الإسرائيليون يرون بأن سوريا الأكثر عداء لإسرائيل بين الدول العربية
الجمل: أجرى مركز تامي شتاينميتز لبحوث السلام، وبرنامج إيفنز للوساطة وحل الصراع التابع لجامعة تل أبيب استطلاعاً للرأي، حول إدراك الرأي العام الإسرائيلي لستة دول عربية، هي: سوريا، لبنان، السعودية، مصر، الأردن، والمغرب. وكانت نتيجة الاستطلاع تتمثل في أن 89% من الإسرائيليين يعتقدون بأن سوريا تتميز بمواقفها السلبية إزاء إسرائيل، يليها لبنان بنسبة 75%، ثم السعودية بنسبة 46%، ثم مصر بنسبة 29%، ثم الأردن بنسبة 25%، وأخيراً المغرب بنسبة 19%.
• الرأي العام الإسرائيلي:
أبرز الملاحظات حول نتيجة الاستطلاع:
بالنسبة لسوريا هناك اعتقاد بأن نسبة 89% تعتبر نسبة مخفضة بعض الشيء، ولو تم إجراء الاستطلاع بعد فترة حرب الصيف الماضية بين إسرائيل وحزب الله لكانت النسبة تفوق الـ98%، ولكن تصريحات القيادة السورية المطالبة باستئناف المفاوضات من أجل إحلال السلام قد أدت إلى تخفيض النسبة بعض الشيء، ويعتقد بأن النسبة كان يمكن أن تكون أقل من ذلك بكثير لولا تصريحات بعض القادة الإسرائيليين خلال الأسابيع الماضية بأن سوريا تحشد قواتها لشن الحرب ضد إسرائيل.. أما بالنسبة للبنان، فقد كانت النسبة أقل من ذلك بكثير قبل فترة حرب الصيف الماضية، ولكن هزيمة الجيش الإسرائيلي على يد مقاتلي حزب الله اللبناني في تلك الحرب، أدت إلى رفع النسبة بقدر كبير، وذلك لأن صواريخ حزب الله، إضافة إلى السند الشيعي الذي أصبح يتمتع به في الشارع اللبناني جعلت الإسرائيليين يتملكهم شعور متعاظم بمدى الخطر الذي تمثله المقاومة اللبنانية، والتي لم تعد تكتفي بمواجهة الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية كما كان يحدث في الماضي، بل أكدت بمصداقية عالية قدرتها على تهديد وضرب العمق الإسرائيلي انتقاماً وقصاصاً من الاعتداءات الإسرائيلية، الأمر الذي ترتب عليه اهتزاز ثقة الإسرائيليين في قدرة القوة العسكرية الإسرائيلية في حماية العمق الإسرائيلي وتأمين إسرائيل.
• الجانب الرسمي والمؤسسي الإسرائيلي: الموقف والأداء إزاء سوريا:
تتميز أقوال وأفعال الزعماء الإسرائيليين (داخل وخارج الحكومة الإسرائيلية) إزاء قدرتها الفائقة على تقديم الكثير من الإشارات المختلطة، الأمر الذي ظل يؤدي إلى ظاهرة الرسائل السياسية المتضاربة المضمون، ففي آب 2006م على سبيل المثال، قدم وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي آفي ديختر اقتراحاً يقول بالتفاوض مع سوريا من أجل السلام مقابل إعادة مرتفعات الجولان، وبعد ذلك مباشرة، تصدى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت لنفي هذه الفكرة، وذلك عندما صرح قائلاً: (طوال ما أنا رئيس للوزراء، فإن مرتفعات الجولان سوف تظل وتبقى في أيادينا باعتبارها جزءاً غير منفصل عن دولة إسرائيل).
ونفس الظاهرة حدثت خلال الأسابيع الأخيرة، وهذه المرة من ايهود اولمرت نفسه، فقبل فترة قليلة كان ينفي موضوع الحرب مع سوريا، ولكنه عاد مرة أخرى، متخذاً موقفاً مناقضاً. وفي مقابلة الحكومة الإسرائيلية مع روبرت غاتز وزير الدفاع الأمريكي خلال الأيام الخمسة الماضية، كانت الرسائل الإسرائيلية الرسمية هي: ان سوريا تحضر لمواجهة عسكرية ضد إسرائيل.
وبالمقابل كانت الرسالة الأمريكية للإسرائيليين حول سوريا هي نفس الموقف الأمريكي السابق: ان اسرائيل يتوجب عليها في الوقت الحالي أن تتجنب المحادثات الدبلوماسية مع دمشق، وذلك لأن الرئيس بشار الأسد يخطط لاستخدام هذه المحادثات لتخليص وإخراج سوريا من عزلتها. والمحادثات الإسرائيلية مع دمشق سوف تكون خنجراً في ظهر حكومة فؤاد السنيورة في لبنان.
• أزمة الموقف الإسرائيلي تجاه سوريا:
يقول الصحفي الإسرائيلي زئيف شيف، مراسل صحيفة هآرتس الإسرائيلية، بأنه برغم عدم وجود دليل ملموس، فقد أخبرت إسرائيل الولايات المتحدة بأن دمشق تخطط لحرب شاملة مع إسرائيل، ولكنها –أي إسرائيل- تعتقد بأن دمشق قد توصلت إلى أن إسرائيل قد ترد على الإجراءات السورية، ومن ثم فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى التسبب في اندلاع المواجهة الشاملة.
وأضاف زئيف شيف أن مثل هذا الرد الإسرائيلي يمكن أن يأتي بسبب مساعدة السوريين لحزب الله، أو المنظمات الفلسطينية مثل حماس والجهاد، وفي هذه الحالة لن يكون أمام دمشق من خيار سوى الرد على إسرائيل بعملية مكثفة شاملة.
ويضيف زئيف شيف بأن الحقائق الميدانية على الأرض تشير إلى أن الجيش السوري يقوم حالياً بزيادة استعداداته، وعلى الجانب الآخر يقوم الجيش الإسرائيلي بزيادة استعداداته أيضاً.
وعموماً، يحاول الإسرائيليون طمس الحقائق، فتيار الليكود الديني المتشدد بزعامة بنيامين نتنياهو، والذي يمثل المعارضة في إسرائيل حالياً على الإدارة الأمريكية، وسوف يظل موقف الإدارة الأمريكية الرسمي منسجماً مع موقف تيار الليكود المعارض لحكومة أولمرت.
تحاول الحكومة الإسرائيلية التركيز على الحديث حول سوريا من منظور التحركات العسكرية ودعم حركات المقاومة مثل حزب الله اللبناني والمنظمات الفلسطينية، وتتقصد بذلك تجنب الحديث حول الجوانب السياسية، وذلك لشعور الإسرائيليين بأن الخوض في الجانب السياسي سوف يقود بالمقابل إلى فتح معركة سياسية دبلوماسية مع سوريا، وهي معركة لن تكون في صالح إسرائيل حالياً، خاصة وأن سوريا قد حددت موقفها الرسمي أمام الرأي العام العالمي، والسلطات الأمريكية، والذي يتمثل في المطالبة باستئناف مفاوضات إحلال السلام الشامل في المنطقة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد