أوروبا لإسرائيل: استئناف المفاوضات أو عقوبات
ما إن نالت الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو الثقة من الكنيست، بغالبية 61 مقابل 59، حتى انطلقت الإشارات الدولية بأن ما كان لن يكون.
فقد أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أن في الحكومة الإسرائيلية الجديدة وزراء لا يؤمنون بحل الدولتين، وأن تحقيق السلام بات أبعد. أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فشدد على أن استمرار الحكومة الجديدة في حث الاستيطان يسرِّع الخطوات الفلسطينية نحو تدويل الصراع. لكن الأوروبيين، الذين ضجروا من استمرار الأزمة الدولية بجوارهم، صاروا يطلقون علناً التهديد: استئناف المفاوضات أو فرض العقوبات.
وعلى خلفية نيل حكومة نتنياهو الرابعة الثقة من الكنيست، أعرب الرئيس الأميركي عن تشاؤمه بشأن فرص السلام في الشرق الأوسط، حينما رد على سؤال في مؤتمره الصحافي الذي عقده مع قادة الدول الخليجية. وأشار أوباما إلى أن «حل الدولتين إلزامي تماماً»، لكنه قال إن اتفاق السلام بين الطرفين «يبدو بعيداً حالياً»، مشدداً على أن عدداً من وزراء حكومة نتنياهو لا يؤمنون بحل الدولتين.
وأكد أوباما أنه بقي على موقفه بأن السبيل لاتفاق ملزم بإنشاء دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، هو ما يضمن بصورة أفضل أمن إسرائيل على المدى البعيد. وقال، في منتجع كامب ديفيد حيث أبرمت اتفاقية السلام الأولى بين مصر وإسرائيل في العام 1978، إنه يعلم «بتشكيل حكومة يوجد فيها أعضاء لا يؤمنون بالضرورة بحل الدولتين، لكن هذه تبقى الفرضية الأساس عندي.. ولأننا في كامب ديفيد ينبغي لنا أن نتذكر المصاعب الهائلة في التوصل إلى اتفاق سلام. فالأمر تطلب رؤيا، شجاعة واختيارات صعبة، انتهت باتفاق سلام قابل للحياة بين دول متعادية بمرارة، وهو ما حسَّن مكانة إسرائيل. وأعتقد أن الشيء نفسه مطلوب إذا أردنا التوصل لاتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين». واعترف أوباما بأن فرصة تحقيق ذلك «تبدو حالياً بعيدة، ولكن دوما من المهم أن نتذكر ما هو الصحيح وما هو الممكن».
وكان عباس أعلن، في خطابه السنوي في ذكرى النكبة الفلسطينية، أن عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات مشروطة بثلاث نقاط أساسية: وقف البناء في المستوطنات، الإفراج عن أسرى ما قبل أوسلو وإجراء مفاوضات متواصلة لنصف عام تنتهي بتحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال حتى نهاية العام 2017.
وأضاف عباس أن كل مشاريع الحكومات الإسرائيلية لدفن القضية الفلسطينية باءت بالفشل، و «الرد يوجد لدى حكومة إسرائيل، وإذا واصلت هذه الحكومة الاستيطان كما شهدنا في الأعوام الأخيرة، فإننا سنواصل بالمقابل خطوات تدويل الصراع مع كل ما يترتب على ذلك». وأوضح أن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن أراضيه وعن حقوقه، وأن ما حدث في العام 1948 لن يتكرر أبداً. وشدد على استمرار المقاومة الشعبية، وعلى فضح أعمال إسرائيل أمام الأسرة الدولية.
وأشارت صحف إسرائيلية إلى أنه مع تشكيل الحكومة الإسرائيلية عادت الأسرة الدولية إلى الاهتمام بالمسألة الفلسطينية. ومن المقرر أن تصل وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فدريكا موغيريني إلى تل أبيب الأسبوع المقبل للقاء كبار المسؤولين الإسرائيليين، بعيد الوصول إلى رام الله للقاء المسؤولين الفلسطينيين. وستقدم موغيريني تقريراً حول نتائج زيارتها هذه إلى مؤتمر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي سيعقد بعد عشرة أيام. ومعروف أن عدداً من وزراء الخارجية الأوروبيين سيصلون هذا الشهر إلى المنطقة، وبينهم وزير الخارجية النروجي يورغا برندا ووزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير.
ويسود اعتقاد في إسرائيل أن الغاية من زيارات موغيريني ووزراء الخارجية الأوروبيين هي الوقوف على مدى استعداد نتنياهو للتوصل إلى اتفاق بشأن إقامة دولة فلسطينية. وتولدت هذه الرغبة بعد التصريحات التي أطلقها نتنياهو أثناء حملته الانتخابية حول تعهده بعدم إنشاء دولة فلسطينية في ولايته. وتُبذل جهود في أوروبا من أجل اتخاذ قرارات جوهرية تجاه الصراع العربي - الإسرائيلي. وهناك إشارات إلى أن البرلمان الأوروبي سيبدأ هذه الخطوات، على أن يليها اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد. وتتضمن هذه الخطوات معاقبة إسرائيل بأدوات اقتصادية وديبلوماسية إذا لم تستأنف العملية السياسية مع الفلسطينيين. ولا يخفي الاتحاد قناعته بأن المسؤولية الأساسية عن ذلك تقع على عاتق إسرائيل، التي عليها أن تتحمل الجزء الأكبر من الضرر إذا لم تستأنف العملية.
ويتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً يرى أن «تطوير العلاقات بين الاتحاد وكل من إسرائيل والفلسطينيين يرتبط بمدى التزام كل منهما بالعملية السلمية». ولهذا فإن هناك من يعتقد أنه تم في مقر الاتحاد في بروكسل تجهيز «ملف عقوبات» ضد إسرائيل بناء على طلب البرلمان الأوروبي وموغيريني، وأن النقاش حول هذا الملف مؤجل إلى ما بعد انتهاء زيارتها إلى إسرائيل.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد