«نحن نحبكم.. فكيف تكرمون قاتلنا؟»
«أتكرّمونه لأنه يقتل أطفال فلسطين؟». هذه الكلمات هي موجز رسالة احتجاج، يبعثها شباب فلسطينيون من غزة، عبر فيلم قصير، إلى نادي برشلونة. الفيديو الذي رفع أخيراً على موقع «يوتيوب»، يأتي رفضاً لدعوة النادي للجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، لحضور مباراته مع نادي ريال مدريد الأحد المقبل. العمل قام على فكرة ليحيى زين الدين، وتصوير ابراهيم مقبل وجهاد مدهون، مونتاج وغرافيك محمد عودة، وهو إنتاج شبكة «النورس» الإخبارية.
الفيلم الذي تمّ تصويره على أحد شواطئ غزة، يروي حكايته من دون كلام. فالقصة لا تحتاج لأكثر من عين لا تضيق، حين يتعلق الأمر بالفلسطينيين وأوجاعهم. هنا على بحر غزة، ثمّة أطفال يحبون النادي الإسباني، يلبسون قمصانه التقليدية الشهيرة، ويخوضون مباراة الكلاسيكو، شبيهة بتلك التي سيشهدها الجندي الإسرائيلي شاليط، ويدافعون عن شرف النادي في مواجهة نده ريال مدريد.
يخوض أطفال فلسطين مباراتهم الساخنة باسم نادي برشلونة. وتختلط أعلام النادي الإسباني، بأعلام فلسطين، يجمعهما عشق الأطفال للنادي، ويلفهما معاً هتافاتهم التشجيعية. إلا أن المشهد السعيد سرعان ما يخترقه ما يفسده. إذ تتقدم دبابة سيخبرنا معدّو الفيلم أنها تعود لشاليط. قذيفة واحدة من دبابة شاليط كانت كفيلة بأن تجعل الأطفال جثثاً تحاصرها النيران. قذيفة واحدة تطلق صفارة النهاية. من أطلقها؟ شاليط؟ أم أحد رفاقه الذين سيجلسون الأحد المقبل يترقبون شاليط، ويدعون أن تلتقطه الكاميرا بين الجمهور. قتلة يترقبون القاتل، لا يجمعهم مع ضحيّتهم التي خلفوها وراءهم في غزة سوى عشق برشلونة.
يتماهى الفيلم مع موجة الرد الفني بشكل حضاري على الإساءات التي طالت العرب، سبق وشاهدنا أفلاماً وسمعنا أغنيات في هذا السياق. إلا أن الفيلم/ الرسالة، وإن بدا أبسطها تنفيذاً، إلا أنه أقلّها ادعاءً. فهو يخرج من غزة التي أسرت شاليط على أراضيها. وهذا الـ«شاليط» لم يكن في نزهة على شواطئ غزة حين تم أسره. وأن يأتي الرد من غزة، وبهذا الشكل، فذلك أصدق تعبير على أن الفلسطينيين لن يعدموا الوسيلة في الاحتجاج على هذا العالم الذي ينظر بعين واحدة إلى القضية الفلسطينية، فلا يساوي بين القاتل والضحية وحسب، وإنما يقدم القاتل أحياناً. وها هم صناع الفيلم يردّون على سوء تقدير النادي الإسباني بروح رياضية، وبمختصر مفيد يقول: «نحن نحبكم.. فكيف تكرّمون قاتلنا؟». الفيلم نفذت بطاقات ومقدرات بسيطة، لهذا قد يبدو مليئاً بالعثرات لناحية التقنية والصورة، لكنّه رسالة سيكون من الصعب على العالم ألا يسمعها.
ماهر منصور
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد