البنتاغون يـروّج ثم ينـفي أرجحية الضربـة الإسرائيلية لإيران
قللت مصادر إسرائيلية وغربية في تل أبيب امس، من أهمية الحديث المنسوب لمسؤول كبير في وزارة الدفاع الاميركية حول «ارجحية كبيرة» بان تقدم إسرائيل على ضرب ايران، معتبرة ان الضغط في الموضوع الإيراني الذي بدأ بالكشف عن مناورات جوية ضخمة قبالة اليونان، هو في الأساس سياسي واقتصادي.
وكانت قناة «ايه بي سي» الأميركية نقلت عن مسؤول كبير في البنتاغون، قوله ان هناك «أرجحية كبيرة» بأن تنفذ إسرائيل هجوما على منشآت نووية ايرانية، مشيرا الى أن هذا الأمر مرتبط بقدرة منشأة نتانز على إنتاج كمية كافية من اليورانيوم العالي التخصيب، «وهو أمر مرجح الحصول في وقت ما من العام 2009»، وبموعد حصول إيران على نظام «أس آي 20» الدفاعي الجوي الروسي.
وقد سارعت وزارة الخارجية الاميركية الى انتقاد تصريحات المسؤول في وزارة الدفاع. وقال المتحدث طوم كايسي «ليست عندي معلومات تدعم ذلك واعتقد انه غباء من الناس الذين غالبا لا تكون لديهم معلومات موثوقة عما يتحدثون عنه ان يؤكدوا امورا ولا تكون لديهم اللياقة لعمل ذلك باسمهم».
كما قال المتحدث باسم البنتاغون بريان ويتمان «انا لا اعلق نيابة عن اسرائيل.. سنعالج قلقنا من ايران دبلوماسيا ومن خلال منظمات دولية تستطيع ان تمارس بعض الضغوط لتؤثر على هذه القضية... هذا محور الجهود الاميركية».
وفي تل ابيب، قال دبلوماسي غربي انه من غير المرجح شن أي هجوم اسرائيلي أو أميركي على ايران في الشهور الستة المقبلة «لان الخيار العسكري هو آخر شيء يتعين علينا استخدامه ولن يستخدم بسهولة». واضاف أنه يتوقع ان تتخذ فرنسا التي تولت رئاسة الاتحاد الاوروبي امس، موقفا أشد بشأن طهران لان الرئيس نيكولا ساركوزي يتبنى موقفا قويا ضد ايران.
ورأى الدبلوماسي ان الضغط في الموضوع الإيراني هو في الأساس سياسي واقتصادي. وشدد على انه لا يوجد اجماع في اسرائيل يؤيد شن هجوم، وان الولايات المتحدة ليس من المرجح ان تتخذ اجراء لانها ترى ان البرنامج النووي الايراني لن يصل الى مرحلة اللاعودة قبل نحو عامين. واضاف «لا اعتقد ان يحدث هجوم في الشهور الستة المقبلة».
في موازاة ذلك، اعتبر المراسل العسكري للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، ان اسرائيل ترتاح لمثل هذه التصريحات لأنها تخلق جوا من الإلحاح لدى الرأي العام العالمي ضد الخطر الإيراني. ومع ذلك، فإن رئيس وحدة الأبحاث السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية العميد يوسي كوفرفيسر، رأى ان الغرب يفترض ان إسرائيل ستبعد خطر ايران، وانه يستطيع اتهامها لاحقا بالمسؤولية عن تدهور الأمن العالمي.
وقال المراسل العسكري ان إسرائيل استفاقت من الصدمة التي مثلها تقرير الاستخبارات الأميركية بخصوص وقف المشروع العسكري الإيراني، وان التهديدات الإسرائيلية دفعت واشنطن والغرب إلى التعامل مع إسرائيل بوصفها جهة قادرة على توجيه ضربة، ما يساعدها في الضغط على إيران.
وأشار الى ان إسرائيل لم تخف «المناورة العسكرية الكبرى» الاخيرة قبالة اليونان، والتي جرت بتنسيق مع الإدارة الأميركية واوروبا. وقال ان هذا التنسيق يحاول دفع إيران إلى تليين مواقفها والتراجع عن مخططاتها النووية. ودعا الى رؤية الحركة الأميركية غير المسبوقة في تاريخ العلاقة مع إسرائيل، حيث إن رئيس الأركان المشتركة الجنرال مايكل مولن وصل إلى إسرائيل مرتين في أقل من عام. كما فعل ذلك أيضا قائد الأسطول الأميركي في المنطقة، وقائد الاستخبارات القومية الذي لا يزور دولا كثيرة.
وشدد المراسل على ان فرضية العمل في إسرائيل هي أنه ليس هناك اي فعل إسرائيلي محتمل من دون رد فعل إيراني مباشر أو غير مباشر. وأوضح أن المناورة أثبتت أن مئة طائرة من الصف الأول بالكاد تكفي لضرب هدفين أو ثلاثة أهداف في إيران، والأهم هو واجب التنسيق مع واشنطن ومع دول أخرى قبل أي هجوم.
من جهته، وفي مقابلة مع «يديعوت احرونوت»، قال الرئيس السابق لوحدة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية العميد كوفرفيسر، ان «الغرب يدرك ان إسرائيل تفهم إلحاح الوقت ويعتقد انها ستقوم بالعمل بدلا عنه، وانه في حالة حدوث مواجهة عالمية، يمكن توجيه الاتهام الى إسرائيل».
وحول الخطوط الزمنية الحمراء، قال كوفرفيسر «خلال سنة إلى سنة ونصف السنة، سيكون لدى الإيرانيين ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية.. وبحسب علمنا، فإن الإيرانيين لم يصلوا إلى هذه القدرة ولذلك لم نبدأ في حساب السنة. ومع ذلك، فإنهم يواصلون أبحاثهم من دون عوائق. وهذا أمر أشد تعقيدا والحل الموضعي في نتانز ليس كل القصة رغم أنه مهم جدا».
واعترف كوفرفيسر بان الدفاعات الجوية الإيرانية تشكل عقبة جدية أمام الغارات الجوية «فهي منظومة صاروخية تعرف كيف تدافع ضد الصواريخ والطائرات.. ولدى الإيرانيين حاليا منظومة دفاع جوي لكنها في نظرهم غير كافية.. لذلك من الواضح أن كل زيادة على ما هو قائم تقلص نجاعة الغارة وتزيد العراقيل».
وخلص كوفرفيسر إلى أنه كما تبدو الأمور اليوم، فإن «الإيرانيين متقدمون في لعبة البوكر هذه. والغرب يحاول أن يوضح للإيرانيين كبر الجزرة التي سينالونها إذا أوقفوا مشروعهم، والثمن الذي سيدفعونه إذا استمروا فيه، لكن الإيرانيين لا يؤمنون بأن أحدا سيستخدم العصا ضدهم فعلا».
وكان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية الأسبق الجنرال شلومو غازيت، انتقد اسرائيل لتسريبها بشكل متعمد أو غير متعمد أنباء المناورات. واعتبر ان مراسل صحيفة «نيويورك تايمز» الذي نشر النبأ، استند في كل الأحوال إلى مصدر إسرائيلي سواء كان ذلك من أحد الطيارين أو من جهة سياسية أو عسكرية.
وفي طهران، شدد وكيل قائد قوات الحرس الثوري العميد محمد حجازي على ان استعدادات القوات الإيرانية المسلحة وجهوزيتها «لامحدودة». وأشار الى ان التغييرات التي حدثت في الحرس الثوري كانت «بالتناسب مع التهديدات والأخطار التي يمكن أن تواجهها البلاد»، مؤكدا أنه «من أهم نتائج هذه التغييرات، إيجاد نظام اللامركزية، لانه سيساعد فروع هذه القوى في المحافظات لحل المشاكل باختيارات أوسع».
وجدد وزير الخارجية الإيرانية منوشهر متكي القول إنه لا يعتقد أن إسرائيل قد تهاجم إيران. وقال لقناة «ان بي سي» الأميركية «وضع إسرائيل اليوم لا يسمح لها بالدخول في مغامرة إقليمية». وأضاف «إسرائيل لا تزال تعاني من تبعات حربها الأخيرة على لبنان».
لكن متكي أكد في الوقت ذاته أن بلاده لن تميز بين هجوم إسرائيلي أو هجوم أميركي، وأن طهران ستوفر رداً شاملاً. وقال «يجب أن يكون واضحاً أن على الجهود أن تنصب باتجاه إسرائيل لمنع حدوث تحرك عسكري في المنطقة».
المصدر: أ ف ب
إضافة تعليق جديد