«قمة الثماني» : الإلتزام بإيجاد حل سياسي للازمة السورية
خرج قادة مجموعة الثماني من قمتهم في ايرلندا الشمالية، أمس، باتفاق الحد الأدنى من التوافق بشأن الأزمة السورية. لكن التدقيق في تفاصيل البيان الختامي، يظهر ما يبدو انه نجاح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فرض ايقاع الحل السياسي على القمة التي اكدت سلسلة مواقف تعكس تغييرا ما في اللهجة الغربية من الازمة، سواء من خلال التأكيد على دعم عقد مؤتمر «جنيف 2» بأسرع ما يمكن، او في تجنب الاشارة الى مصير الرئيس السوري بشار الاسد سواء في المرحلة الحالية او خلال الفترة الانتقالية الموعودة، والتأكيد في المقابل على ضرورة ان «يسمح المؤتمر الدولي بقيام حكومة انتقالية تتشكل بالتوافق المشترك» بين الحكم والمعارضة.
وكان البارز ايضا في البيان الختامي لاجتماع القادة، الذي عقد على مدى يومين، هو دعوتهم السلطات السورية والمعارضة إلى «الالتزام معا خلال مؤتمر جنيف بالقضاء وإبعاد كافة التنظيمات والأفراد التابعين للقاعدة من سوريا»، وتأكيدهم ضرورة الحفاظ على القوات العسكرية وأجهزة الأمن في أي ترتيب مستقبلي.
وبعد يومين من المحادثات الشاقة خرجت «الثماني» باتفاق يمكن وصفه بالحد الأدنى حول سوريا، وترك كافة المسائل الأساسية لتسوية النزاع عالقة. ويعكس البيان مع صيغته الفضفاضة والغامضة الخلافات العميقة بين موسكو والدول الغربية الداعمة للمعارضة السورية. كما اغفل البيان الختامي الاتهام الغربي للسلطات السورية تحديدا باستخدام السلاح الكيميائي، ودانوا استخدامه بشكل عام من اي طرف. كما برزت تصريحات من بينها للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي قال انه «يرحب» بمشاركة ايران في مؤتمر جنيف.
وقال زعماء الدول الثماني، وهي الولايات المتحدة واليابان وكندا وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، في البيان، «نبقى ملتزمين بإيجاد حل سياسي للازمة»، مشددين على تصميمهم على تنظيم مؤتمر «جنيف 2 في اقرب وقت»، موضحين أنه ينبغي لهذا المؤتمر، الذي سيضم ممثلين عن السلطات السورية والمعارضة، أن يسمح بقيام «حكومة انتقالية تتشكل بالتوافق المشترك وتتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة»، من دون أي ذكر لوضع الأسد في المرحلة الانتقالية.
وأضاف البيان «إننا قلقون جدا للخطر المتنامي للإرهاب والتطرف في سوريا، وكذلك الطابع المذهبي المتزايد للنزاع. اننا ندعو السلطات السورية والمعارضة إلى الالتزام معا خلال مؤتمر جنيف بالقضاء وإبعاد كافة التنظيمات والأفراد التابعين للقاعدة من سوريا». وشدد على ضرورة الحفاظ على القوات العسكرية وأجهزة الأمن في أي ترتيب مستقبلي. ودان «أي استخدام للأسلحة الكيميائية في سوريا»، مطالبا بدخول بعثة تحقيق للأمم المتحدة إلى الأراضي السورية.
وقال رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون، الذي استضافت بلاده القمة، انه «لا يمكن تصور أن يمارس الأسد أي دور في مستقبل بلاده». واقر بان «التوصل إلى اتفاق لم يكن أمرا سهلا»، مشيرا إلى محادثات «صريحة» بين القادة.
واستطاع بوتين الوقوف بوجه الضغوط الغربية، مجبراً زعماء الدول الأخرى في مجموعة الثماني على تغيير لهجتهم إزاء الأزمة السورية، رافضا محاولاتهم إقناعه بقبول أي شيء يشير ضمنا إلى تنحي الأسد. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن «روسيا لا تريد أن يتناول البيان هذا الموضوع لأنه من شأن ذلك أن يخل بميزان القوى السياسية».
ودافع بوتين عن إرسال موسكو أسلحة إلى السلطات السورية، موضحا أن روسيا لا تستبعد إرسال شحنات أسلحة جديدة. وحذر الدول الغربية من مخاطر تسليح المعارضة السورية، موضحا «أود أن أشير إلى أن هناك عددا كبيرا من المجرمين بين صفوف المعارضة السورية القادرين على ارتكاب جرائم وحشية مثل تلك التي وقعت في لندن» في إشارة إلى ذبح جندي بريطاني مؤخرا.
من جهته، أعلن هولاند أن مشاركة نظيره الإيراني حسن روحاني في مؤتمر «جنيف 2» ستكون «موضع ترحيب إذا كانت مفيدة».
واعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما انه من المهم بناء معارضة قوية في سوريا يمكنها العمل بعد «خروج» الأسد من السلطة. وشكك، في مقابلة مع شبكة «بي بي اس»، في جدوى إقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا أو أي عمل عسكري أميركي كبير آخر. وقال «الواقع أن 90 في المئة من القتلى لم يسقطوا بسبب الضربات الجوية التي شنها سلاح الجو السوري». وأضاف «سلاح الجو السوري ليس جيدا بالضرورة، لا يمكنه التصويب بشكل دقيق جدا»، مشيرا إلى أن معظم التحركات تتم «على الأرض».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد