إشكالية التعاون الإسرائيلي – الأمريكي حول سوريا

21-10-2007

إشكالية التعاون الإسرائيلي – الأمريكي حول سوريا

الجمل:   نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً إخبارياً حاول التأكيد بأن ما قامت الطائرات الإسرائيلية باستهدافه في سوريا هو مفاعل نووي قيد الإنشاء، وأشارت الصحيفة إلى  أن المحللين المختصين في أمريكا وإسرائيل والمطلعين على المعلومات أشاروا إلى أن المفاعل الذي كان قيد الإنشاء كان يقوم على غرار النموذج النووي الكوري الشمالي..
* التعاون الإسرائيلي – الأمريكي حول سوريا أبرز الإشكاليات والتساؤلات:
التعاون الإسرائيلي – الأمريكي، في حد ذاته يمثل واحدة من الظواهر الأكثر غرابة في تاريخ العلاقات الدولية، وذلك لأنه:
• تعاون غير متوازن تقدم فيه الولايات المتحدة كل شيء لإسرائيل مقابل الحصول على لا شيء على الإطلاق.
• تعاون مفروض بالإكراه على النخب السياسية الأمريكية الحاكمة، بواسطة "زمر" اليهود الأمريكيين المتغلغلين في عصب أجهزة الدولة الأمريكية أولاً، وثانياً لأن المسئولين الأمريكيين يقعون تحت "إرهاب" فقدان المكانة السياسية بسبب ما يمكن أن يتعرض له مستقبلهم السياسي على يد لوبيات "الزمر" اليهودية إن تجرأ أحدهم على الكلام بما لا يخدم مصلحة إسرائيل..
وبرغم هذه المفارقة، فإن التعاون الإسرائيلي – الأمريكي، وعلى وجه الخصوص في شئون وملفات الشرق الأوسط يجري على قدم وساق بما يكذّب كل الرهانات القائمة على أبجديات نظريات علم العلاقات الدولية..
التعاون الإسرائيلي – الأمريكي الجاري حالياً حول سوريا، هو تعاون، كما تنظر إليه وجهة النظر الإسرائيلية، يرتبط بـ"وجود" إسرائيل، وبمستقبل المشروع الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط، وبمطامح إسرائيل التوسعية، وبكل الأجندة المستقبلية الإسرائيلية.
وتأسيساً على ذلك وبرغم كل الحقائق التي تقول بأن التعاون الإسرائيلي – الأمريكي حول سوريا، يندرج ضمن البديهيات التي يعرفها كل العالم، فإن ثمة أسئلة تطرح نفسها:
• ما هي طبيعة هذا التعاون؟
• ما هي تأثيراته على العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية؟
• ما هي تأثيراته على العلاقات السورية – الأمريكية، والعلاقات العربية – الأمريكية؟
• ما هي حدود وآفاق هذا التعاون؟
• ما هي تأثيراته على الصراع العربي – الإسرائيلي عموماً؟
• ما هي تأثيراته على ملف العلاقات السورية – اللبنانية، والسورية -  العراقية، والسورية – الأردنية، والسورية – السعودية خصوصاً، والعلاقات السورية – العربية عموماً؟
• ما هي تأثيراته على العلاقات السورية – التركية، والعلاقات الإسرائيلية – التركية؟
• ما هي تأثيراته على العلاقات السورية – الإيرانية، والإسرائيلية – الإيرانية، والأمريكية – الإيرانية؟
• ما هي تأثيراته المتعلقة بالبنيان الدولي والإقليمي، والأجهزة الدولية والإقليمية، مثل الحوار المتوسطي، الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، وما شابه ذلك؟
* التعاون الإسرائيلي – الأمريكي: إشكالية المفارقة بين العمق والسطح:
خلال جلسات التفاوض بين الإسرائيليين والمصريين في كامب ديفيد 1978م، طرح المصريون بعض المطالب التي كان مفهوماً لديهم أن الرئيس الأمريكي موافق عليها، استناداً إلى محادثاته مع السادات، وكان المفاجئ للوفد المصري أن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر قام برفع الجلسة، وعاد بعدها رافضاً الاستجابة للطلب المصري، ولاحقاً تحدث الرئيس كارتر مع السادات، قائلاً له بالحرف الواحد: "أنا موافق على ما تطالب به، ولكني مضطر إلى أن أرفض لك ذلك، لأنني لا أستطيع أن أضحي بمستقبلي السياسي!!!".
إن ما أورده الرئيس كارتر يطرح بقوة ماذا يجري في "العمق" بين الإسرائيليين والأمريكيين، والكيفية التي تدار بها أجندة العلاقات "الإستراتيجية" الإسرائيلية – الأمريكية.
وإضافة إلى ذلك، فإن ما يجري في "العمق" يتناقض تماماً مع ما يجري في "السطح"، من تصريحات وتقارير أمريكية تصف العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية بأنها علاقات شراكة، وتعاون مشترك، وتحالف استراتيجي، واهتمامات متبادلة، وبأن إسرائيل تمثل خط الدفاع الأول للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وغير ذلك من الجمل والعبارات التي تحاول إكساء المكانة القبيحة التي لأمريكا في ميزان العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية، والتي تقوم فيها أمريكا بدور التابع المطلق لإسرائيل.. وقد قال الجنرال آرييل شارون بكل وضوح: "نحن نسيطر على أمريكا.. والأمريكيون يدركون ذلك جيداً!!!".
* التعاون الإسرائيلي – الأمريكي إزاء سوريا ديناميكيات الدفع والدفع المضاد:
لا يمكن الإجابة ببساطة على السؤال القائل: مَن الأقوى في رسم التوجهات الأمريكية إزاء سوريا: هل هو تل أبيب أم واشنطن؟
من خلال الوقائع التي جرت قبل بضعة أشهر، برزت بعض التساؤلات حول لماذا لم تتمكن إسرائيل من الدخول في مفاوضات السلام مع سوريا برغم تشدق الزعماء الإسرائيليين المطالبة بالسلام؟، وكانت الإجابة تتمثل في أن الولايات المتحدة قد رفضت الموافقة لتل أبيب الدخول في أي مفاوضات سلام مع سوريا في الوقت الحالي...
ولكن، برغم ذلك، فإن هذه الإجابة الشكلية السطحية تقود في الاتجاه المفضي إلى الإدراك الخاطئ.. حيث يتطلب الوصول إلى الحقيقة طرح سؤال إضافي يقول: إذا كانت واشنطن تطالب الآخرين بالسلام وتدعو لعقد مؤتمرات سلام وتتزعم عملية سلام الشرق الأوسط، فلماذا رفضت الإدارة الأمريكية السماح لتل أبيب بالتفاوض مع سوريا؟ والإجابة على هذا السؤال بالذات يقرر أن الذي يحدد لواشنطن القبول أو الرفض أو التعليق هو "الزمرة" التي أشرنا إليها، والتي تتكون من صقور اليهود الأمريكيين، والتي ثبت أنهم يمثلون قطاعاً واسعاً من صقور الإدارة الأمريكية.. ويمسكون بيد من حديد على دوائر صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية: إذاً، إسرائيل هي الداعي السلام وفي نفس الوقت الرافض للسلام.. أما إدارة بوش فيكفي رئيسها جورج دبليو بوش أن يقوم بدور "الدمية" الإسرائيلية في توجيه الاتهامات والتهديدات التي يلقنها له اللوبي الإسرائيلي من وراء كواليس قاعات المؤتمرات الصحفية في البيت الأبيض الأمريكي..
* التعاون الإسرائيلي – الأمريكي حول سوريا: إشكالية ثلاثية الأمس – اليوم – الغد:
بالأمس كانت أمريكا تقدم لإسرائيل الأسلحة التي تكفل لها التفوق على سوريا البلدان العربية، وتقدم لها المال والدعم السياسي والإعلامي، واليوم تخطت "المكانة" الإسرائيلية حدود المعقول، ولم تعد إسرائيل تقبل بمجرد أن تقدم طلبات المساعدة لأمريكا، حيث استطاعت إسرائيل أن ترتقي إلى "المكانة" الجديدة التي تتناسب مع طبيعة "العجرفة" اليهودية، وذلك عندما أصبحت تسيطر على كامل الإدارة الأمريكية، بحيث لم تعد تسمع عن طلبات مساعدة إسرائيلية يتم تقديمها إلى أمريكا.. وإنما أصبحنا نسمع عن خبراء أمريكيين يعرضون على إسرائيل قبول المزيد من المساعدات..
وعموماً، فإن ملفات التعاون الإسرائيلي – الأمريكي حول سوريا، أصبحت أكثر تعدداً وتعقيداً، بحيث أصبح يظهر كل يوم ملف جديد، فبعد ملف حزب الله، وملف حماس، وملفات الحركات الفلسطينية، وملفات الحرب على الإرهاب، والملف اللبناني، والملف العراقي، ظهر كل من الملف التركي والملف النووي دفعة واحدة، ثم ملف مؤتمر أنابوليس...
وبرغم تعدد الملفات الإسرائيلية – الأمريكية، سوف يبقى الملف السوري واحداً هو: إعادة الجولان المحتل استناداً إلى قواعد ومبادئ وأسس كل القوانين والشرائع الدولية..

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...