«الظاهرية» أقدم مكتبات بلاد الشام
تعتبر أكبر المكتبات في العالم ومنارة سياحية وأثرية هامة وأقدم مكتبة عامة في بلاد الشام ومن أهم المعالم الثقافية والسياحية في دمشق, نظراً لما تحتويه من مخطوطات قيمة وأمات كتب المعارف الانسانية حيث ذاع صيتها وذلك للدور الكبير الذي لعبته في تعريب العلوم والعدد الكبير من المخطوطات والكتب التي تحتويها والتي استفاد منها آلاف الباحثين والعلماء من داخل سورية وخارجها
تنسب المكتبة إلى الظاهر بيبرس حيث كان الأمراء الملوك في تلك الحقبة ينشغلون ببناء الصروح العلمية والمقابر عوضاً عن القصور نظراً لانشغالهم بالحروب.
ويعود تاريخها إلى القرن الرابع الهجري إذ كانت بيتاً لأحد الاشراف المسمى أحمد بن الحسين العقيقي ولما تولى نجم الدين الأيوبي والد صلاح الدين الحكم اشتراها من ورثة العقيقي وجعلها مقراً لإقامة أولاده عندما يقدمون إلى دمشق ولما تولى الظاهر بيبرس حكم البلاد المصرية وقدم إلى الشام فكر ببناء مدرسة تحمل اسمه على غرار المدرسة الظاهرية التي أنشأها في القاهرة إلا أن المنية قد وافته قبل البدء بتنفيذ الفكرة فتولى هذا الأمر بعده ابنه الملك السعيد الذي اشتراها من الأيوبين وبدأ ببنائها لكنه مات قبل أن يكملها ودفن الى جانب والده تحت القبة الظاهرية , وفي عهد السلطان قلووق تم البناء وافتتحت رسمياً للتدريس عام 667 ه واستخدمت بعد ذلك كمدرسة ابتدائية في دمشق حتى عام 1912 باسم انموذج الملك الظاهري ثم بعد ذلك سلمت إلى مجمع اللغة العربية بشكل نهائي عام 1926 لتصبح مكتبة عامة وما زالت كذلك حتى الآن تؤدي الخدمة الثقافية والمعرفة لطلاب العلم والباحثين وتعتبر المكتبة الظاهرية من الأبنية التاريخية التي مازالت تحتفظ بالكثير من النقوش والكتابات على جدرانها وأبوابها ولعل واجهتي الظاهرية من أجمل ما بنى المماليك فهما مشيدتان بالاحجار المنحوتة وفي اعلاهما كوى مستديرة تحيط بها زخارف هندسية.
أما المدخل الرئيسي فهو مبني بأحجار بيضاء وصفراء وتضم ثلاث قاعات, قاعة الأمير مصطفى الشهابي وقاعة طاهر الجزائري وقاعة خليل مردم الخاصة بالباحثين والمؤلفين حيث توضع تحت تصرفهم كافة المراجع والمخطوطات والكتب القيمة لإنجاز أبحاثهم.
يبلغ رواد المكتبة في العام الواحد وسطياً حوالي 45 ألف طالب علم ويبلغ عدد الكتب المعارة في السنة الواحدة 30 ألف كتاب ويزورها سنوياً سياح عرب وأجانب يبلغ عددهم وسطياً 5000 سائح.
كما بلغ عدد الكتب الموجودة في المكتبة حوالي 72 ألف كتاب و 300 ألف مجلد و13 ألف مخطوط قديم ونادر, وتضم المكتبة قسماً خاصاً بالصحف والمجلات وأمات الكتب والدوريات والمعاجم.
كان القرار العلمي الهام بتحويلها الى مكتبة عامة من قبل مفتش التعليم الشيخ طاهر الجزائري وذلك في سنة 1295 ه وبدأ مع زملائه بجمع المخطوطات من الدور الخاصة والمكتبات المتفرقة ذات الطابع الوقفي مع الكتب الهامة في خدمة طلاب العلم والباحثين.
ومن شدة خوف الشيخ الجزائري على الكتب والمحفوظات النادرة من الضياع شكا إلى والي دمشق آنذاك مدحت باشا الذي ينسب اليه سوق مدحت باشا التاريخي حيث أصدر الأخير قراراً بأن تجمع الكتب الوقفية جميعها في مكان واحد وتم ذلك بالفعل وجمعت في المكتبة الظاهرية وسميت في العهد العثماني بالمكتبة العمومية.
يذكر أن مجمع اللغة العربية يقوم حالياً بمشروع ترميم كبير للمدرسة الظاهرية يعيد إليها رونقها ويؤهلها لاستمرار مهمتها الثقافية والمعرفية والتاريخية مع الحفاظ على الطراز الهندسي والمعماري الذي تتميز به هذه المدرسة.
رانيا خطيب- مها يوسف
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد