إسرائيل تشترط على سوريا قطع علاقاتها مع إيران وحزب الله وحماس
عبر وزير الخارجية التركي علي باباجان عن تفاؤله إزاء المفاوضات السورية - "الإسرائيلية" غير المباشرة في اسطنبول، وقال إنها ستستمر بشكل دوري بعد اتفاق الطرفين على قاعدة مشتركة للحوار برعاية تركيا.
جاءت أقوال باباجان في تعليقه على الجولة الأولى من المفاوضات التي بدأت الاثنين وانتهت الأربعاء بإشراف مستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية التركية البروفيسور أحمد داوود أوغلو والسفير التركي السابق في "إسرائيل" كاموران سينيرلي أوغلو.
وقالت شبكة "سي.إن.إن" الإخبارية الناطقة بالتركية في وقت سابق، أمس، إن رئيس الوفد السوري رياض داودي المستشار القانوني لوزارة الخارجية السورية غادر تركيا الليلة قبل الماضية من دون الرد على أسئلة الصحافيين.
وتوقعت مصادر دبلوماسية للوفدين السوري و"الإسرائيلي" أن يلتقيا بداية الشهر المقبل في اسطنبول من جديد لمتابعة الحوار والاتفاق على قاعدة وآلية دائمتين للمفاوضات التي تريد لها "إسرائيل" أن تكون مباشرة وعلى مستوى عال، وتشترط دمشق لذلك إعلان "إسرائيل" عن تعهد رسمي بالانسحاب التام والكامل من الجولان.
وتتوقع المصادر الدبلوماسية لأردوغان أن يجري قريبا اتصالات هاتفية مع الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء "الإسرائيلي" أيهود أولمرت مع احتمالات زيارة المستشار أحمد داوود أوغلو لكل من "إسرائيل" وسوريا وربما عواصم عربية واللقاء بقيادات "حماس" وحزب الله أيضا.
واتفق رأي مسؤولين "إسرائيليين" وعدد كبير من المراقبين المحليين على أن الطريق للسلام ما تزال طويلة فيما شكك بعضهم بنوايا أولمرت ودوافعه.
وفي حين أكد مستشارا رئيس الحكومة "الإسرائيلية" يورام توربوفتش وشالوم تورجمان في لقائهما مع اولمرت بعد عودتهما مساء الأربعاء من انقرة أن المحادثات مع الجانب السوري كانت إيجابية، واقترحا مفاوضات مباشرة في غضون فترة قصيرة، رشت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، الماء البارد على أحاديث التسوية الساخنة مع سوريا، وحددت أفقها حيث ترى أن هذا منوط بتخلي الأخيرة عن علاقاتها مع إيران وحزب الله و"حماس".
وقالت ليفني إنها بين "الداعمين لسلام" مع سوريا لكن تحقيق هذا السلام في ظل العلاقات القائمة حاليا بين سوريا والأطراف الثلاثة التي تطلق عليها "إسرائيل" "محور الشر"، سيواجه برأي ليفني عقبة أساسية.
وقلل وزير الحرب إيهود باراك أيضا من حظوظ التقدم على المسار السوري ودعا لإبداء اليقظة، موضحا أن "السلام" يتحقق من منطلق القوة الذاتية. وأضاف "يعرف الطرفان أن عليهما تقديم تنازلات موجعة لكن الطريق إلى السلام ما زال طويلاً".
وحدد باراك الهدف من هذه الخطوة قائلاً إنها تهدف إلى إخراج سوريا من دائرة العداء، معتبراً أنها خطوة مهمة لكنها ليست جديدة بالنسبة ل"إسرائيل".
وقال حاييم رامون النائب الأول لرئيس الوزراء "الإسرائيلي" إن "إسرائيل" مستعدة لتقديم ما سماه "تنازلات" مؤلمة من أجل تحقيق السلام مع سوريا، غير أنه لا يمكنها أن توافق على مواصلة دعم حكومة دمشق لحزب الله وحماس واستمرار كون سوريا حليفاً رئيسياً لإيران.
وقال مراقبون "إسرائيليون" إن خطوة أولمرت تعتبر هروباً للأمام حيث إن المسار السوري يأتي بعد تعثر المفاوضات "الإسرائيلية" - الفلسطينية. واعتبروا أن أولمرت يسعى من خلال المسار السوري إلى تعزيز مكانته محليا، وشكك المراقبون في قدرة أولمرت على المضي في هذا المسار في ظل شعبيته المتهالكة وضعف حكومته وقضايا الفساد التي تحوم فوق رأسه.
وقال المحلل الحزبي حنان كريستال في تصريح للإذاعة العبرية أمس إن مناورة سياسية شخصية تقف من خلف الإعلان عن تطورات في المسار السوري تهدف إلى مد عمر حكومة أولمرت. ورأى المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" والباحث في معهد دراسات الأمن القومي في "جامعة تل أبيب" ألوف بن، أن القاسم المشترك بين الزعماء الثلاثة، أولمرت والأسد ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، أن جميعهم يخضعون لتحقيقات "من شأنها أن تضع حدا لمستقبلهم السياسي". كما اعتبر بن أن الشبهات ضد أولمرت في التحقيق الجديد هزيلة بالمقارنة مع التهم الموجهة لشريكيه في العملية السياسية، وفق رأيه.
رغم ذلك، قال بن، إنه من الخطأ النظر إلى الأمر على أنه مجرد حل لمشاكل الزعماء الثلاثة الشخصية، معتبراً أنه توجد لسوريا و"إسرائيل" مصالح استراتيجية بالغة الأهمية. وبحسب بن فإن "إسرائيل" قد تقرر خلال الشهور المقبلة مهاجمة إيران واجتياح قطاع غزة، وفي كلتا الحالتين من الأفضل لها أن تقف سوريا على الحياد.
كذلك ترى "إسرائيل" بنظر بن، أن دخول سوريا في محادثات سلام من شأنه أن يؤثر في حركة "حماس" لكي توقف إطلاق النار في القطاع وسيسحب من تحت أقدام حزب الله ركيزته الأساسية. وفي هذه الحالة سيصبح الأمر أسهل على أولمرت لكي يصدر أمرا لسلاح الجو "الإسرائيلي" بمهاجمة إيران.
ورأى بن في سياق تعداد المصالح السورية أن دمشق تريد استعادة سيطرتها على لبنان، من خلال استغلال مكانة الرئيس الأمريكي جورج بوش المتردية في العالم مع اقتراب نهاية فترة ولايته. وأضاف أن السوريين يفضلون أن تقف "إسرائيل" على الحياد ولا تعرقل خطواتهم وأن تحيّد تدخلا أمريكياً محتملا لإنقاذ حكومة فؤاد السنيورة في بيروت".
وخلص إلى أن كل ما تقدم لا يعني أن الجانبين سيتوصلان إلى سلام وإنما يؤكد وجود مصلحة لبدء محادثات وحسب. من جانبه نفى المحلل الاقتصادي- السياسي في صحيفة "يديعوت"، سيفر بلوتسكر، توصل سوريا و"إسرائيل" لما هو حقيقي بسبب ضعف حكومة أولمرت وفقدانها المصداقية.
واستغل اليمين "الإسرائيلي" هذا الجانب ليعزز موقفه الرافض للتسوية مع سوريا والانسحاب من الجولان ليشن معركة داخل "الكنيست" تهدف إلى تشريع قانون يمنع اولمرت من التفاوض على مصير الجولان فيما شرع رؤساء المستعمرات في الجولان بحملة تدعم موقف نواب اليمين، ووضعوا هدفا استراتيجيا بمضاعفة عدد مستوطني الجولان خلال السنتين المقبلتين، فيما أكدوا على تعزيز المشاريع الاستيطانية والسياحية في الجولان.
آمال شحادة- وديع عواودة
المصدر: الخليج
إضافة تعليق جديد