«عرب سات» تحجب «المنار»
أنزلت شركة «عرب سات» قناة «المنار» عن أقمارها الاصطناعية، أمس، بعد أقلّ من شهر على نقل مركز الشركة من لبنان إلى الأردن (19 تشرين الثاني الماضي). خطوةٌ كان المطّلعون على الملفّ يتوقعونها، منذ الإعلان عن نقل البثّ إلى عمّان، واتخاذ «إجراءات عقابيّة» بحقّ «الميادين» مطلع الشهر الماضي، تمثّلت بحجبها عن أحد أقمار الشركة، والتهديد بحجبها عن أقمار أخرى.
قناة «المنار» أعلنت الخبر في مقدّمة نشرتها الإخبارية مساء أمس، وضمّنتها ردّاً عالي النبرة، فقالت: «صوت المقاومة بوجه الظلم في كل ساحات المواجهة، لن تغيّبه أقمار اصطناعية ادّعت العربية، فحيث يجب أن نكون سنكون، إلى جانب فلسطين وانتفاضتها (...) وصوتاً لأطفال اليمن الغارقين تحت أبشع أنواع الإجرام، وصوتاً للعراقيين والسوريين، والتونسيين والمصريين، والسعوديين والكويتيين والبحرينيين، وكل العرب والمسلمين الذين وضعهم جهلة الأمّة وأدعياؤها تحت مقصلة التكفير والإرهاب».
على الأرجح، سيطرح القرار أسئلة تتصل ليس بما أصاب «المنار» بل قبلها بوضع عدد من رموز «حزب الله» على لائحة الإرهاب السعودية وهل يعكس ذلك وجود قرار مفتوح بالتصعيد في الاتجاه نفسه، وأية تداعيات ستكون له على ملفات سياسية لبنانية مستقبلاً؟
في هذا السياق، قال مدير عام قناة «المنار» إبراهيم فرحات لـ «السفير» إنّ «المنار» تلقّت بريداً الكترونيّاً يعلمها بوقف البثّ، بسبب ما ورد على لسان أحد الضيوف في حلقة تلفزيونيّة مباشرة بُثّت في 19/4/2015، بالرغم من أنّ المذيع أشار في الحلقة المذكورة، إلى أنّ ما ورد على لسان الضيف لا يمثّل سياسة القناة. وأضاف أنّ القناة ستدرس الموقف لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وتحتفظ بحقّها القانونيّ في الردّ.
وأكّد فرحات أن حجب «المنار» عن أقمار الشركة لن يؤثّر عليها بشكل كبير، إذ إنّ نسبة 5 في المئة من مشاهديها فقط تتابعها عبر «عرب سات». ولفت الانتباه إلى أنّ الدولة اللبنانيّة لم تتخذ أيّ إجراء يمنع شركة «عرب سات» من التمادي في الاعتداء على حريّة الإعلام في لبنان، وعلى حقوقها السياديّة، إذ لا يحقّ للشركة أن تبتّ بحجب قنوات لبنانيّة، حيث أنّ الأمر يعود لـ «المجلس الوطني للإعلام» والحكومة اللبنانيّة.
من جهته، بدا موقف وزير الإعلام رمزي جريج مربكاً في اتصال مع «المنار» خلال نشرتها الإخبارية، ولم يعلن موقفاً تضامنيّاً صريحاً معها. وقال جريج في اتصال مع «السفير» إنّ «الدولة اللبنانيّة ليست طرفاً «في العلاقة بين «المنار» وشركة «عرب سات» المرتبطتين بأحكام عقد مبرم بينهما، ولكن بصورة مطلقة وبمعزل عن العلاقة والتعاقدية أنا دائماً متضامن مع المحطات اللبنانية، وليس لديّ أيّ مأخذ على أداء «المنار».
بدوره، قال رئيس لجنة الإعلام والاتصالات النيابية النائب حسن فضل الله إنّ اللجنة ستعقد اجتماعاً صباح الاثنين المقبل، للبحث بقضية حجب «المنار». وأوضح في اتصال مع «السفير» أن «قرار إدارة «عرب سات»، هو قرار سياسي، وذريعته أنّ ضيفاً في حلقة بُثّت على الهواء مباشرةً انتقد الملك السعودي، وبالتالي، فإنّ القرار يريد أن يقول إنّه ممنوع على الإعلام اللبناني ممارسة حريّته في انتقاد سياسات بعض الدول، وذلك يشكّل استهتاراً بالدولة اللبنانيّة الشريكة في جامعة الدول العربيّة وفي «عرب سات».
أضاف فضل الله أنّ وراء قرار حجب القناة «جهات معروفة، تحاول أن تفرض الرأي الواحد على المشاهد العربي، وتمنع بثّ قنوات تتبنّى قضايا المقاومة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي وضدّ الإرهاب التكفيري». ورأى أنّ القرار «يأتي في سياق محاولة محاصرة الإعلام الحرّ غير الخاضع لسياسات وتوجهات بعض الدول، وسبق أن اتخذت «عرب سات» قراراً مماثلاً ضدّ قناة «الميادين»، والقراران سياسيّان، لا يستندان إلى أيّة أسس قانونيّة أو شرعيّة».
وكانت لجنة الإعلام ناقشت على مدى جلستين الأسبوع الماضي علاقة الدولة اللبنانيّة بإدارة «عرب سات»، «خصوصاً أنّ لبنان بلد مساهم في تمويل القمر، وهو جزء من الجامعة العربيّة، ويفترض أن يتحرّك بسرعة لمنع استباحة سيادته على إعلامه والانتقاص من شراكته في الجامعة العربيّة»، بحسب فضل الله. «حتى الآن لم نرَ تحرّكاً فعالاً على الرغم من أن قرار «عرب سات» طال في ما طال البث من الأراضي اللبنانية من خلال وقف التعامل مع محطة جورة البلوط وهذا بحدّ ذاته تجاوز للدولة اللبنانية المعنية بالدفاع عن حرية الإعلام وعن استثماراتها الإعلامية وعن مصالحها».
يحكم العلاقة بين لبنان و «عرب سات» عقد لبثّ القنوات اللبنانيّة كافة من جورة البلوط، تتولّاه وزارة الاتصالات. وحين اتخذت «عرب سات» قرارها بإلغاء البثّ من لبنان، فعلت ذلك من طرف واحد، من دون أن تنتظر ردّ الحكومة اللبنانيّة، بالرغم أنّ لبنان يُعدّ الدولة العربيّة السابعة من حيث حجم المساهمة في القمر. مع الإشارة إلى أنّ شروط التعاقد بين القنوات اللبنانية و «عرب سات» لا تمنع انتقاد دول أو شخصيّات، بل تشير إلى ضرورة «عدم التحريض الطائفي أو تعكير علاقة لبنان بدول عربيّة أخرى». كما أنّ حجب «المنار» لم يخضع للإجراءات القانونيّة المفترض اتباعها في حالات مماثلة، بحسب مصادر مطلعة. إذ إنّ القانون الناظم لعمل شركة «عرب سات» يشير إلى أنّه في حال حدوث خلاف بين إحدى القنوات وإدارة القمر، يعمل الطرفان على معالجته وديّاً خلال فترة ثلاثة أشهر، وبعدها، إن لم تعالج المسألة، يُرفع الخلاف إلى محكمة تحكيم مختصّة في القاهرة، تبّت به، وتحدّد غرامة ماليّة، من دون الوصول إلى الحجب.
وفي بيان، أدان اتحاد «الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية» المحاولات الظالمة التي تتعرض لها قناة «المنار»، لإسكات صوتها وصورتها الناصعة (...) في محاولة فاشلة جديدة لطمس وإخفاء الحقائق وتغييب الرأي والنهج المقاوم الذي تمثله القناة. وأعلن الاتحاد تضامنه مع القناة في هذه الأزمة التي ستتغلب عليها كما تغلبت على كل المحاولات السابقة لإطفاء نورها منذ محاكمتها في فرنسا، ومنع بثها على الأقمار الأوروبية وقصف مبانيها واغتيال صحافييها وتصنيفها منظمة إرهابية».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد