتر جراء هذه التطورات، مشيرة إلى أنّ
«الوزارة تأمل في أن تغلق هذه القضية اثر هذا الاجتماع (في لندن)، وألا يطلب البريطانيون المزيد من التفاصيل أو توضيحات أخرى»، فيما أشارت صحيفتا «معاريف» و«إسرائيل اليوم» إلى أنّ بوادر «أزمة دبلوماسية» بدأت ترتسم مع بريطانيا، فيما تساءلت صحيفة «هآرتس» عن الطريقة التي يمكن لإسرائيل أن «تبرر بها الإساءة إلى العلاقات مع بلدان أوروبية صديقة من خلال استخدام جوازات سفرها لقتل المبحوح».
وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية ذكرت أنّ لندن رفضت مناشدة من إسرائيل للحفاظ على سرية استدعاء سفيرها. ونقلت عن مسؤول في الخارجية البريطانية أنّ العلاقات بين إسرائيل وبريطانيا «كانت فاترة، وهي في سبات عميق الآن».
ونقلت «معاريف» عن أحد المقربين من داغان أنه لا يفكر في تقديم استقالته على خلفية الفشل الاستخباراتي في عملية اغتيال المبحوح، موضحاً أنّ خطوة كهذه «ستكون بمثابة إعلان واضح وصريح من إسرائيل بمسؤوليتها عن عملية اغتيال المبحوح». وأشارت الصحيفة إلى أنّ «تقديرات المقرب من داغان تشير إلى أنه سيتم احتواء الأمر دون الاستقالة، بحيث سيعمل جهاز الموساد على احتواء النتائج مع بريطانيا وأيرلندا وألمانيا وفرنسا، وإذا احتاج الأمر إلى عقد لقاءات توضيحية مع أجهزة استخبارات هذه الدول، سيقوم جهاز الموساد بذلك».
إلى ذلك، قال مصدر في حركة حماس أن الفلسطينيين اللذين اعتقلتها دبي على خلفية هذه العملية هما الضابط في جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني أنور شحيبر، والضابط في جهاز الاستخبارات أحمد أبو حسنين.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...