ارتفاع حالات الطلاق يؤثر سلباً على البيئة

04-12-2007

ارتفاع حالات الطلاق يؤثر سلباً على البيئة

من يمكنه أن يتخيل نتائج دراسة فريدة من نوعها تربط بين الطلاق والبيئة؟ فقد كنا نعرف أن للطلاق آثار مباشرة على الأوضاع الاجتماعية، ومن ثم على الظروف الاقتصادية للأسرة، ولكن أن يكون لها تأثير على البيئة، فهذا أمر جديد.

ففي أحدث دراسة "علمية" نشرت على الموقع الإلكتروني لجلسات الأكاديمية القومية للعلوم، وهي مؤسسة أمريكية، تبين أن الطلاق يؤثر بشكل سيء على البيئة، بحسب الأسوشيتد برس.

وقال الباحث في علوم البيئة بجامعة ميتشيغان الحكومية، جيانغو ليو: "الأسر المتحدة تستخدم في العادة مواردها بصورة أكثر دقة وفاعلية من الأسر المفككة."

وأوضح ليو أن وجود المزيد من الأسر يعني استخدام المزيد من الأراضي والمياه والطاقة، وهي الموارد الرئيسية الثلاث.

وكشف الباحث أن الأسر التي تضم عدداً أقل من الأفراد لا تكون اقتصادية مثل الأسر الكبيرة، ذلك أن الأسرة، الكبيرة أو الصغيرة على السواء، تستخدم الكمية نفسها من الطاقة أو التدفئة أو التكييف، كما أن الثلاجة تستهلك المقدار نفسه من الطاقة سواء أكانت لشخص واحد أو لأكثر من شخص.

وبالتالي فإن استهلاك شخصين يعيشان منفصلين، عوضاً عن أن يعيشا معاً، يتضاعف، ذلك أنهما مضطران لاستخدام ثلاجتين وغسالتين وجلايتين للصحون بدل أن يستخدما واحدة.

وقال ليو الذي قام بدراسة علاقة البيئة بالعلوم الاجتماعية إن الناس في البداية بدوا مندهشين من نتائج دراسته، غير أنهم لاحقاً اعتبروها بسيطة، مشيراً إلى أن الكثير من الأمور تصبح أسهل وأكثر بساطة عندما يجري بحث حولها.

وقد لا يبدو استخدام طاقة إضافية أو مزيد من المياه أمراً ذا بال، لكن النتيجة التراكمية للأمر تبدو مثيرة.

فعلى سبيل المثال، تشير إحصائيات العام 2005 إلى وجود حوالي 16.5 مليون أسرة أمريكية منفصلة، مقابل 60 مليون أسرة موحدة.

وإذا ما تم حساب ذلك على أساس الشخص الواحد، فإن الشخص في الأسر المنفصلة ينفق شهريا أكثر مما تنفقه الأسرة الموحدة في مجال الكهرباء..

وبعملية حسابية بسيطة، فإن هذا يعني إنفاق 6.9 مليار دولار إضافية سنوياً، بالإضافة إلى 3.6 مليار دولار إنفاق على المياه، إلى جانب تكاليف أخرى، وهذا في الولايات المتحدة وحدها.

وقام ليو بدراسة الأوضاع نفسها في 11 دولة أخرى، مثل البرازيل وكوستاريكا وإكوادور واليونان والمكسيك وجنوب أفريقيا وذلك بين عامي 1998 و2002.

وقال ليو إن العالم يتحدث عن كيفية حماية البيئة ومكافحة التغيرات المناخية، لكن الطلاق يعد عاملاً مهماً جداً يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، مشدداً على أنه لا يدين الطلاق بحد ذاته.

وأوضح الباحث أنه من أجل أن يكون المرء صديقاً للبيئة عليه أن يعيش مع الآخرين، وهو ما سيعمل على تقليل الآثار السلبية على البيئة.

وما حفز ليو على هذه الدراسة هو أنه بينما كان يدرس البيئة في المناطق ذات الكثافة السكانية المتناقصة، لاحظ تزايد عدد المنازل، حتى في المناطق قليلة السكان.

واكتشف أن هناك العديد من العوامل التي تساهم في ذلك، وعلى رأسها الطلاق، ثم التحولات الديموغرافية الأخرى مثل تأخر الزواج لفترات أطول والانتقال إلى منازل أخرى مع زواج الأبناء.

من جهة أخرى كشفت إحصاء صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، عن وقوع حالة طلاق كل 6 دقائق، وأن هناك 88 ألف حالة طلاق تحدث كل عام. ورصدت الإحصاءات 240 حكماً بالطلاق تصدر كل يوم في محاكم الأحوال الشخصية.

وطبقا لأحدث إحصاء سكاني تم إصداره مؤخراً فإن النسبة الأكبر من حالات الطلاق تقع بين المتزوجين حديثاً حيث تصل نسبة الطلاق في العام الأول 34% ، بينما تقل النسبة إلي 21.5 % خلال العام الثاني من الزواج.

وفي تصريحات حذر خبراء من تنامي ظاهرة "الطلاق السريع" مطالبين في الوقت ذاته بالبحث عن سبل سريعة لمواجهتها، وإلا فالبديل هو تفكك وانهيار عشرات الآلاف من الأسر والتي تنتهي أغلبها بالطلاق أو الخلع في محاكم الأسرة وأمام منصة القضاء.

واعتبر د. علي جمعة مفتي مصر تهميش دور الدين في الحياة الاجتماعية، السبب الرئيسي في ارتفاع معدلات الطلاق، حتى صارت أقل مشكلة بين الزوجين تنتهي به ولو كان الأمر مجرد اختلاف في وجهات النظر.

وقالت د.فيروز عمر، طبيبة نفسية ورئيسة جمعية "قلب كبير" المتخصصة في مجال الاستشارات ومشكلات الأسرة والشباب بالقاهرة إن هناك عدة أسباب تقف وراء مشكلة "الطلاق السريع" أولها، إن معنى الزواج ليس واضحاً في ذهن الشباب المقبلين على الزواج سواء كانوا رجال أو فتيات، فالكثير من الفتيات تتخيل إن الزواج هو الجنة الواسعة التي ستهرب فيها من سيطرة الأهل وقيود الأسرة، وكذلك الأمر بالنسبة للشباب الذين ينظرون للزواج بشكل مثالي وأنه مملوء بالرومانسية والهدوء وأن شريكة الحياة هي مخلوق بدون عيوب أو سلبيات.

وتضيف: أما ثاني أسباب "الطلاق السريع" فهو ضعف مستوى الذكاء الاجتماعي عند الكثير من الناس، وهو ما أدى بالتالي إلي ضعف فنون العلاقات الاجتماعية وخاصة العلاقات التي فيها مسئولية، فالأزواج والزوجات ينظرون للعلاقات الاجتماعية بشكل خاطئ تماماً، ولا يعرفون أدني الوسائل لإدارة الحياة والعلاقة الزوجية حتى أنه لم يعد هناك صبر على قبول شريك الحياة أو التفاعل وإقامة حوار بناء معه.
 وتؤكد د.فيروز عمر: إن ثالث وأهم أسباب للطلاق السريع هو الخلط بين المواصفات الأساسية والفرعية المطلوبة في شريك الحياة، فكلا الطرفان يضع عدة شروط ومواصفات يختار على أساسها شريكه، ويفاجأ بعد الزواج أن أغلب هذه المواصفات غير موجودة، فمثلاً الزوج يشترط أن تكون زوجته متدينة ولا يعرف ماهية هذا التدين هل هو الصلاة أم كثرة قراءة القرآن، أم الدعوة إلي الله...الخ، وهناك زوج آخر يشترط الجمال في زوجته ولا يعرف ماهية الجمال هل هو جمال الشكل والمظهر أم الجمال الجسدي أو الحسي أم هو الجمال المعنوي...الخ.

وتشير د. فيروز إلي أن الأمر نفسه بالنسبة للفتيات ليس لديهن مواصفات واضحة في شريك العمل هل تريد زوجا غنيا ولديه رصيد كبير وحسابات في البنوك، أم أنها تريد الزواج من شاب وسيم مرح تقضي معه وقتاً سعيداً، أم أنها تريد الرجولة والشهامة، أو الرجل الذي يشعرها دائما بأنها أنثي ومرغوبة أم تريد الارتباط برجل متدين ..إلي آخر هذه المواصفات.

وتقول: ما يحدث بالضبط هو أن كلا الطرفين أو أحدهما يستيقظ بعد أيام من الزواج على مفاجأة أن الكثير من هذه الصفات غير موجود، ولكن هناك صفات أخري غير الذي كان يفكر فيها وغير الذي تمثل مواصفات أساسية بالنسبة له، فتكون هذه إحدى الشرارات التي يبدأ معها اشتعال نيران الخلافات الزوجية ومن ثم حدوث الطلاق أو الخلع بمرور الوقت.
 وتؤكد د. فيروز في حديثها رابع أسباب الطلاق السريع هو أن الناس أصبحت أكثر تشاؤماً، ولا نؤمن بإمكانية تغيير الطرف الآخر، والصبر والمحاولة في تغيير العيوب الموجودة، فنحن بشر والله وحده هو الكامل، نحن نريد التغيير بدون تعب وبدون مجهود وتحمل، فالعلاقات الزوجية تحتاج إلي الكثير من الجهد حتى يتم تصليح عيوب الطرف الآخر، وأي بيت أو أسرة تبنى على تحمل العيوب قبل الاستمتاع بالمميزات، والأسر السعيدة هي سعيدة بقبول الطرف الآخر ثم محاولة إصلاح عيوبه.

وفيما يتعلق بالحلول المطروحة لمواجهة مشكلة "الطلاق السريع" تقول د.فيروز عمر: الحل الأمثل لهذه المشكلة هو الإعداد المكثف خلال فترة ما قبل الزواج، وهذا الأمر يتطلب تعاون كافة مؤسسات المجتمع من الجمعيات الأهلية الناشطة في المجال الأسري و وتفعيل دور المسجد، والمدرسة، والأسرة فالأب والأم لا بد أن يبذلوا جهدهم في إعداد أبنائهم للزواج من خلال رسمهم صورة أكثر واقعية عن الزواج.

وتضيف: الواقعية هي الكلمة السحرية في الحياة بين الأزواج وهي الحلقة المفقودة دائما في أغلب المشكلات التي تواجهنا، وذلك لأن الشباب يقبلون على الزواج بالخيال وليس الواقع، فالزواج ليس رومانسية فقط وليس متعة فقط ولكنه المسئولية الممتعة.
 من جانبه يرجع د.على جمعة مفتي مصر في حديث السبب وراء حالات الطلاق السريع إلي فقدان الأصول الضابطة التي تحكم العلاقة بين الزوجين، ويؤكد أن أغلب المشاكل الزوجية تبدأ من الاختلاف في وجهات النظر، وكأن كل واحد من الزوجين يفكر بمفرده، وذلك مرجعه إختلاف البيئة الاجتماعية التي نشأ فيها كل منهما، وتحت ضغط أعباء الحياة والمشكلات الأخرى يحدث الطلاق والانفصال.

ويشير فضيلته إلي أن هناك اتجاها لتهميش دور الدين في الحياة وفي العلاقة بين الزوجين، وحدوث أغلب المشكلات الزوجية سببها الرئيسي هو تهميش دور الدين في الحياة الاجتماعية، والحل الأمثل للمعضلات التي تواجهها الأسرة المعاصرة هو تفعيل دور الدين داخل مؤسسة الأسرة، فللدين دور أساسي في الحراك الاجتماعي، وفي المنظومة الاجتماعية لكننا نجهل ذلك.

ويرى د.جمعة إن ما تحتاجه الأسرة والمجتمع بشكل عام هو العودة للأصول في مجال العلاقات الاجتماعية وأول الطرق لذلك هو الاستفادة من آراء علماء الدين الكبار وأهل الرأي في علاج الخلافات الزوجية مثلما كان يحدث قديماً.

ويضيف: نحتاج إلي تكريس دور الدين من أجل الفهم واتخاذ القرار الواعي للعودة إلي الأصول في الحياة والتعامل بين الزوجين، وهذه الأصول لا يمكن الاتفاق عليها إلا عن طريق الدين، وذلك من أجل معرفة العيوب أو الأخطاء التي تحدث وعلاجها حتى لا نصل في النهاية إلي التفكك الأسري والهدم وليس البناء.

المصدر: وكالات
 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...