أسرار المنازل من نفاياتها فهل هي عبء أم تجارة رابحة؟

14-07-2008

أسرار المنازل من نفاياتها فهل هي عبء أم تجارة رابحة؟

تتبعثر القمامة المنزلية في كل مكان وفي اغلب الاحيان لاتستطيع البلديات الوصول اليها، اما المواطنون فهم مهملون، وبعضهم لايكترث يرمون نفاياتهم من الطوابق العليا لابنيتهم، او عند زاوية الشارع او قرب الحاويات لايهم!! المهم أنهم تخلصوا منها.

وهكذا تبقى أكوام القمامة وتزداد سماكةً فتنشر معها الأمراض والحشرات والقوارض لتعود ثانية الى المنازل، او لتكون مكاناً يلعب به الاطفال او تجارة رابحةلنا بشي القمامة. ‏

ومايثير الانتباه ان كميات النفايات المنزلية تزداد يوماً بعد يوم فهل هذا دليل بذخ وترف وان باستطاعة كل أسرة ان تؤمن احتياجاتها وبشكل يفيض عنها أم على العكس من ذلك فهو دليل جهل وقلة وعي وان الكثير من الاسر تشتري وتقتني مايزيد عن حاجتها وبالتالي فإن مصيره سلة المهملات؟!! ‏

- تشمل النفايات المنزلية كميات كبيرة من الملوثات وقد تكون مكونة من بقايا الطعام والنفايات الورقية والنفايات السائلة والخطرة او المنظفات السائلة او الصلبة والتي قد تفسد نظام الصرف الصحي عن طريق قتل الكائنات الحية الدقيقة التي تحلل مياه الصرف الصحي او تلوث المياه الجوفية وكذلك هناك الزيوت المستعملة التي تلقى في المجاري. 

وبشكل عام ،تفرز النفايات المنزلية الى ثلاثة انواع هي المواد القابلة لاعادة التدوير والتي تحول الى منتجات جديدة والمواد العضوية التي تحول الى أسمدة تستعمل في التربة الزراعية والمواد التي لاتصلح لاعادة الاستعمال ولايمكن معالجتها. ‏

اذاً النفايات تحتوي بقايا الطعام و الورق والكرتون والبلاستيك والخشب والزجاج والمعدن وغيرها. ‏

- المرأة صاحبة الأمر والنهي في منزلها، كلمتها مسموعة والبيئة منها مسؤولة والموارد الطبيعية في يديها أمانة، فالمرأة تدير الشؤون الاقتصادية المنزلية وهي التي تتعامل مع الموارد الطبيعية كالماء والكهرباء والغذاء، واذا كانت تتحلى بالوعي فإنها ستبادر الى الترشيد وتقليل المخلفات المنزلية الى أقصى حد، ومن ثم نقل افكارها وخبرتها الى بقية افراد الاسرة لانها البوصلة الحقيقية للحد من استنزاف الموارد وحماية صحة أسرتها وبيئتها. ‏

فالمنزل هو البيئة الاهم للانسان لذلك كان التوجه للمرأة لاكسابها المعرفة والمهارة اللازمة للتعامل الامثل مع الموارد والبيئة، فعندما يكون المنزل نظيفاً فإن المحيط سيكون كذلك. ‏

ومن هنا، فإن من يجد المخلفات المنزلية عبئاً يجب التخلص منه بسرعة، يجدها البعض الاخر من الناس فرصة مهمة للابداع واعادة الاستعمال بدلاً من دفع مصاريف جديدة، فعند القيام بالاعمال المنزلية او اثناء لعب الاطفال قد تكسر بعض الاواني الزجاجية او التحف وطبعاً يشكل هذا الامر بالنسبة للبعض ازعاجاً، ولكن بعضهم الاخر يستفيد من القطع المتناثرة لتشكيل لوحات فنية، بل واقامة معارض والامر لايقف هنا فالاقمشة القديمة والملبوسات التي استغنت عنها الاسرة قد يتم تحويلها الى مفروشات وبسط ووسادات، وهكذا فإن لكل شيء اهميته اذا عرفنا كيفية توظيفه واستخدامه. ‏

فمجتمعنا من حيث ندري او لاندري يسهم في خلق ازمات بيئية اضافية وخير دليل هو الكميات المتزايدة من النفايات، وطبعاً باستطاعة الانسان ـ لو اراد ـ التقليل منها . ‏

- باستطاعة اية أسرة المساهمة بشكل فعال في الاقلال من كميات النفايات من خلال شراء منتجات تدوم طويلاً بدلاً من منتجات ترمى بعد كل استعمال واختيار بضائع مغلفة تغليفاً بسيطاً، والابتعاد او الاقتصاد في استعمال الاكياس البلاستيكية وعدم هدر الورق واصلاح أثاث المنزل قبل الاستغناء عنه واذا كان للبيت حديقة فمن الافضل عدم رمي بقايا الخضار في سلة النفايات بل يمكن وضعها في حفرة الحديقة وتغطيتها لتتحول الى سماد طبيعي. ‏

ويمكن صنع او شراء اكياس من القماش للتبضع كما كان يفعل الاجداد، اي باختصار لابد من تغيير نمط الاستهلاك كالعادات غير السليمة مثل طبخ كميات من الاطعمة او شراء اطعمة قد لايستهلكها الانسان وتأخذ طريقها الى النفايات، وتجنب شراء الاكواب والملاعق والصحون البلاستيكية والورقية التي لايمكن استعمالها ثانية. ‏

والسؤال لماذا نشتري مالانحتاج؟ ولماذا لانعيد استعمال مالدينا قبل ان نقرر رميه، ولكن للاسف نحن مجتمع نرمي اي شيء سواء كان صالحاً للاستعمال أم لا... دون التفكير بصيانته ودون الاهتمام ان هناك أناساً قد يكونون بحاجة لهذه الاشياء ولايستطيعون الحصول ربما على لقمة العيش. ‏

- تختلف كمية النفايات المنزلية من مكان الى آخر ومن فصل إلى فصل حيث تصل النفايات اقصاها في الصيف لتزايد عدد السكان والمصطافين وكثرة الخضراوات والفواكه، وللنفايات المنزلية صفات رئيسة فهي تحتوي على مواد سامة وتسبب الروائح وتكون على شكل مواد صلبة او سائلة او غازية، وللنفايات المنزلية وماينجم عنها كيس واحد توضع به فالفرز اوفصل النفايات غائب، تماماً في بلادنا، ولو كان موجوداً لعمت الفائدة، فالمواد لاتختلط مع بعضها، فالورق وحده وكذلك الزجاج والالمنيوم والبلاستيك والحديد والمواد العضوية، وهنا تتم الاستفادة منها في اعادة التدوير ويعرف التدوير بانه عدة عمليات مترابطة تبدأ بتجميع المواد التي يمكن تدويرها ثم فرزها لتصبح مواد خاماً صالحة للتصنيع وتحويلها الى منتجات قابلةللاستخدام والتدوير، مايؤدي الى التقليل من اعتماد المصانع على المواد الطبيعية كخامات اساسية لمنتجاتها وبالتالي عدم استنزاف الموارد الطبيعية، اضافة الى التخلص من النفايات وعدم تراكمها. ‏

- بلادنا ليست الوحيدة التي تعاني من مشكلة النفايات، فدول العالم لديها معاناتها أيضاً من حيث قلة مساحات الردم وغيرها، لذلك كان الحل الأمثل لديها بالاتجاه الى تقليل النفايات وتدويرها أو تحويله الى سماد أو حرقها للحصول على الطاقة. ومن الضروري إيجاد مشاريع متخصصة لاكتشاف امكانية الاستفادة من مواد النفايات لاستخراج الطاقة من الكتل الحيوية للاستفادة منها في المناطق التي تعاني من شح مصادر الطاقة وقد ركزت الدراسات على انتاج الغاز من مخلفات الحيوان والانسان والدواجن والمخلفات الزراعية، فالحصول على الطاقة من النفايات هدف اقتصادي مهم فضلاً عن التخفيض في حجم النفايات، وتعتمد كمية الطاقة المنتجة على مكونات النفايات ونسبة الرطوبة والطاقة الحرارية الكامنة وتتراوح نسبة المواد القابلة للاحتراق في النفايات بين 70 ـ 80% من وزن النفايات وعادة تستخدم طاقة النفايات لأغراض التسخين وتوليد الكهرباء. ‏

- ‏ تزداد المخاطر الصحية والبيئية الناتجة عن سوء ادارة النفايات الصلبة وهذا يؤدي الى انتشار الأمراض، فبعض النفايات المنزلية خطرة اذا ألقيت في الحاويات دون معالجة مثل البطاريات المحتوية على عناصر سامة تلوث التربة والماء وتؤذي الانسان، وكذلك المنظفات الكيماوية حيث تنتقل سمومها الى الانسان عن طريق المياه السطحية أو الجوفية ومن ثم النبات والانسان، أو عن طريق الملامسة المباشرة لبعض الملوثات وتزداد حدتها بازدياد كمية السموم وفترة التعرض لها، وهذه الأعراض تسبب تلفاً للجهاز العصبي والكبد واصابة جهاز المناعة وفقر الدم وضعف الشهية وضعف المفاصل. ‏

وهكذا فالقمامة أحد المصادر الرئيسة لتلوث البيئة وانتشار الأمراض اذ تحتوي الكثير من المواد العضوية التي تتوالد بها الميكروبات وتعد مرتعاً خصباً لتوالد الحشرات الناقلة للأمراض والمهددة لصحة وحياة الناس، ومن هذه الحشرات الذباب والصراصير والبعوض والفئران. ‏

والأضرار الصحية الناتجة عن النفايات لا تقتصر على الأمراض التي تنقلها الفئران أو الحشرات بل هناك أضرار تتمثل بتلوث الهواء نتيجة الغازات المنبعثة من النفايات، كما ان محتويات النفايات السائلة تصل المياه الجوفية فتلوثها وتلوث معها التربة والنبات. ‏

‏ - لاتزال النظرة السائدة حتى الآن ان النفايات لا قيمة لها، لكن لمن يعرف كيف يستفيد منها فإن لها قيمة كبيرة ونافعة من خلال إعادة تدويرها واستعمالها وتحويلها الى مواد جديدة، وهذا لن يكون إلا من خلال تعاون المواطن ووعيه وتصديه لمشكلة النفايات، بداية من التقليل من حجمها عبر ادارة رشيدة ضمن المنزل وشراء الاحتياجات الهامة فقط والتي يمكن استخدامها أطول فترة ممكنة، واعادة تدوير ما هو موجود من أقمشة وألبسة وحاجات أخرى قبل التفكير بالتخلص منها، وبعد ذلك تأتي عملية الفرز ضمن المنزل على الأقل فيمكن وضع النفايات الورقية بعيداً عن الخرداوات والحديد والألمنيوم وبالتأكيد بعيداً عن بقايا الأطعمة والخضراوات وهذا يعني شيئين أساسيين أولهما سهولة اعادة التدوير وثانياً عدم عبث نابشي الحاويات بالقمامة وبعثرتها في الشوارع. ‏

وبعد كل هذا ،لابد أن نسأل ماهو دور القطاع الخاص في استثمار وتدوير النفايات وهل يلاقي التشجيع اللازم في بلادنا، أم يتم وضع العراقيل في طريقه؟ نعتقد أننا بحاجة الى كل جهد ومساهمة لحل مشكلة كبيرة من مشاكلنا البيئية وهي النفايات، فماذا فعلنا بهذا الشأن؟!! ‏

سناء يعقوب

المصدر: تشرين


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...